استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الخميس في قاعة بولس السادس بالفاتيكان مرضى داء هنتنغتون وعائلاتهم وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال أعرف أن البعض منكم قد واجهوا سفرًا طويلاً وصعبًا ليكونوا اليوم هنا. أشكركم وأفرح بحضوركم، لقد سمعت قصصكم والتعب اليوميّ الذي ينبغي عليكم أن تواجهوه وفهمت مدى شجاعة وتكرّس عائلاتكم والأطباء والعاملين الصحيين والمتطوّعين الذين يرافقونكم في مسيرة صعود شاقة.
تابع الأب الأقدس يقول إن المخاوف والصعوبات التي، ولوقت طويل، قد ميّزت حياة الأشخاص المصابين بداء هنتنغتون قد خلقت حولهم سوء تفاهم وحواجز وتهميش. وفي حالات عديدة عاش المرضى مع عائلاتهم مأساة الخجل والانعزال والترك. أما اليوم فنحن هنا لأننا نريد أن نقول لأنفسنا وللعالم بأسره: “لن نختبئ بعد الآن!”. هذا ليس مجرّد شعار، بل هو التزام ينبغي أن نكون رواده. ينبغي على القوة والاقتناع اللذين من خلالهما نلفظ هذه الكلمات أن يأتيان مما علّمنا يسوع إياه. خلال خدمته التقى يسوع بالعديد من المرضى وحمل آلامهم على عاتقه؛ هدم جدران العار والتهميش التي كانت تمنع الكثيرين من الشعور بالاحترام والحب. لم يشكل المرض أبدًا بالنسبة ليسوع حاجزًا للقاء الإنسان بل على العكس، لأنّه قد علّمنا أن الشخص البشري هو قيّم على الدوام ويملك كرامة لا يمكن لأي شيء أن يمحيها ولا حتى المرض. إن الضعف ليس شرًّا، وبالتالي لا يمكن للمرض، الذي هو تعبير عن الضعف، أن ينسينا أنّ قيمتنا في عيني الله لا تقدّر بثمن.
أضاف الحبر الأعظم يقول يمكن للمرض أيضًا أن يكون فرصة لقاء ومشاركة وتضامن. والمرضى الذين كانوا يلتقون بيسوع كانوا ينتعشون من هذا اليقين وكانوا يشعرون بأن هناك من يصغي إليهم ويحترمهم ويحبّهم. لا يشعرّن أحد منكم أبدًا أنّه وحده أو أنّه ثقل على أحد ولا يشعرنَّ أحد منكم بالحاجة للهروب. أنتم قيّمين في عيني الله وقيّمين في عيني الكنيسة!
تابع البابا فرنسيس يقول أتوجّه الآن إلى العائلات. إن الذي يعيش داء هنتنغتون يعرف أنّه لا يمكن لأحد أن يتخطّى الوحدة واليأس إن لم يكن بقربه أشخاص يرافقونه في سفره بتضحية ومثابرة. أنتم هذا كلّه: آباء وأمهات، أزواج وزوجات، أبناء وإخوة وأخوات يرافقون أقرباءهم يوميًّا وبشكل صامت وفعّال، بالنسبة لكم أيضًا تكون المسيرة صعودًا لذلك أشجّعكم أنتم أيضًا كي لا تشعروا أنّكم وحيدين وألا تستلموا لتجربة الشعور بالخجل والذنب. العائلة هي المكان المفضّل للحياة والكرامة ويمكنكم أن تتعاونوا في بناء شبكة التضامن والمساعدة التي يمكن للعائلة فقط أن تضمنها والتي دُعيت العائلة لعيشها أولاً.
أضاف الأب الأقدس يقول أتوجّه إليكم أيها الأطباء والعاملين الصحيين ومتطوّعي المنظمات التي تعتني بداء هنتنغتون والمصابين به. هناك بينكم العاملين الصحيين في مستشفى “Casa Sollievo della Sofferenza” الذين من خلال المساعدة والبحث يعبّرون عن إسهام عمل الكرسي الرسولي في هذا الإطار المهمّ. إن خدمتكم جميعًا قيّمة لأنّه من خلال التزامكم ومبادرتكم يصبح ملموسًا رجاء ودفع العائلات التي تتكّل عليكم. ليبارك الرب عملكم فتكونوا مرجعًا للمرضى وعائلاتهم الذين وفي أوضاع مختلفة يواجهون التجارب القاسية التي يفرضها المرض في إطار صحّي واجتماعي غالبًا ما لا يكون بمستوى الكرامة البشريّة، إذ غالبًا ما يُزاد على المرض: الفقر والانفصالات القسريّة وشعور بالضياع وعدم الثقة ولذلك تلعب المنظمات والوكالات الوطنيّة والدوليّة دورًا حيويًا: أنتم كالأذرع التي يستعملها الله ليزرع الرجاء، أنتم صوت هؤلاء الأشخاص ليطالبوا بحقوقهم!
وختامًا تابع الحبر الأعظم يقول حاضر معنا اليوم هنا أخصائيون في علم الوراثة وعلماء يتكرّسون للدرس والبحث عن علاج لداء هنتنغتون. هناك أنتظارات كبيرة على عملكم: على جهودكم يعتمد رجاء إيجاد سبيل للشفاء النهائي من هذا المرض وإنما أيضًا من أجل تحسين أوضاع حياة هؤلاء الإخوة ومرافقتهم في مراحل تشخيص المرض وظهور أول عوارضه. ليبارك الرب التزامكم! أشجّعكم على تحقيقه دائمًا من خلال وسائل لا تساهم في تعزيز ثقافة الإقصاء التي تدخل أيضًا في عالم البحث العلمي.
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول كما ترون أيها الإخوة والأخوات أنتم جماعة عديدة ومُندفعة. لتكن حياة كل فرد منكم شهادة حيّة للرجاء الذي منحنا المسيح إياه، لأنّه من خلال الألم يمرُّ درب خير خصب يمكننا أن نسيره معًا!
المصدر: إذاعة الفاتيكان