أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!
نحتفل اليوم، في العديد من البلدان ومن بينهم إيطاليا، بعيد جسد المسيح المقدّس ودمه، أو، وفقًا لتعبير لاتيني معروف، بعيد جسد الربّ (Corpus Domini). ينقل إلينا الإنجيلُ الكلمات التي قالها يسوع أثناء العشاء الأخير مع تلاميذه: “خُذوا، هذا هُوَ جَسَدي” ثم: “هذا هو دَمي دَمُ العَهد يُراقُ مِن أَجلِ جَماعَةِ النَّاس” (مر 14، 22. 24). بقوّة شهادة المحبّة هذه بالذات، تجتمع الكنيسة كلّ يوم أحد، وكلّ يوم، حول مائدة الإفخارستيا، التي هي سرّ فداء المسيح المخلّص. يعبد المسيحيّون المسيح –منجذبين من حضوره الحقيقيّ- ويتأمّلون به عبر العلامة الوديعة، علامة الخبز الذي صار جسده.
كلّ مرة نحتفل فيها بالافخارستيا، بواسطة هذا السرّ الوقور والاحتفالي معًا، نحن نختبر العهد الجديد، الذي يُحقِّق، بالكامل، الشَرِكة بين الله وبيننا. بصفتنا مشاركين في هذا العهد، فنحن نتعاون، برغم كوننا صغارا وفقراء، في بناء التاريخ بحسب مشيئة الله. لذا، فكلّ احتفال بالقدّاس الإلهي، فيما يشكّل عمل عبادة علنيّ لله، يخصّ الحياة والأحداث الملموسة في حياتنا. وفيما نتغذّى من جسد المسيح ودمه، نتشبّه به، وننال في داخلنا محبّته، لا لنبقي عليه بغيرة، بل كي نتقاسمه مع الآخرين. هذا هو المنطق الإفخارستّي. في الإفخارستيا، في الواقع، نتأمّل بيسوع خبزًا مكسورًا ومُعطى، ودمًا مهرقًا من أجل خلاصنا. إنه حضور يحرق فينا، كالنار، المواقف الأنانيّة، وينقّينا من الميول الانانية، وتوقد في داخلنا الرغبة في بذل ذواتنا نحن أيضًا، باتّحاد مع يسوع، خبزًا مكسورًا ودمًا مهرقًا، من أجل الإخوة.
لذا، فعيد جسد الربّ هو سرّ جاذبيّة تجاه المسيح وتحوّل به. وهو مدرسة محبّة ملموسة، تتسم بالصبر والتضحية، مثل يسوع فوق الصليب. عيد يعلّمنا كيف نصبح أكثر قبولًا للآخرين واستعدادًا تجاه الذين يبحثون عن تفهّم، ومساعدة، وتشجيع، وتجاه من هم مهمّشون ووحيدون. إن حضور يسوع الحي في الافخارستيا هو بمثابة باب، باب مفتوح بين الهيكل والطريق، بين الإيمان والتاريخ، بين مدينة الله ومدينة البشر.
أمّا التطواف بالقربان المقدّس فيشكّل تعبيرًا عن عبادة شعبيّة للإفخارستيا، ويقوم به الكثير من البلدان. أنا أيضًا هذا المساء، في مدينة أوستيا، -كما صنع الطوباوي يوحنا السادس قبل خمسين عامًا- سوف احتفل بالقدّاس الإلهيّ، يعقبه تطواف بالقربان المقدّس. إنّي أدعو الجميع إلى المشاركة، -مشاركة روحيّة أيضًا بواسطة الراديو والتلفاز. ولترافقنا العذراء مريم في هذا اليوم.
صلاة التبشير الملائكي
بعد صلاة التبشير الملائكي
أيّها الأخوة والأخوات الأعزاء،
لقد تمّ بالأمس، في نابولي، تطويب الأخت بياتا ماريا كروكيفيسا للحب الإلهي -ماريا غارغاني-، مؤسّسة رهبنة أخوات القلب الأقدس. هي ابنة روحيّة للقديس بادري بيو، كانت رسولة حقيقية في مجالي التعليم والعمل الرعوي. ليكن مثالها وشفاعتها دعمًا لبناتها الروحيّات وجميع المعلّمين. لنصفّق للطوباوية الجديدة، جميعنا: نحيّيها!
أنضم لإخوتي أساقفة نيكاراغوا في الإعراب عن حزنهم بسبب العنف الشديد، مع القتلى والجرحى، الذي نفذته جماعات مسلّحة لقمع الاحتجاجات الاجتماعية. أصلّي من أجل الضحايا وعائلاتهم. الكنيسة تدعم دائمًا الحوار، ولكن هذا يتطلّب التزامًا فاعلًا في احترام الحرية، وقبل كلّ شيء، الحياة. أصلّي من أجل وضع حدّ لجميع أعمال العنف وضمان الظروف الملائمة لاستئناف الحوار في أقرب وقت ممكن.
أتمنّى للجميع أحدًا مباركًا. من فضلكم لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي. غداء هنيئًا وإلى اللقاء!
***********
© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2018