Audience générale du 26 avril 2017 - capture CTV

البابا: "نعم" مريم كانت خطوة أولى لقائمة ممتدة من الطاعة

النص الكامل للمقابلة العامة مع المؤمنين يوم الأربعاء 10 أيار 2017

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!

في مسيرة تأملاتنا حول الرجاء المسيحي، ننظر اليوم للعذراء مريم، والدة الرجاء. لقد اجتازت مريم العذراء أكثر من ليلة حالكة في مسيرتها كأمٍّ. فصورتها، منذ الظهور الأول لها في تاريخ الأناجيل، كانت تُرسَم وكأنها شخصية تحاط بالأحداث الدرامية. فلم يكن من السهل الإجابة بـ”نعم” على دعوة الملاك: ولكنها، وبرغم من كونها فتاة في ريعان الشباب، تتجاوب بشجاعة، على الرغم من أنها لم تكن تعرف شيئا عن المصير الذي كان ينتظرها. إن مريم العذراء تبدو لنا، في تلك اللحظة، كواحدة بين العديد من الأمهات في عالمنا، أمهات يتحلينَّ بشجاعة إلى أقصى الحدود عندما يتعلق الأمر بقبول نشأة قصة إنسان جديد في أحشائهن.

لقد كانت تلك الـ”نعم” خطوة أولى لقائمة ممتدة من الطاعة -قائمة ممتدة من الطاعة- التي اصطحبت كل مسيرتها كأمّ. هكذا تظهر مريم في الأناجيل كامرأة صامتة، غالبا ما لا تستوعب كل ما يحدث من حولها، ولكنها تتأمل في قلبها بكل كلمة وبكل حدث.

في هذا الإطار هنالك خصلة جميلة تتعلق بسيكولوجية مريم العذراء: إنها ليست امرأة تسقط في الاكتئاب أمام شكوك الحياة، ولا سيما عندما يبدو أن كل شيء يسير في الطريق الخاطئ. فهي ليست حتى امرأة تحتج بعنف، وتتشكى من مصير الحياة الذي غالبا ما يكشف عن نفسه بجفاء. إن مريم العذراء، خلافا لذلك، هي امرأة الإصغاء: لا تنسوا أنه هناك دوما علاقة كبيرة بين الرجاء والاصغاء، ومريم هي امرأة تصغي. مريم تقبل الوجود كما يأتي إلينا، بأيامه السعيدة، ولكن أيضا بمآسيه التي لا نتمنى أبدًا أن تأتينا. إن مريم العذراء تقبل وبإصغاء، حتى تلك الليلة الموحشة، عندما كان ابنها مسمرا على خشبة الصليب.

كانت مريم تبدو، حتى تلك الليلة، وكأنها اختفت تقريبا من نصوص الأناجيل: لقد أراد الكتَّاب المقدسون أن يقودونا لإدراك هذا الكسوف البطيء لوجودها، ولكونها بقيت صامتة أمام سر الابن الذي يطيع الآب. ولكن مريم العذراء تظهر مجددًا في تلك اللحظة الحاسمة: عندما اختفى معظم الأصدقاء بسبب الخوف. الأمهات لا يخوننَّ. ففي تلك اللحظة، عند أقدام الصليب، لا أحد منا يستطيع أن يقول مَنْ كان يتألم أكثر: البريء الذي يموت معلقا على خشبة الصليب، أم الأم المتألمة التي ترافق اللحظات الأخيرة لحياة ابنها. الأناجيل في هذا الشأن هي مقتضبة ورصينة للغاية. فهي تسجل حضور الأم فقط من خلال استخدام فعل بسيط، “كانت حاضرة” (يو 19، 25)، “كانت حاضرة”. إنها لا تقول شيئا حول ردة فعلها، ولا حتى وصفا بسيطا لآلامها: حول هذه التفاصيل عَمِلَ الخيال الخصب للشعراء والرسامين في محاولة لإعطائنا صور قد دخلت تاريخ الفن والأدب. ولكن الأناجيل يقولون فقط: “كانت حاضرة”. كنت هناك، في أصعب لحظة، في أكثر اللحظات قساوة، وكانت تتألم مع الابن، “كانت حاضرة”.

لقد كانت مريم “حاضرة”، خاصة هناك، تحت الصليب. وها هي مجددًا فتاة الناصرة الفتية، والتي بدأ شعرها يشيب بمرور السنين، لا تزال تكافح مع الله، الذي يجب فقط أن يُعانَق، عبر حياة قد وصلت لقاع عتبة الظلمة. مريم “كانت حاضرة” في أظلم الظلام، “كانت حاضرة”. ولم ترحل. إن مريم موجودة، وحاضرة بإخلاص، في كل مرة كان توجد حاجة للحفاظ على شمعة مضاءة في مكان معتم وضبابي. فحتى هي لم تكن تعرف مصير القيامة التي كان ابنها يفتتحه في تلك اللحظة لنا نحن البشر: لقد كانت هناك أمانة لمخطط الله الذي أعلنت أنها أمَته منذ اليوم الأول لدعوتها، ولكن أيضا بسبب غريزتها الأمومية التي تعاني ببساطة، في كل مرة يمر فيها ابن بدرب الآلام. آلام الأمهات: لقد عرفنا كلنا نساء قويات، واجهن الكثير من آلام الأبناء!

إننا نجدها منذ الأيام الأولى للكنيسة، أُمّ الرجاء، وسط جماعة التلاميذ الضعيفة جدا: فواحد قد أنكر، وكثيرون فروا، وكان الخوف يملأ الجميع (را. رسل 1، 14). لكن مريم كانت حاضرة بكل بساطة، بطريقة عادية، كما لو كان أمرا طبيعيا جدا: حاضرة في الكنيسة الأولى التي غمرها نور القيامة، ولكن أيضا من وسط صعوبات الخطوات الأولى التي كان على تلك الجماعة أن تخطوها في العالم.

لهذا السبب نحن جميعا نحبها كأم. إننا يتامى: لدينا أم في السماء، التي هي أم الله القديسة. لأنها تعلمنا فضائل الانتظار، حتى عندما يبدو أن كل شيء لا معنى له: إنها واثقة دائما في سر الله، حتى عندما يبدو أنه قد احتجب بسبب الشر الموجود من العالم. دعونا نطلب في أوقات الشدة، من مريم، التي أعطاها يسوع أمًّا لكل واحد منا، أن تدعم دائما خطواتنا، وأن تقول لقلبنا على الدوام: “قم! أنظر للأمام، أنظر للأفق”، لأنها أمّ الرجاء. شكرًا.

* * * * * *

الكتاب المقدس:‏

قِرَاءَةٌ مِن إنجيل ربنا يسوع المسيح بحسب القديس يوحنا (19، 25 – 27)‏

“وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لِأُمِّهِ: ((يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ)). ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: ((هُوَذَا أُمُّكَ)). وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ”.

كَلام الرَّبِّ

* * * * * *

Speaker:

تحدث قداسة البابا اليوم، في إطار تعاليمه عن الرجاء المسيحي، عن العذراء مريم، والدة الرجاء، وكيف ‏أنها اجتازت الكثير من الليالي الحالكة في مسيرتها كأم، متشبثة دائمًا بالرجاء. إن “نعم” مريم العذراء على دعوة ‏الملاك كان في الحقيقة‏ خطوة أولى لقائمة ممتدة من الطاعة المفعمة بالرجاء والثقة في الله. فمريم تظهر في ‏الأناجيل كامرأة صامتة، لا‏ تستوعب كل ما يحدث من حولها، ولكنها تتأمل في قلبها بكل كلمة وبكل حدث. ‏إنها امرأة الإصغاء، التي عاشت برجاء حتى تلك التجربة الموحشة، عندما كان ابنها مسمرا على خشبة ‏الصليب. فهي لم تترك ابنها حتى عندما هرب الجميع بسبب الخوف. إنها بقيت “حاضرة” تحت الصليب، ‏وبإخلاص، أمانة لمخطط الله الذي ‏أعلنت أنها أمته منذ اليوم الأول لدعوتها. إن مريم هي بالحقيقة أم الرجاء ‏بحضورها أيضا ومنذ الأيام الأولى للكنيسة وسط جماعة التلاميذ الضعيفة، لتعلمنا أن نثق دائما في الله، حتى ‏عندما يبدو أنه قد احتجب‏ بسبب شر العالم؛ إنها تعلمنا أن مكافأة الرجاء الواثق هي القيامة والنصرة.‏

* * * * * *

Speaker:

أرحب بالحاضرين الناطقين باللغة العربية، وخاصة بالقادمين من العراق، ومن الأردن، ومن الشرق ‏‏الأوسط.‏‏ إن العذراء مريم، والدة الرجاء، تعلمنا أن كل ظلام العالم لا يمكنه أن يطفئ نور شمعة الرجاء، عندما ‏تكون‏ متغذية بالإيمان وبالثقة في الله، الذي لا يخيب أبدا من يثق به.‏‏ ليبارككم الرب ‏جميعا ‏ويحرسكم من ‏الشرير!‏‏

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2017

 

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

Staff Reporter

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير