Audience générale du 24 oct 2018 © Vatican Media

المقابلة العامة: كيف يظهر الحبّ؟ في الأمانة والقبول والرحمة

النص الكامل للمقابلة العامة مع المؤمنين يوم الأربعاء 31 تشرين الأول 2018

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

أودّ أن أتمم اليوم التعليم حول الوصيّة السادسة من الوصايا العشر –”لا تزنِ”-، مبيّنا أن حبّ الله الأمين هو النور الذي يسمح بعيش جمال العاطفة البشريّة. في الواقع، إن بُعدَنا العاطفي هو دعوة إلى الحبّ، الذي يظهر بالأمانة، والقبول والرحمة. وهذا مهمّ للغاية. كيف يظهر الحبّ؟ في الأمانة، وفي القبول وفي الرحمة.

لكن لا يجب أن ننسى أن هذه الوصيّة تشير بوضوح إلى الأمانة الزوجيّة، ومن المفيد بالتالي التفكير بعمق في معناها الزوجي. إن هذا المقطع من الكتب المقدّسة، هذا المقطع من رسالة القدّيس بولس، هو ثوريّ! فالتفكير بحسب مفهوم الأنثروبولوجيا في ذلك الوقت، والقول أن على الرجل أن يحبّ امرأته كما أن المسيح يحبّ الكنيسة: إنما هي ثورة! وقد يكون هذا أكثر الأمور ثوريّة ممّا قيل في الزواج. دومًا في سبيل الحبّ. يمكننا أن نتساءل: وصيّة الأمانة هذه، لمن هي موجّهة؟ للأزواج فقط؟ في الواقع، إن هذه الوصيّة تتوجّه للجميع، إنها وصية أبويّة من قِبل الله وموجّهة لكلّ رجل وامرأة.

ولنتذكّر أن مسيرة النضج البشري هي نفس مسيرة الحبّ الذي ينتقل من تلقّي الرعاية إلى القدرة على تقديم الرعاية، ومن نيل الحياة إلى القدرة على إعطاء الحياة. أن نصبح رجالا ونساء ناضجين يعني القدرة على عيش “التصرّف” الزوجي والوالدي، الذي يظهر في مختلف الأوضاع الحياتية، مثل القدرة على تحمّل عبء شخص آخر وحبّه دون غموض. إنه بالتالي تصرّف عام للشخص الذي يعرف كيف يتحمّل مسؤوليّة الواقع وكيف يدخل بعلاقة عميقة مع الآخرين.

من هو إذًا الزاني، والشهواني، وغير الأمين؟ هو شخص غير ناضج، يحتفظ بحياته لشخصه ويفسّر الأوضاع على أساس راحته الشخصيّة ورضاه الشخصيّ. بالتالي، كي نتزوّج، لا يكفي الاحتفال بالعرس! يجب القيام بمسيرة من الـ “أنا” إلى الـ “نحن”، من التفكير بالمفرد إلى التفكير معًا، من العيش في الوحدة إلى العيش مع الآخر: إنها مسيرة جميلة، إنها مسيرة جميلة. عندما نتوصّل إلى عدم التركيز على ذواتنا، يكون عندها كلّ عمل “زوجيّ“: نعمل، نتكلّم، نقرّر، نلتقي بالآخرين بموقف مرحّب ويتّسم بالعطاء.

كلّ دعوة مسيحيّة بهذا المعنى –يمكننا الآن أن نوسّع المنظور بعض الشيء، والقول أن كلّ دعوة مسيحيّة، في هذا المعنى- هي زوجية. الكهنوت هو زوجيّ لأنّه الدعوة، بالمسيح وفي الكنيسة، إلى خدمة الجماعة بكامل العاطفة، والعناية الملموسة والمعرفة التي يهبها الله. لا تحتاج الكنيسة إلى أشخاص توّاقين إلى دور الكاهن –لا، ليست بحاجة إليهم، من الأفضل أن يبقوا في منازلهم-، إنما تحتاج إلى رجال قد لمس قلبهم الروح القدس بحبّ دون تحفّظ لعروس المسيح. في الكهنوت، يحبّ الكاهن شعب الله بكلّ روح أبويّة، وبكل العاطفة والقوّة التي يكنّها العريس والأب. كذلك البتولية المكرّسة أيضًا بالمسيح، تعاش بأمانة وفرح كعلاقة زوجيّة وخصبة بالأمومة والأبوّة.

أكرّر: إن كلّ دعوة مسيحيّة هي زوجيّة، لأنها ثمرة علاقة حبّ نولد بها جميعًا من جديد، علاقة حبّ مع المسيح، كما ذكّرنا بها مقطع رسالة القدّيس بولس الذي قرأناه في البداية. فانطلاقًا من أمانته، ومن عاطفته، ومن سخائه، ننظر بإيمان إلى الزواج وإلى كلّ دعوة، ونفهم المعنى الكامل للعلاقة الجنسيّة.

إن الخليقة البشريّة، في وحدتها التي لا تنفصم بين الروح والجسد، وفي قطبيها المذكّر ومؤنّث، هي واقع صالح للغاية، وُجِدَ كي يُحِبّ ويُحَبّ. الجسد البشريّ ليس أداة للمتعة، إنما هو أفق دعوتنا إلى الحبّ، وفي الحبّ الأصيل ليس هناك من مجال للشهوة وللسطحيّة. فالرجال والنساء يستحقّون أكثر من ذلك!

وصيّة “لا تزنِ” بالتالي، وإن كانت سلبيّة في شكلها، توجّهنا إلى دعوتنا الأصليّة، أي إلى الحبّ الزوجيّ الكامل والأمين، الذي كشفه لنا يسوع ووهبنا إياه (را. روم 12، 1).

* * * * * *

الكتاب المقدّس:‏

مِن رسالة القدّيس بولس الرسول إلى أهل أفسس(5، 25. 28. 31- 32)

يا أخوتي “أَحَبَّ المسيحُ الكَنيسةَ وجادَ بِنَفسِه مِن أَجْلِها […] كذلِك يَجِبُ على الرِّجالِ أَن يُحِبُّوا نِساءَهم حُبَّهم لأَجسادِهِم. مَن أَحَبَّ امرَأَتَه أَحَبَّ نَفْسَه. […] لِذلِك يَترُكُ الرَّجُلُ أَباه وأُمَّه ويَلزَمُ امرَأَتَه فيَصيرُ الاِثْنانِ جَسَدًا واحِدًا. إِنَّ هذا السِّرَّ لَعَظيم، وإِنِّي أَقولُ هذا في أَمرِ المسيحِ والكَنيسة”.

كَلام الرَّبِّ

* * * * * *

Speaker:

تابع قداسة البابا اليوم تعاليمه حول الوصية السادسة “لا تزن” موضحا أنها تدعو إلى الأمانة الزوجية وتشمل أيضا كل الدعوات الخاصة. فالأمانة هي ثمرة النضج البشري الذي يسمح للشخص بأن يبني علاقة عميقة مع الآخر ويتحمل من أجل من يحب الصعوبات والتجارب. والزنى بالتالي هو نتيجة لعدم النضج الذي يبقي الشخص منحصرا في التركيز على ذاته وعلى راحته ومصلحته الشخصية. وأكد قداسته أن كل دعوة هي بهذا المعنى زوجية: فالكهنوت هو دعوة إلى خدمة الجماعة بكامل القلب، وتقديم لهم العناية الملموسة والمعرفة التي يهبها الله. لذا فالبتولية المكرسة يجب أن تعاش بأمانة وفرح كعلاقة زوجية، خصبة بالأمومة والأبوة. وكما أن المسيح أحب الكنيسة ووهب ذاته بالكامل لها، كذلك نحن جميعا مدعوين، كل بحسب دعوته، إلى بذل ذواتنا كليا من أجل من قد التزمنا بمحبته.

* * * * * *

Speaker:

أرحب بمودة بالحاضرين الناطقين باللغة العربية، وخاصة بالقادمين من مصر ومن سوريا ومن الشرق الأوسط. إن وصية “لا تزن” تدعونا إلى الأمانة لعهودنا ولمحبتنا. فكل حب حقيقي يثمر التزاما اصيلا واحتراما للعهد مع من نحب. لذلك فخيانة المحب هي تعبير عن عدم النضح وعن الأنانية. لنصلي للرب كي يمنحنا جميعا هبة الأمانة سواء في الحياة الزوجية أو الكهنوتية أو الرهبانية. ليبارككم الرب جميعا ويحرسكم من الشرير!

‏‏

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2018

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

Staff Reporter

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير