Ricardo Cuello - Flickr - CC BY-NC-ND

Ricardo Cuello - Flickr - CC BY-NC-ND

كي لا ننسى أن نكون وجه الرب الرحيم

(قصة واقعية بقلم الأم إيمانويل مايار) بلغت الساعة الحادية عشرة ليلاً و ما زال الأب أومالي ينظر من النافذة: يا للعاصفة الهوجاء!كم يحلو له أن يُنزل عن كاهله هموم النهار و يستعد للنوم في هدأة بيت الرعية. غير أنه كان يجهل أن […]

Share this Entry

(قصة واقعية بقلم الأم إيمانويل مايار)
بلغت الساعة الحادية عشرة ليلاً و ما زال الأب أومالي ينظر من النافذة: يا للعاصفة الهوجاء!كم يحلو له أن يُنزل عن كاهله هموم النهار و يستعد للنوم في هدأة بيت الرعية. غير أنه كان يجهل أن الله يهيء لخادمه، ذلك المساء، مشروعاً آخر… رن جرس الهاتف. انها مستشفى أوبون،وصوت أنثوي يتوسل: ” أنا الممرضة بتي. تعال بسرعة يا أبت… هناك رجل يحتاج الى كاهن،حالته تسوء و قد لا يعيش لطلوع الفجر، الأمر طارىء!!
يعرف الأب أومالي أن العواصف الشديدة على الشاطىء الغربي للولايات المتحدة لا ترحم. و يحكى في الإذاعة عن خطر فيضان… في الواقع أنه ينبغي اجتياز نحو 30 ميلا ليلاً!! انها مجازفة حقيقية… وفي الغد يبدو برنامج الرعية حافلاً… فيما كان اغراء السرير ينسل بنعومة الى جفنيه رد على مضض: ” سوف اذهب حالما أستطيع ذلك …” ولكن نداء النفس كان أقوى و ها هو الأب أومالي على الطريق متحديا الأمطار الغزيرة التي لا تنفك تهدد الطريق أمامه. بعد 4 ساعات وصل المستشفى فقادته بتي الى غرفة توم : الرجل يحتضر و أعراض المرض لا تخدع.
– قيل لي انك تود لقاء كاهن
جمع الأب أومالي كل الرقة و النعومة اللتين وضعهما المسيح فيه خلال سني ّ كهنوته. لقد تعلم احترام قيمة النفس اللامحدودة، لا سيما في ساعتها الأخيرة. فتح الرجل عينيه:
– دعني و شأني! لا أود رؤيتك !!
بدأ اللقاء بشكل سيء للغاية و بدا الأب أومالي حزينا و لكن بدون أن تخمد عزيمته جلس قرب المريض و استغرق بالصلاة…ترك الوقت يمضي و بعد ساعة قام بمحاولة جديدة :
– هل ترغب في الكلام قليلاً؟
كرر الرجل ردة فعله العنيفة ذاتها و ألحقها هذه المرة بإنذار وجوب الإنسحاب. أما الكاهن فاحتفظ بطول أناته وواصل بهدوء ادعيته بالرحمة للرجل. وأخذ النهار يطلع … هل ستذهب هذه النفس الغالية محرومة من سلام الله؟ بدا الكاهن من جديد مشدود الى السرير:
– أنا متأكد أنك ترغب بالكلام. أليس صحيحا؟!
– أوه في جميع الأحوال لا أملك الوقت الكافي لأقول الكثير. إني مدمن على الكحول و أعيش وحدي منذ مدة طويلة. عندما كنت شابا كانت لي مكانتي بين عمال سكة الحديد.كنت ميكانيكياً. ومنذ أكثر من 30 سنة هبت عاصفة هوجاء و لجأت مع جميع رفاقي في الخدمة الى كوخ صغير و شربنا حتى تعتعنا السكر. و ما كاد القطار يصل في وقت خدمتي حتى أسرعت لأحوّله على الخطوط الصحيحة… غير اني كنت تحت تأثير الكحول المفرطة فبدلت الرافعة في الإتجاه الخطأ. ووقعت المصيبة: اصطدم القطار بسيارة كانت تجتاز الممر المفتوح. قتلت عائلة بأسرها: الأب، الأم و ابنتاهما… حدث ذلك بُعيد عيد الميلاد و لم أستطع أن أغفر لنفسي هذا الأمر على الإطلاق و لن أغفر لها أبداً! ولن يستطيع الله أن يغفر لي ذلك…عندئذ غادرت و هجرت الى الجبال أعيش متوحداً…و أخذ توم ينتحب.
ألقى مأساته في قلب هذا الغريب المجهول . كان التأثر يبدو جليا على الكاهن و لكنه تماسك فالوقت غير مناسب للإنجراف وراء العاطفة فتوم قد يموت في أية لحظة … و بصوت مرتجف طلب الكاهن من توم أن يعهد بجميع خطاياه الى الله و أن يقبل الحل و المغفرة… وها هي الدموع تسقط من عينيّ الاب أومالي كونه هو أيضاً استعاد في ذاكرته المأساة الرهيبة:
– تعلم يا توم، قال له، في تلك السيارة في ذاك المساء من عيد الميلاد، كان الأب و الأم قد أخذا معهما ابنتيهما… إنما كان لهما أيضا صبي صغير بقي في المنزل. وهذا الصبي الصغير… هذا الصبي الصغير… هو انا!! حاول توم أن ينهض مذهولا و لكن لم يستطع أن يتلفظ بحرفٍ واحد
– لك غفراني يا توم…اني أغفر لك!!همس الكاهن كما يُهمس سر حميم…
عندما رقد الرجل ميتا، عند طلوع شمس ذاك النهار، لم يكن يشعر بالخوف من الله…. فلقد أفهمه الرب مدى سعة رحمته في مغفرة ما لا يُغتفر!

Share this Entry

Staff Reporter

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير