في باناما، اختبر الشباب مسيحيّو الشرق “شموليّة الكنيسة”، كما وساعدوا “الشباب الآخرين الموجودين على أن يُدركوا أنّ الكنيسة الكاثوليكيّة هي أكبر من الكنيسة اللاتينيّة، وهذا يعني مسيحيّي الشرق، لذا سمح التبادل الذي حصل بأن يكتشف الجميع بعضهم بعضاً بشكل أفضل”.
هذا ما أكّده المونسنيور باسكال غولنيش المدير العام لمنظّمة L’Œuvre d’Orient الكاثوليكيّة (والتي تُعنى بشؤون مسيحيّي الشرق منذ 1856)، خلال مقابلة أجرتها معه أنيتا بوردان مديرة التحرير في القسم الفرنسي في زينيت.
وقد قال غولنيش خلال المقابلة إنّ مسيحيّي الشرق الموجودين في فرنسا شاركوا في أيّام الشبيبة العالميّة في باناما، وتكلّم عن عمل المنظّمة على الأرض، بوجه خاصّ في سوريا والعراق، وعن قُرب البابا من مسيحيّي الشرق.
“إنّ البابا متنبّه جدّاً لمسألة مسيحيّي الشرق، وعو غالباً ما يتكلّم عنهم. كما وأنّه قريب جداً من معاناة الأفراد ومن المآسي التي يواجهونها، وهو يحملهم في صلاته. وفي الوقت عينه، إنّه يعتمد عليهم ليتابعوا الالتزام برسالتهم، وهي رسالة ثقافة وصحّة وتأمّل بين الجماعات المختلفة. إنّ المسيحيّين هم غالباً مَن يتكلّمون مع الجميع، ومَن يمكنهم أن يساعدوا الجماعات على الالتقاء”.
وأضاف غولنيش: “إنّ البابا فرنسيس يعرف أنّ مستقبل مسيحيّي الشرق مرتبط بمستقبل الشرق بالإجمال. وما من مستقبل مشرق للمسيحيّين في البلدان التي تعاني…”
كما وأشار المونسنيور إلى أنّ “البابا يعتمد على مسيحيّي الشرق الذين عليهم أن يلعبوا دورهم في تجديد مجتمعات الشرق الأدنى. فالكثير من المسلمين ينتظرون هذا أيضاً من المسيحيين. وبكلمات أخرى، إنّ مستقبل المسيحيّين ليس معزولاً عن مستقبل البلدان بالإجمال، والعكس صحيح: إنّ مستقبل تلك البلدان بالإجمال يفترض أن تكون بذاتها قادرة على إعطاء المكانة للمواطنين المسيحيّين”.
أمّا فيما يختصّ بزيارة البابا إلى العراق، فقد أكّد غولنيش أنّها ليست ممكنة حالياً بسبب “وجود خطر الأعمال الإرهابيّة ضدّ شخص البابا”، بالإضافة إلى إمكانيّة استغلال حدث “الرحلة الرسوليّة” لتفخيخ العديد من الأمكنة حيث يسكن المسيحيّون.
المصالحة: العمل الأهمّ
من ناحية أخرى، وعبر وصف عمل المنظّمة المذكورة، قال المونسنيور غولنيش: “إنّ ما نفعله هو أمر بسيط… ما زال هناك الكثير لفعله بعد على المستوى السياسيّ، لكننا لسنا سياسيّين، بل نساعد عبر إعادة بناء المدن التي هدمتها داعش، وعبر مواجهة داعش. نحن نحاول إعادة بناء منازل السكّان ونحاول بناء أماكن العبادة والكنائس والمدارس والمستشفيات، وما يسمح للمدن بأن تكون موجودة”.
كما وأشار غولنيش إلى أهمية إعادة إطلاق الاقتصاد، والعمل على الوضع السياسي/الإداري للمدن المسيحيّة: “إنّه عمل كبير، لكن ما زال هناك العمل الأهمّ والأصعب، ألا وهو المصالحة بين الشعوب التي عانت بسبب داعش”.
ومع اختتام المقابلة، أكّد غولنيش أنّه “يجب الانطلاق من هذه المعاناة المشتركة وفتح طرقات ستسمح للبعض بالالتقاء والتفكير في مستقبلهم بعيداً عن العنف والإرهاب. هذا ليس سهلاً، وهو يتطلّب بعض الوقت ليعاود الناس إيجاد متنفّسهم الاجتماعي، إلّا أنّه في الوقت عينه هو الهدف الذي على البعض متابعته، لأنّه لا مستقبل في العراق إلّا في المصالحة”.