إنه سينودس الشبيبة والحدث الكبير الذي جمع قداسة البابا مع أساقفة الكنيسة الذين قدموا من أصقاع العالم الأربعة. حدث لطالما انتظرته الشبيبة بعد أن قالت الشبيبة “أين الكنيسة منّا؟”
لبّى قداسة البابا فرنسيس نداء الشبيبة وعقد سينودس الشبيبة، ليحمل معه برامج عمل وأنشطة تواكب مسيرة الشبيبة في الحياة.
فهل نلبّي نحن أيضًا بدورنا هذا النداء؟
يحاول البابا من خلال جهوده كلها أن يقول للجميع وبشكل صريح وعلني إنّ الشبيبة هي روح الكنيسة، وهي أساس المستقبل الكريم الذي نطمح إليه. والذي يجب أن نفهمه بعد كل هذه الجهود أنّ وقت العمل والزرع قد حان، ففي كثير من الأحيان الشبيبة تعبّر عن ما تعيشه من صعوبات وآلام في حياتها، وتقول: أين الكنيسة؟
نعم أين الكنيسة من الذي يعيشه شبابنا!
الآن نقول وبصوت مرتفع: أيها الشبان الأعزاء وصل الصوت، والكنيسة لأول مرة تطلق سينودساً خاصاً بكم. اليوم علينا نحن أيضًا أن نشارك في صنع هذا التغيير أساقفةً، وكهنةً، وعلمانيين وكل الإرادات الطيبة لنزرع اليوم ونقطف غدًا ثمار العمل.
دور الأساقفة والكهنة
على الأساقفة والكهنة أن يرعوا الشبيبة بحب كبير، وأن يبحثوا عنهم في كل مكان، ويشبكوا الأيدي معهم ويعرفوهم بدورهم المرجو في عمل الكنيسة، وأن هذه الرعاية يجب أن تنمّ عن ثقة بدور الشبيبة المساعد في العمل.
فمن الشبيبة ستأتي الدعوات الكهنوتية التي نحن اليوم بأمسّ الحاجة إليها. ومن الشبيبة ستتكوّن عائلاتنا المسيحية، وتُغني الحياة بالبنين الذين سيتلقون في صغرهم التربية من الأهل الذين سيمنحونهم هذا الإيمان من مسيرتهم في الكنيسة.
إنّ الكنائس والصالات والمؤسسات كلّها هي لخدمة الرعايا والشبيبة، ويجب أن تكون بيتهم الدافئ، فكما رب البيت يسهر على أولاده كذلك دور الأساقفة والكهنة أن يشرّعوا الأبواب لهم، ويسخّروا كلّ ما لديهم في خدمتهم، وأنّ الكراسي والمناصب وُجدت لخدمة الرعايا لا للتسلط عليهم، وأنّ تواجدهم في هذه المناصب ليس خالدًا، بل هو دور مكمّل لرسالة آباء الكنيسة الذين استشهدوا في سبيل بقاء الكنيسة ليومنا.
إنّ النظر للمستقبل يحتّم علينا ضرورة أن نخرج من مشاغلنا غير الروحية ونهتمّ ببناء حاضرنا ومن يمتلك هذه الطاقات الكبيرة غير شبيبتنا، وبها سيكون ازدهار الكنيسة، وكل يوم يأتي نعيد ونكتشف دور الشبيبة المهم، وكل اللقاءات التي تحصل هي أكبر دليل على ذلك.
دور الشبيبة
على الشبيبة أن تخرج هي أيضًا بدورها من حياتها القديمة، وألّا تكتفي فقط بإطلاق النداءات بل تثبت أنها صاحبة الدور الرائد والأصيل في حياة الكنيسة وأنها تمتلك المبادرة وتنطلق بها بفرح.
شبيبة تَعلم: أنّ عليها واجب والتزام أخلاقي، كونها تمثّل الشبيبة المسيحية في المجتمعات التي تتواجد فيها وهي حاملة رسالة المسيح “اذهبوا في الأرض كلها وأعلنوا البشارة”. لا يوجد دور كامل في الحياة بدون دور نعمل به في الكنيسة مهما كنا على مستوى من الثقافة ومهما كبرت أعمالنا، فالكنيسة هي النبع الوفير الذي نتزوّد منه لنتمكّن من مواصلة كل الأدوار المطلوبة منا، وهذا يحتّم على الشبيبة أن تكون حاضرة في الكنيسة وبشكل ملتزم وبثقة كبيرة في أهمية هذا الحضور.
شبيبة تصلّي: إنّ المطلوب هو أكبر وأكثر من مجرد حضور يقتصر على ساعات قليلة نمضيها برفقة الأصدقاء في الأنشطة واللقاءات والترفيه، بل نريد شبيبة تصوم وتصلي، وألّا تضع المسابح حول الأعناق فقط، بل نريد شبيبة تمسك المسابح في أيديها أيضًا، وتصلّي وترفع الصلوات إلى السماء، وأيضًا تتوقّف عن رفع الهواتف خلال المناسبات الدينية!
شبيبة تشارك: على الشبيبة أن تكون كالمرآة وتعكس نور المسيح في كل مكان. من المهم أن نكون رسل المسيح وأن نقف ونعلن أننا شبيبة كنيسة لها رسالة، وأنّ أهمية هذه الرسالة تكمن في نشر وعيش هذه الخبرات مع الجميع وجذبهم. للأسف بات الكثير من الشبان يعيشون رسالتهم بخجل بسبب التطور اللاأخلاقي لبعض المجتمعات التي لا تعطي الحياة الروحية الأهمية وكأننا خُلقنا فقط لنأكل ونشرب!
إنّه عصر الشبيبة، عصر الدماء الجديدة التي ستُغني الكنيسة وتجدّدها بالفرح والمحبة والعمل.
نحن اليوم أمام تحدّ كبير، أساقفةً وكهنةً وعلمانيين، وعلينا أن ننجح في هذا الاختبار. إنّ كلمة سينودس تعني أن نسير معًا، وأن نشبك الأيدي لنعمل في خدمة الكنيسة، ونؤمن بدور بعضنا البعض، فالكنيسة التي لا تمنح شبيبتها الأهمية هي كنيسة تحرم نفسها من التجديد ومن عيش الرسالة التي اليوم تتقاسمها كل الكنائس مع قداسة البابا. وهي رسالة الشبيبة التي تمنحنا الفرح في أحزاننا. على الشبيبة أيضًا أن تعلم جيدًا أنّ الكنيسة هي المكان الطبيعي الذي يجب أن تتواجد فيه، ولا شيء يغنيهم عن نعم الكنيسة.
اليوم نعيش هذه الأيام المباركة، وكم هو جميل أن نذهب إلى العمق، هذا العمق الذي أبحر إليه منذ مئات السنوات القديس يوحنا بوسكو أب الشبيبة ومعلّمها، ولبّى النداء وبذل حياته في خدمة الشبيبة التي هي أيضًا ستلبّي النداء وتُغني الكنيسة بحضورها. فلنتزوّد من فرح هذه الرسالة التي لغاية اليوم يحملها الكثير من رهبان السالزيان حول العالم.
فهيّا تشجّعوا يا شبابنا، ولا تخافوا، وانطلقوا فالله معنا ومنحنا الكنيسة والإنجيل لنأخذ منهما قوتنا ونجتاز كل الصعوبات الزمنية لنصل إلى الصليب ومنه إلى القيامة! وإن كان البعض لا يزال يقف بعيدًا ويخشى سلوك هذا الدرب ويقول: هل يستطيع الرب بي أن يصنع العجائب؟ وإن طلبت تكريسي هل يستجيب الطلب؟ هل يستطيع الرب أن يقدّس ذا الجسدا، مع ضعفه وإثمه به يحل للمدى؟ هل يستطيع الرب أن يشغّل مواهبي، مقدّسًا عواطفي لمجد من أحبّني؟ هل يستطيع الرب أن يبارك في خدمتي، مكرسًا لمجده كلّي له بجملتي؟
فسيكون جواب ربنا وهو الذي ينتظرنا ويقرع على أبوابنا لنفتح قلوبنا له ويقول لنا: نعم، نعم، نعم؛ تقدّسوا للعمل، غدًا سأعمل بكم، في وسطكم عجائبي.
فلننطلق ومعنا محبّة أبينا، ولنكُن شبيبة حيّة تنبض بالفرح الذي لا ينتهي ولا يتعب ولنحمل مسابحنا بيد، وإنجيلنا بيد ونقول: نحن رسلك يا رب فأطلقنا في هذا العالم!