الدعوة مفتوحة لنتخطى الحواجز التي تحول دون يسوع

لوحة تنضوي تحت عنوان شفاء المخلّع

Share this Entry

في المعرض الوطني للفنون في واشنطن ترتفع لوحة يرجح البعض أنها من إبداع حركة الفنانين الفلمنكيين، الناشطين في بورغندي وهابسبورغ هولندا خلال النهضة الشمالية من القرن السادس عشر، و هي تنضوي تحت عنوان “شفاء المخلع” .
نرى “المخلّع” بسترة حمراء داكنة يحمل فراشه حزمة ضخمة على كتفه الأيسر، و ظهره ينحنى من ثقلها… يبدو كما لو أن كل حياته ملفوفة في هذا الحمل… وزن سنوات العجز تلك – صليبه – بعد لقاء السيد يحمله بمنطق القوي … فإننا نلحظ مشهد عضلات قدميه القويتين كما لو أنها لم تكن يوماً جزءً من تخلّعه! لكن يده اليسرى تمسك الحمل في وضعية قبضة المشلول … تضارب غريب بين قدرتها و إنقباضها… تذكرنا أن وراء “ضعف ” الصليب إنتصار و غلبة!
مع عيناه المسمرتين على الطريق تحت قدميه العاريتين، يترك لنا المخلّع الحاصل على الشفاء الإنطباع بأنه إتخذ القرار بأن يسير الدرب دون التلهي بما يحيط …
و تستوقفنا الخلفية :
هناك نرى المنزل حيث لا يزال التجمع يزحم المدخل، ويمكن للمرء أن يرى يسوع يتجه صوب شخص آخر ملقى على فراش نقال…
و في روح دعابة ذكية يتركنا الفنان أمام مشهدية الأصدقاء الأربعة لا يزالون على السطح و هم يقومون بإصلاح الأضرار التي لحقت بالمنزل؛ فمن أجل إيصال المخلّع أمام يسوع لم يتوانَ هؤلاء عن نبش السقف … ويخبرنا مرقس أن يسوع تدخل عندما رأى إيمان الأربعة هؤلاء!!
تستوقفنا مسألة الأصدقاء هذه :
مسألة أن يعرفوا يسوع و يثقوا بقدرته على قلب الموازين ومسألة تخطيهم الحواجز: أمور تجعلنا نفكر كم هو مهم أن نعرف “البيت” الذي يتواجد فيه السيد وكم مهم أن نتعرّف عليه لنستطيع أن نقود آخرين إليه، ففاقد الشيء لا يعطيه! و كم من المهم أن نتخطى الحواجز التي تحول دون خلاص الآخرين… فما بالنا بكم هو مخزٍ أن نتحوّل نحن الى حواجز في دروب الخلاص؟!
في أيامنا هذه يبدو توصيف ”الصداقة ” غريباً بعض الشيء: فوسائل التواصل الاجتماعي تسهل إضافة ”الأصدقاء“ الى قائمة يومياتنا وكثر منا يتباهى باللائحة الطويلة من الأصدقاء… وفي الوقت الذي به ”نقرة“ على أزرار جهاز الكمبيوتر الخاص بنا أو الهاتف الذكي، تطول لائحة ”الأصدقاء“ أو تقصر، يقف في طيّات هذه اللوحة من القرن السادس عشر ما يذكّرنا بجمالية و جديّة الصداقة الروحية، حتى التي تسهّلها تكنولوجية اليوم!! فلنحرص أن نكون فاعلين في قلب هذه العلاقة التي تتجه بنا الى الله و التي ” تدخلنا في دائرة الصداقة التي تجمع الآب والابن في الروح القدس، وتتحول إلى دينامية حب وعطاء” تحررنا من قيود النفعية الضيقة و نواديها المقفلة…
في اللوحة هذه لم يترك الأصدقاء الأربعة السقف مثقوبًا.
لا متضرر من جمالية هذه الصداقة.
الدعوة مفتوحة لنتخطى الحواجز التي تحول دون يسوع … و لمَ لا؟؟ أن نصنع ثقباً إذا إقتضى الأمر!!…..

Share this Entry

أنطوانيت نمّور

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير