في مَثَل الأبنين هذا ، يشير يسوع إلى أمرين هما أساس إيماننا المسيحي : سماع كلام الله والعمل بها .
إنها ليست المرّة الأولى التي يتكلّم يسوع فيها على هذه القضيّة ، ولكنّه يذكرها هنا بشكل مَثَل انفرد القديس متّى الإنجيلي بذكره ،
فالمؤمن بسمع كلمة الله ، ثمّ يجعلها تدخل فيه وتحرّكه لتترجم إلى جوابٍ وهو ما نُسميه : ” العمل ” .
هذا المخطّط يعاني أحياناً مشكلتين :
المشكلة الأولى أنّنا ننجذب بشدّة إلى العمل ، فنهمل كلمة الله ، ويصير العمل أولاً، ونطلب من الله أن يبارك أعمالنا ويساندها وينجحها ، من دون أن ننطلق أوّلاً من كلمة الله لنعرف هل يريد الله منّا أن نعمل هذا ، او نستمرّ في هذا العمل ، أم لا ؟
فتدخل أعمالنا في روتينيّة قاتلة ، وتفقد الروح وتعاني صعوبة شديدة في التغيير ، وتنفصل عن الواقع ، وتصبح عقيمة لا تأتي بثمر .
المشكلة الثانية هي الإكتفاء بكلمة الله ، والأفكار النظريّة ، وفصلها عن الواقع المُعاش ، فيصير الإنسان المسيحيّ كالفرّيسيّ ومعلّم الشريعة ، أقواله سليمة أمّا أعماله فلا .
إنّه مثل الإبن الثاني الذي قال لابيه : ” لبّيك ، ها إنيّ ذاهبٌ يل سيِّد ! ” ولكنّه لم يذهب ، ولم يفعل شيئاً . هذا الإنسان يقضي
نهاره بالقول : حاضر ، يجب علينا ، ينبغي لنا ، من المفروض أن … ولكن بدون أن يقرن القول بالفعل والعمل .
نسأل الله أن يساعدنا على سماع كلامه الموجّه لنا ، إلى كلٍّ واحدٍ منا اليوم ، هنا وفي كلِّ مكان نتواجد فيه ، ونلبّي دعوته فور سماعها ، دون تردُّد أو تحفُّظ أو إبطاء ، ودون الإعتماد على الذاكرة ونقول إنّنا نعرف ما يقوله لنا ، وأن نتولّى مشيئتَه بالطاعة والإذعان ، وبدون تمرُدٍ وعصيان والعمل به بإيمان ومحبة وإخلاص لنكون حقاً أبناء صالحين .