Robert Cheaib - theologhia.com CC BY NC

هل صحيحٌ أنّ " لا خلاصَ خارج الكنيسة "؟! أين نضعُ يسوع المسيح وخلاصه إذًا!

سال حبرٌ كثير حول هذه القضيّة، وهذه المقولة بالتحديد!، إنها مقولةٌ تُغضِبُ الكثير من المسيحيّين، لأنّ لا مكان هنا من بعدُ ليسوع المسيح وشموليّة خلاصه النهائيّة. يجبُ توضيح الأمر لئلا نقعُ في سوء فهم كبير، وأحيانـــــًا، في ” نرفزة ونفور” لا داعي […]

Share this Entry

سال حبرٌ كثير حول هذه القضيّة، وهذه المقولة بالتحديد!، إنها مقولةٌ تُغضِبُ الكثير من المسيحيّين، لأنّ لا مكان هنا من بعدُ ليسوع المسيح وشموليّة خلاصه النهائيّة. يجبُ توضيح الأمر لئلا نقعُ في سوء فهم كبير، وأحيانـــــًا، في ” نرفزة ونفور” لا داعي لهما.
ماذا يقول لنا التعليم المسيحيّ الكاثوليكيّ؟
إذا صيغت هذه العبارة بطريقة إيجابيّة، فإنها تعني أنّ كلّ خلاص يأتي من المسيح الرأس عن طريق الكنيسة التي هي جسده:
” إنّ المجمع المقدّس، استنادا منه إلى الكتاب المقدّس والتقليد، يعلّم أنّ هذه الكنيسة التي هي في حال سفر على الأرض ضروريّة للخلاص. ذلكَ بأنّ المسيح وحده هو وسيطُ الخلاص وطريقُه. وهو يصيرُ حاضرًا لأجلنا في جسده الذي هو الكنيسة؛ فإنه إذ يعلّم بصريح العبارة ضرورة الإيمان والمعموديّة، قد أكّد في الوقت نفسه ضرورة الكنيسة التي يلجُ فيها الناس بالمعموديّة كما من باب. ومن ثمّ، فإنّ الذين لا يجهلونَ أنّ الله قد أنشأ بيسوع المسيح الكنيسة الكاثوليكيّة أداة ً ضروريّة ثمّ يرفضونَ الدخول إليها أو الثبات فيها، لا يستطيعونَ سبيلا إلى الخلاص”.
إذن، القضيّة وضحت من الفقرة الأخيرة من الكلام أعلاه: هذا الكلام غير موجّه إلى الذين يجلهون المسيح وكنيسته على غير ذنب ٍ منهم. ” لا خلاصَ خارج الكنيسة “، موجّهٌ أصلا لـــــــتحذير المسيحيّين الذين هم في الكنيسة ويعرفونها، وهم على وشك الخروج منها. يقولُ أساقفة المانية: يعني هذا القول، إنّ الذين يخرجونَ من الكنيسة يفقدون أيضا الخلاص. ولكنّ هذه العبارة احتوت في ما بعد معنىً أشمل؛ فامتدّت إلى كلّ الذين لا ينتمون في الواقع إلى الكنيسة الكاثوليكيّة الرومانيّة.
لا خلاص خارج الكنيسة ” ، تعني أنّ الكنيسة هي السرّ الشامل للخلاص. من يرفضها بذنب ٍ منه لا يستطيعُ سبيلا إلى الخلاص. ولا يستطيعُ الخلاصَ أيضا من ينتمي إلى الكنيسة انتماءً خارجيّا، بالجسم لا بالقلبْ. أمّا مَن يجهلُ الكنيسة بدون ذنب منه، فيمكنه الحصول على الخلاص، إذا اتّبع بنزاهة ٍ ما يمليه عليه ضميره وعمل إرادة الله على قدر ما  تتيح له حالته الواقعيّة معرفتها.
أنا لمْ أعرفُ عن يسوع المسيح وعن كلامه وتعاليمه إلاّ من خلال سرّ الكنيسة! فالكنيسة هي سرّ خلاص الربّ.  الكنيسة هي سرّ الملكوت اللامنظور. لا يوجد هناك كتابٌ مقدّس بلا كنيسة! الكنيسة هي الواسطة لجعل الخلاص( خلاص الربّ) حاضرًا ومعطىً باستمرار. الكنيسة هي علامة حضور الخلاص وثمرةُ عمل الخلاص. إنها سرّ الخلاص الذي أضحى معلنا في العالم.
الكنيسة هي سرّ الخلاص الشامل .. ما أرادَ تأكيده الآباء في العبارة هذه ” لا خلاص خارج الكنيسة “، هو أنّ الديانات ليست كلّها متساوية، وأنّ المسيح وحده هو وحي الآب النهائيّ، والكنيسة وحدها هي امتداد سرّ المسيح.  هناك عبارة معاصرة لهذه المقولة ” لا خلاص خارج الكنيسة “، لأنّ هذه الأخيرة قد يساء فهمها، ألا وهي : الكنيسة هي سرّ الخلاص الشامل. فخلاصُ الله قد يأتي لبعض الأفراد خارجًا عن الكنيسة، والخير الذي يقدم على صنعه الناس خارج الكنيسة ، إنّما هو عمل روح الله. الكنيسةُ هي الأداة التي أرادها الله ليحصل الناس على الخلاص الذي حصلت عليه البشريّة بيسوع المسيح. والكنيسة نالت من سيّدها ومؤسّسها كلّ ما يجبُ لتوفير هذا الخلاص للبشريّة كلّها.
إذن، الكنيسةُ الكاثوليكيّة لا تقولُ ولا تعطي تعليمًا بأنّ الخلاص محّدد بالكنيسة فقط! فهذا تعليم خاطيء مضلّ. والدليل صدق وحقّ التعليم، عليكم قراءة بيان مجمع العقيدة والإيمان ” ألربّ يسوع ” حول وحدانيّة الخلاص وشموليّته بيسوع المسيح والكنيسة للكاردينال جوزيف راتسنجر (البابا بندكتوس السادس عشر).
“الكنيسة هي  ” في المسيح “، بوجه ما، سرّ، أي علامة وأداة في الاتحاد الصميم بالله ووحده الجنس البشريّ برمّته. إن المسيح بروحه جعلَ الكنيسة سرّ جامعًا للخلاص، وإنه بروحه يستمرّ على عمله في الكنيسة “. (نصوص من المجمع الفاتيكانيّ الثاني). في هذه النصوصُ، يقول الكاردينال الألمانيّ فالتر كاسبر، لا يُنظَر إلى الكنيسة، بأيّ وجه ٍمن الوجوه، بمثابة حقيقة مستقلّة قائمة في ذاتها. وعلى العكس، إذا استعدنا صورة من الآباء القدّيسين، فكما أنّ القمر لا نورَ له غير ما هو من الشمس، كذلك  ليس للكنيسة من نور سوى ذاك الذي يسطعُ في العالم إنطلاقــــــــــــــــًا من المسيح. بتحديد الكنيس بمثابة ” سرّ في المسيح”، لا يُقصد إنكار أنّ المسيح هو موجودٌ قبلَ الكنيسة وفوق الكنيسة، بل، على العكس، إنه تأكيد شديد لذلك. يقولُ أيضا كاسبر في كتابه ” اللاهوت والكنيسة”: لا يُقصَد بذلك أيضا تعزيز الفكرة ” الرومانسيّة الحديثة في (كنيسة – التجسّد ) المستمرّ .. فعلى العكس، صحّح المجمعُ عمدًا هذه الفكرة إذ لا يرى المجمع الكنيسة إلاّ في علاقة ” مقايسة لا تخلو من القيمة” بسر تجسّد الله.

Share this Entry

عدي توما

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير