أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، يُظهر لنا بولس الرّسول، في الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيقي، أنّ الرّجاء المسيحيّ لا يملك فقط نفحة شخصيّة وفرديّة وإنّما جماعيّة وكنسيّة أيضًا. لذلك يوسّع بولس النّظر على الوقائع التي تكوّن الجّماعة المسيحيّة ويسألهم أن يصلّوا من أجل بعضهم البعض وأن يعضدوا بعضهم البعض. ويبدأ بالإشارة إلى الذين أُوكلت إليهم المسؤوليّة والقيادة الراعويّة. لأنّم أوّل من دُعوا ليغذّوا الرّجاء، وذلك ليس لأنّهم أفضل من الآخرين وإنّما بقوّة خدمة إلهيّة تذهب أبعد من قواهم. بعدها ينتقل الإهتمام إلى الإخوة الذين يواجهون خطر فقدان الرّجاء والوقوع في اليأس. ويؤكِّد في هذا السياق أنّه “عَلَينا نَحنُ الأَقوِياء أَن نَحمِلَ ضُعْفَ الَّذينَ لَيسوا بِأَقوِياء ولا نَسْعَ إِلى ما يَطيبُ لأَنفُسنا”. يمكننا أن نفهم إذًا أنّه لا يمكننا أن نتعلّم الرّجاء لوحدنا. لأنّ الرّجاء، ولكي يتغذّى، يحتاج بالضّرورة لـ “جسد” تعضد فيه الأعضاء بعضها البعض وتنعش وتحيي بعضها البعض. أيّها الأصدقاء الأعزّاء، إن كان مسكن الرّجاء الطبيعيّ “جسد” تضامنيّ، فجسد الرّجاء المسيحيّ هذا هو الكنيسة، فيما النّفحة الحيّة ونفس هذا الرّجاء هو الرّوح القدس الذي يقيم في قلوبنا ويُفهمنا بأنّه لا ينبغي علينا أن نخاف وأنّ الربّ قريب ويعتني بنا؛ وهو الذي يحوِّل جماعاتنا، في عنصَرَة أبديّة، إلى علامات حيّة للرّجاء من أجل العائلة البشريّة.
أُرحّبُ بالحجّاجِ الناطقينَ باللغةِ العربية، وخاصةً بالقادمينَ من الشرق الأوسط. أيّها الإخوةُ والأخواتُ الأعزّاء، لا يمكننا أن نتعلَّم الرجاء بمعزل عن الآخرين، بشهادتكم ومُثابرتكم أنتم تُغذُّون رجاءَنا! ليبارككُم الرب!