Crèche En Pain De Boulangers De Rome © Assopanificatori.It

ان لم يُلَد المسيح وسط الخراف فمن الذي يرعاهم !

لقد ولد السيد المسيح في وسط الأغنام لأنه هو حمل الله، وكما قال يوحنا المعمدان “هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم” (يو1: 29). فكان من الطبيعي أن الخروف الذي سيحمل خطية العالم، والذي سيذبح من أجل خلاصنا؛ أن يولد في وسط […]

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

لقد ولد السيد المسيح في وسط الأغنام لأنه هو حمل الله، وكما قال يوحنا المعمدان “هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم” (يو1: 29). فكان من الطبيعي أن الخروف الذي سيحمل خطية العالم، والذي سيذبح من أجل خلاصنا؛ أن يولد في وسط الأغنام أو الخرفان. وبالأخص في مدينة بيت لحم حيث المراعى الكثيرة.
فبيت لحم كانت تُربَى فيها الأغنام حيث المراعى الكثيرة. كما أنها كانت قريبة من أورشليم. وأيضًا يوجد بها هيكل سليمان الذي كانت تقدم فيه ذبائح لغفران خطايا الشعب في العهد القديم. وهذا الغفران كان رمزًا للغفران الحقيقي الذي تم بذبيحة الصليب، وذلك عندما سفك المسيح دمه على الصليب، ومات من أجل خطايانا، ثم قام من الأموات، وصعد إلى السموات. فكان من الطبيعي أن الحمل يولد في وسط الحملان. وهذه نبوة واضحة جدًا عن أنه حمل الله الذي يحمل خطية العالم كله.
الرب راعىّ فلا يعوزني شيء
إن السيد المسيح هو الراعي، وهو الحمل أيضًا. فمن الطبيعي أن يكون الراعي في وسط الأغنام. لأنه إن لم يولد في وسط الغنم فمن الذي سوف يرعاهم؟!! إن وجوده في وسط الحملان أو الغنم؛ يعلن أنه هو الراعي الحقيقي، وكما يقول المزمور “الرب يرعاني فلا يعوزني شيء. في مراع خضر يربضني، على مياه الراحة يوردني، يرد نفسي، يهديني إلى سُبُل البر من أجل اسمه” (مز22: 1-3).
بشارة الملاك للرعاة
“وكان في تلك الكورة رعاة يحرسون حراسات الليل على رعيتهم. وإذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب أضاء حولهم، فخافوا خوفًا عظيمًا. فقال لهم الملاك: لا تخافوا؛ فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب. وهذه لكم العلامة تجدون طفلًا مقمطًا مضجعًا في مذود. وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين. المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة” (لو2: 8-14).
فالذين بُشروا بميلاد السيد المسيح، ونظروا هذه المناظر السماوية العظيمة، وسمعوا البشارة المفرحة بميلاد المخلص؛ هم الرعاة الذين يرعون الغنم. لأن هؤلاء هم زملاء السيد المسيح راعى الخراف العظيم وراعى الرعاة ومن الطبيعي أن يحتفل السيد المسيح بميلاده في وسط زملائه.
أنا هو الراعي الصالح
لقد ولد السيد المسيح في وسط الأغنام. لأنه هو الراعي. والذين أتوا لكي يباركوا لولادته هم زملاؤه الرعاة. فمسألة أن السيد المسيح هو الراعي مسألة خطيرة جدًا، وهامة جدًا. لأنه هو نفسه قال “أنا هو الراعي الصالح. والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف” (يو10: 11). وأيضًا قال “لهذا يحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضًا”  (يو10: 17).
وقد كرر السيد المسيح أنه هو الراعي الصالح، وأكد أنه قد أتى لكي يقدم الرعاية الحقيقية باعتباره أنه هو الله الظاهر في الجسد. وهو الله الراعي الحقيقي. كما قال داود النبي “الرب يرعاني فلا يعوزني شيء” (مز22: 1). فكان لابد أن السيد المسيح يكون هو الراعي. لأن الرعاة الذين هم كهنة إسرائيل كانوا قد أهملوا الرعاية. فكان لابد أن يأتي رئيس كهنة جديد يكون هو الراعي.
لماذا اختار الملاك الرعاة؟
إن هناك فرق بين راعٍ ساهرٍ على حراسة الرعية؛ وبين راعٍ يبدد الرعية. وهنا نسأل ما هو السبب في اختيار الملاك لهؤلاء الرعاة إلى جوار أنهم كانوا ساهرين؟ السبب إن هؤلاء الرعاة كانوا يبحثون عن الخلاص. والدليل على ذلك؛ أنه عند ذهاب السيدة العذراء مريم إلى الهيكل لكي تقدم السيد المسيح بعد أربعين يومًا من ميلاده، وقفت حنّة النبية بنت فنوئيل، وتكلمت عن المسيح مع جميع المنتظرين فداءً في أورشليم.
أي أن روح الله قد أعلن لها أن هذا هو المخلص.. بمجرد دخول السيد المسيح الهيكل، تكلم روح الله على فم حنّة النبية، وبدأت تتحدث عن أنه هو خلاص إسرائيل، وخلاص العالم “وكانت نبية حنّة بنت فنوئيل من سبط أشير.. فهي في تلك الساعة وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداءً في أورشليم” (لو2: 36-38).
إن حدث ميلاد السيد المسيح، ومجيئه إلى العالم، هو بداية تحقيق وعد الله لخلاص البشرية. فقال زكريا أبو يوحنا المعمدان “مبارك الرب إله إسرائيل لأنه افتقد وصنع فداء لشعبه” (لو1: 68) لأن الله قد تذكر وعده المقدس، لذلك فإن كلمة زكريا تعنى “الله تذكّر”، واسم يوحنا يعنى “الله تحنن” واسم يسوع يعنى “الله يخلص”. أي أن الله قد تذكّر.. الله قد تحنن.. الله قد خلّص. فعندما قال زكريا “مبارك الرب إله إسرائيل لأنه افتقد وصنع فداء لشعبه” (لو1: 68). أكمل وقال “ليصنع رحمة مع آبائنا ويذكر عهده المقدس” (لو1: 72).
إن الروح القدس كان يعمل في شخصيات كثيرة. ومن بين هذه الشخصيات الرعاة الساهرون على حراسة رعيتهم. ولكن ليس فقط لأنهم كانوا ساهرين، ولكن يوجد أسباب أخرى.. فزكريا أبو يوحنا المعمدان عندما تكلم عن ما ذكرته الكتب المقدسة قال “كما تكلم بفم أنبيائه القديسين الذين هم منذ الدهر. خلاص من أعدائنا ومن أيدي جميع مبغضينا. ليصنع رحمة مع آبائنا ويذكر عهده المقدس. القسم الذي حلف لإبراهيم أبينا” (لو1: 70-73). أي أنه كان شخصًا يعيش ويدرس نبوات الأنبياء التي تتحدث عن مجيء المخلّص.
وأيضًا الأرملة القديسة التي عاشت في الهيكل أربع وثمانين سنة، وذلك بعد ترملها بسبعة سنين من زواجها. فهذه الأرملة كانت خلال هذه الأربع والثمانين سنة لا تفارق الهيكل. وكما يقول الكتاب “وهى أرملة نحو أربع وثمانين سنة لا تفارق الهيكل عابدة بأصوام وطلبات ليلًا ونهارًا” (لو2: 37).
لذلك عمل الروح القدس في داخلها، في نفس الوقت الذي كانت تعيش فيه كل هذه المعاني التي تتكلم عن مجيء المخلص، وميلاد السيد المسيح.
الرعاة كانوا ينتظرون الخلاص
إن هؤلاء الرعاة كانوا ينقادون بالروح القدس، فما الذي كان من الممكن أن يتحدثوا فيه أثناء سهرهم ليلًا؟ من المؤكد أنهم كانوا يتحدثون في النبوات وفي الأسفار المقدسة. فمثلًا من الممكن أن يقولوا إنهم يرعون الأغنام التي تقدم منها ذبائح كثيرة في الهيكل، وهذه الذبائح ترمز إلى الخلاص الذي وعد به الله.لكن متى سيأتي المخلص؟!
إن الرعاة بكل تأكيد كانوا يسبحون، لذلك عندما كانت هناك تسبحة على الأرض، كان هناك تسبيحًا في السماء فيقول الكتاب “وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين: المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة” (لو2: 13-14).
إن كلمة “بالناس المسرة” معناها باللغة اليونانية “المسرة في قلوب الناس الصالحين”. فالملائكة فرحوا بما حدث في قلب الرعاة عندما سمعوا بشرى الخلاص. والمسيح هو رئيس السلام، وهو صانع السلام. لأنه هو الذي سيصالح الله مع البشر، ويصالح الإنسان مع أخيه الإنسان، ويصالح الإنسان مع نفسه. وكذلك هو الذي قال “طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون” (مت5: 9).
إن الرعاة كانوا يسبحون ويتأملون ويصلون، لذلك ظهر لهم الملائكة. فمن يريد أن يحيا مع الملائكة حياة الصداقة والعشرة الحقيقية، يجب أن تمتلئ حياته بالصلاة، والتسبيح، والتأمل في الأسفار المقدسة.
يقول سفر أشعياء “ظلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تساق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه” (أش53: 7). ولذلك نقول في القداس الغريغوري }أتيت إلى الذبح مثل حمل حتى إلى الصليب{ ويقول الكتاب أيضًا “أما الرب فسُرَّ بأن يسحقه بالحزن أن جعل نفسه ذبيحة إثم يرى نسلًا تطول أيامه ومسرة الرب بيده تنجح” (أش53: 10). وأيضًا “حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين” (أش53: 12).. “وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا” (أش53: 5). فالرعاة كانوا قد قرأوا هذا الكلام ويرددونه. وكانوا يسألون الرب متى سيرسل الحمل الحقيقي الذي يحمل خطايا العالم كله؟
أنا أرعى غنمي وأربضها يقول السيد الرب
يقول الرب للرعاة “هكذا قال السيد الرب هأنذا على الرعاة وأطلب غنمي من يدهم وأكفهم عن رعى الغنم ولا يرعى الرعاة أنفسهم بعد فأخلص غنمي من أفواههم فلا تكون لهم مأكلًا. لأنه هكذا قال السيد الرب هأنذا أسأل عن غنمي وأفتقدها. كما يفتقد الراعي قطيعه يوم يكون في وسط غنمه المشتتة هكذا أفتقد غنمي وأخلصها من جميع الأماكن التي تشتتت إليها في يوم الغيم والضباب.. أنا أرعى غنمي وأربضها يقول السيد الرب” (حز34: 10-15).
إذن الرب هو الراعي الحقيقي وقال السيد المسيح “أنا هو الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف” (يو10: 11). فقد جاء السيد المسيح لكي يشفى الجراح، ويقيم البشرية من سقطتها. ويعيد آدم إلى الفردوس مرة أخرى. ولكن ذلك لمن يقبل محبته، ويقبل خلاصه. كما هو مكتوب “وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه” (يو1: 12).
وهنا يظهر العلاقة الوثيقة بين ليلة ميلاد السيد المسيح، وبين إعلان الرب عن نفسه أنا هو الراعي. وذلك سواء في العهد القديم عندما قال “أنا أرعى غنمي وأربضها يقول السيد الرب” (حز34: 15)، أو كلام السيد المسيح عندما بدأ خدمته الخلاصية وعندما بدأ يتكلم عن نفسه باعتباره أنه هو الراعي الصالح وقال “وأنا أضع نفسي عن الخراف” (يو10: 15).
ولى خراف أخر ليست من هذه الحظيرة
وكما أعلن الله عن ميلاد ابنه الوحيد للرعاة الذين يمثلون الشخصيات التي كان من الممكن أن يتعامل معها الله نظرًا لأمانتهم في وسط شعب إسرائيل المنتظر الخلاص. أيضًا بدأ الله يتعامل مع الأمم، إذ قال السيد المسيح “ولى خراف أخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتى بتلك أيضًا فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراعٍ واحد” (يو10: 16).

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الأب بيوس أدمون فرح الفرنسيسكاني

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير