Iraqi christians say thanks to Aid to the Church in Need

ACN

نحو جماعات مسيحية ضاغطة

يبقى المقياس الحقيقي لكلّ جماعة روحية ان تأخذ على عاتقها قضية الحياة سواء في الصلاة او الممارسة العملية، كرسالة نبوية لعالم اليوم

Share this Entry

أمس البارحة اتخذ البرلمان الأوسترالي قرار الموافقة على قانون يشرّع قتل الأجنة قبل  ساعات من الولادة أي في الشهر التاسع؛ وبعدها بقليل نفاجأ بالمحكمة العليا في ايطاليا تفتح الباب واسعا بالسماح بالانتحار الطوعي وقبل ذلك فرنسا ومعها بلدان اوروبية توافق على زواج المثليين وتبنّيهم أطفالا ….

فما الذي يحدث في القارة العجوز؟ صحيح أنّ هتلر والنازية الشيوعية زالوا عن الوجود، ولكن براثن نزعاتهم الاستعلائية القمعية الديماغوجية لا تزال حاضرة بقوة في نفوس الاوروبيين الذين قرروا منذ زمن بعيد افناء ذواتهم تحت شعارات رنانة فضفاضة تحت مسمّيات حقوق الإنسان والحرية وتحقيق الذات الخ.
وهنا نسأل امام هذا الواقع الأيديولوجي الثقافي والسياسي، ماذا عن الجماعات المشرقية التي نراها احيانا متلهّفة خلف اهداب بعض الثقافات الغربية المنحرفة؟ اذا كيف نحافظ على هويتنا الحضارية وإثرائها بقيم ثابتة نيّرة، إزاء ثقافات اللاهويات عدوة المبادئ الثابتة والجوهرية؟
بالفعل ان قرار المحكمة الايطالية والبرلمان الاوسترالي يضعنا أمام مسؤولياتنا الوطنية في تطوير قوانينا وتدعيمها بحضارة الحياة التي لا تزال ابدا وعلى الدوام قضية الكنيسة وكل إنسان يحب الحياة، وانها الملهم الاساس في كتابة النصوص التشريعية وبفضلها تستنير النفوس وتترقى لتتنقى.
فالتحدي الدائم هو الهوية، ومناهضة المشاريع الايديولوحية المتخفية خلف نوايا “حميدة” اقتصادية  ممولة من الخارج تشبه الى حد كبير خديعة حصان طروادة. هذه المشاريع قادرة ان تمارس ضغوطا على الحكومات العربية وخاصة في لبنان وطن الرسالات والاديان، على سبيل المثال لا الحصر الضغط على الحكومات من اجل الموافقة ولو شكليا على “فكرة المثلية ” كحق “طبيعي” وزواج المثليين، وسنّ تشريعات ضد الحياة مثل الاجهاض وغيرها من القوانين الجائرة التي تسيء الى كرامة الانسان وتشوّه صورته.
نضالنا الاساس كمسيحيين مشرقيين، أن نظلّ رقباء يقظين أنبياء من جهة نميز الصالح عن الطالح وفق تعاليم الكنيسة، وممارسين لواجباتنا المدنية لاسيما في اختيار المرشحين إلى الندوة البرلمانية وفق برامج انتخابية تحاكي واقعنا المشرقي لا وفق برامج استنساخية عن الغرب المتخبط في صراعاته الأيديولوجية من جهة أخرى؛  فالعمل على انماء الانسان في كلّيته، هي مسؤولية الناخب والمنتخب على حد سواء. ومن هنا تقع أهمية ممارسة السياسات العائلية الضاغطة، أي أن يكون للعائلة الدور الاساس في القرارات والسياسات الاقتصادية التي تطالها في الصميم في وجه ذهنية ايديولوجية فردانية غربية تجعل من الفرد محور المجتمع لا العائلة؛ وهنا على الجماعات والحركات الرسولية والروحية العلمانية التي تعمل في الكنيسة، ان تمارس هذا الدور الإنمائي الوجودي العائلة انطلاقا من تعليم عقيدة الكنيسة الاجتماعية، وقد اثبتت هذه العقيدة صوابيتها في كافة المواضيع الاجتماعية التي تخص الإنسان، كالعمل، والاقتصاد، والنظام، والسلام، والحريات العامة والخاصة، والانماء، والعائلة الخ.

 كيف يمكن أن نصلي الى الله، واخوتنا البشر لاسيما الفقراء منهم والمرضى والعجزة في حالة صعبة وحرجة؟ هل تستطيع كمسيحي مؤمن ان تؤيد احزابا او جماعات سياسية عبثت بالبلاد والعباد، متسببة بهذا الكم الهائل من الفساد المالي والإداري اضف الى التلوث البيئي المسبب الاول لأمراض السرطان؟ ان تصلي في جماعة، أي انك قررت أن تقدس العالم، لا أن تبقى حياديا عن ازماته الخطيرة. هكذا فعل الانبياء، هكذا تجلت محبة المسيح في افتداء العالم بالكلمة والحق فكان الصليب وكانت القيامة. يبقى المقياس الحقيقي لكلّ جماعة روحية ان تأخذ على عاتقها قضية الحياة سواء في الصلاة او الممارسة العملية، كرسالة نبوية لعالم اليوم، وكعلامة حيّة لقرب المسيح من كل انسان وعائلة، تبحث عن حلّ لمعضلاتها اليومية، وإلا كانت جماعاتنا، كخميرة ولكن خارج العجين.

Share this Entry

الخوري جان بول الخوري

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير