الجهاد والحروب الصليبية: حروب مقدسة غير متوازية
مقابلة مع ماركو مسكيني
ميلان، 27 يوليو 2007 (ZENIT.org). – علينا ألا نساوي بين الجهاد والحرب الصليبية، فهي حروب مقدسة ولكن هناك اختلاف في ما بينها. يشرح هذا الفرق ماركو مسكيني في كتاب صدر حديثًا بعنوان “الجهاد والحرب الصليبية”.
ماركو مسكيني هو أستاذ في جامعة القلب الأقدس الكاثوليكية في ميلانو، وهو باحث في تاريخ العصور الوسطى. في هذه المقابلة مع زينيت، يتحدث مسكيني عن المفاهيم الأساسية التي تميز الحرب الصليبية عن الجهاد.
بأي معنى الجهاد والحروب الصليبية هي “حروب مقدس”؟
ماركو مسكيني: لكي نستطيع الكلام عن “الحرب المقدسة” يجب أن تتوفر خاصتان: أولاً هي حرب يريدها الله، ويدعو إليها ممثلوه الشرعيون؛ ثانيًا، هي تؤهل المشاركين فيها للحصول على النعيم في الفردوس.
بالنسبة للجهاد، علينا أن نذكر نصًا قرآنيًا هامًا: “قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله” (سورة التوبة 28). فالله يريد الجهاد والله قدوس، لذا فالجهاد هو حرب مقدسة.
بالنسبة للميزة الثانية، يؤتى على ذكر حديث نبوي: “اعرفوا أن الفردوس يتظلل السيف”.
إضافة إلى ذلك، يُعتبر المجاهد إذا ما مات، شهيدًا وشاهدًا. ويعتبر وليًا، أي قديسًا، لا يحتاج جسده للغسل قبل الدفن، بحسب ما تنص عليه الشريعة الإسلامية عادة. لا بل من الممكن أن يشرك عائلته بجزء من قداسته.
ولكنكم تعتبرون نوعي الحرب غير متوازين. ما الذي يميزهما؟
ماركو مسكيني: كانت الحروب الصليبية، في العصور الوسطى، تعتبر أنها إرادة الله، بمعنى أن الباباوات أرادوها وحضوا عليها، وربطوها بغفران خطايا المشاركين. وكان هتاف الحرب: “هذا ما يريده الله!”
ولكن الاختلاف الأول الذي نلاحظه هو أن الجهاد يفتح أبواب الفردوس مباشرة، بينما الحرب الصليبية كلا، لأنها مجرد جزء من الدرب الذي يمكنه أن يقود الخاطئ إلى الفردوس.
وهناك اختلافات أكثر جوهرية.
فمن الممكن أن يكون الجهاد دفاعيًا وهجوميًا، أي سبيلاً لنشر الدعوة الإسلامية، التي معناها “الاستسلام” لله.
أما الحرب الصليبية، فقد نشأت بعد أكثر من ألف سنة للمسيحية، وكان لها هدف محدد: استعادة أورشليم والأرض المقدسة التي احتلها المسلمون ظلمًا.
ولكن يجب أن نقول أنه على مد العصور كانت هناك حروب صليبية للتوسع، إلا أن الفكرة الأساسية لم تختف بالكلية.
تتحدثون أيضًا أن الجهاد هو من صلب الإسلام بينما الحروب الصليبية ليست من صلب المسيحية.
ماركو مسكيني: بالضبط، وهذا هو الفرق الأساسي. فالحرب المقدسة هي وصية قرآنية – والقرآن هو كلمة الله الأزلية التي لا تتغير – وقد قام بالجهاد النبي محمد نفسه. وحتى اليوم يعتبر المسلمون الجهاد كركيزة الإسلام السادسة.
بالمقابل، ليس هنالك أي نص مسيحي يتحدث عن حرب مماثلة. ويسوع لم يعطي المثال لذلك، بل العكس تمامًا! ولذا مع أن الحروب الصليبية جرت في إطار مسيحي، إلا أنه ما من ضرورة ضمنية في المسيحية لتكرارها لأنها ليست واقعًا مرتبطًا بالتبشير المسيحي.
هل هنالك أي معنى للكلام في أيامنا عن حرب صليبية مسيحية؟
ماركو مسكيني: لا أعتقد. ولكن هناك معنى للكلام عن عمل دفاعي وعن مواجهة صامدة في وجه من يرفع يده ليهدد السلام الدولي.
ألا يجعل الكلام عن الحروب الصليبية وعن الجهاد في أيامنا الحوارَ الإسلامي المسيحي أكثر صعوبة؟
ماركو مسكيني: ما هو الهدف من الحوار؟ بنظري الهدف منه هو أن نتعرف على بعضنا البعض بشكل أفضل، وإذا أمكن أن نتوصل إلى عمق أكبر في فهم الحقيقة. الحقيقة والصدق هما جزء لا يتجزأ من الحوار.
لذلك أردت في كتابي أن أزيل النقاب عن بعض آراء المعلقين الذين يسعون لإخفاء حقيقة الجهاد التاريخية والقانونية واللاهوتية.