في الثاني من شهر تشرين الثاني 2016، عقد أصحاب السيادة المطارنة الموارنة إجتماعهم الشهريّ في الكرسي البطريركي فيبكركي، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة مار بشاره بطرس الراعي الكلِّي الطوبى، ومشاركة الآباء العامّين، وتدارسوا شؤونًا كنسيّةً ووطنيّة. وفي ختام الإجتماع أصدروا البيان التالي:
1. يهنّئ الآباءُ فخامة رئيس الجمهورية الجديد العماد ميشال عون، كما يهنّئون اللبنانيين، بانتخابه بعد فراغ دام سنتَين وستّة أشهر، ويتمنّون له النجاح في مهمّته الوطنية. وهم يثمّنون الجهود التي بُذلت من قِبل جميع الأفرقاء لوضع حدّ لهذا الفراغ القاتل والذي كان يهدّد بقاء البلاد، فيما الحروب تدوّي على حدودنا والحركات والمنظّمات الإرهابية تتحرّك من حولنا، والاقتصاد الوطني في خطر. إنّ انتخاب الرئيس الجديد اليوم يأتي في لحظة مصيريّة من حياة الوطن، وهو في الوقت عينه مسؤوليّة كبيرة ملقاة على عاتق الرئيس والحكومة العتيدة لمواجهة أولى المهمّات وهي إعادة جمع شمل شَتاتنا الوطني الذي مني لبنان بتبعاته خلال السنوات الماضية. وهذا مسعى يقتضي موآزرةَ جميع اللبنانيّين، ولا سيّما الأحزاب والكتل السياسية، من أجل حياةٍ وطنيّةٍ أفضل وفجر جديد واعد.
2. معروفٌ عن الشعب اللبناني أنّه يأمل دائمًا بغدٍ أفضل بفضل إيمانه. بهذه الروح تحمّل نتائج الفراغ الرئاسي التي كانت وخيمة عليه اقتصاديًّا ومعيشيًّا وإنمائيًّا. فانتعشَ بانتخاب الرئيس وبسماع خطاب القَسَم. فالرئيس الجديد وضع في برنامج عهده ما يصبو إليه اللبنانيون، وهو الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي والإداري، مع تفاصيل مقوّمات هذا الاستقرار المتعدّد الأبعاد. وهم يرجون أن يتحقّق هذا البرنامج بالتعاون مع الحكومة العتيدة والمجلس النيابي وسائر مؤسّسات الدولة.
3. لقد أثبت اللبنانيّون أنّهم متى تحمّلوا مسؤوليّتهم ووضعوا الهواجس الضيقة جانبًا، استهدوا معًا إلى ما فيه خير وطنهم ومستقبله. وتبقى العبرة في الانتقال إلى مرحلة جديدة من الممارسة السياسية تعيد الثقة بلبنان على المستوى الداخلي والإقليمي والدّولي، وتضع مؤسّسات الدولة على السكة السليمة بعيدًا عن المحاصصة والزبائنية والفساد، ما يحقّق الدولة القادرة والقوية والمنتجة.
4. يقتضي لذلك الإسراع في تشكيل حكومة كفوءة وقادرة على رفع التحديات، تعمل بروح الوحدة وخدمة الخير العام. ويقتضي ايضًا وضع قانون جديد للإنتخاب يؤمِّن عدالة التمثيل، كما ورد في خطاب القسم، ويعيد تجديد الطبقة السياسيّة ويَعكِس مقتضيات الميثاق والدستور، ويفسح في المجال لقوى جديدة وروح جديدة بالوصول إلى المجلس النيابي.
5. ويأمل الآباء بأن تكون المرحلة المقبلة مرحلةَ انصراف إلى القضايا الحيوية التي تعني حياة اللبنانيين المباشرة وفي مقدِّمها حقُّهم بالعيش بكرامة في دولة يؤدّون لها واجباتهم لتعطيهم حقوقهم في المقابل. فاللبنانيون لا يريدون لقمة العيش فقط، فهم لم يطلبوها يومًا من أحد حتى في أحلك الظروف، بل يريدون الاستقرار في دولة تحفظ لهم وطنًا يليق بالإنسان وبطموحاتهم، فلا يضطرون إلى إلهجرة إلى بلدان تؤمِّن لهم الرزق والكرامة.
6. في هذا اليوم الذي نذكر فيه الموتى عمومًا، نصلّي لراحة نفوسهم ذاكرين بنوع خاصّ شهداءنا، راجين أن نكون نحن أوفياء لدمائهم التي أراقوها فداءً عنا وعن وطننا. ونستعدّ في هذا الشهر للاحتفال ببهجة عيد الاستقلال ولنا رئيس ومؤسسات دستورية فاعلة، فنجدّد فيه ولاءنا الكامل للبنان، سائلين الله أن يحميه في كيانه ورسالته، ويفيض نعمه عل شعبه.