روما، الأحد 2 مارس 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الثاني من مارس للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”. الإيمان المتجذّر في الصداقة مع يسوع
أن يكون لك إيمان بيّن قائم على قانون إيمان الكنيسة في أيامنا هذه غالباً ما يُصنَّف بالأصولية. ويبدو أن النسبية التي تقضي بأن يترك الإنسان نفسه “منثوراً هنا وهناك، تتقاذفه رياح كل عقيدة جديدة تنشأ”باتت الموقف الوحيد الذي من شأنه أن يتكيّف مع الأزمنة المعاصرة. إنّا في صدد إقامة نظام ديكتاتورية النسبية الذي لا يعترف بشيء كنهائي والذي تكمن غايته الوحيدة في أنانية الإنسان وشهواته لا غير. أما نحن فهدفنا مختلف تماماً: إنه ابن الله، الإنسان الحقيقي. وهو مقياس الإنسانية الحقة… إن الإيمان الناضج يكون متجذّراً بعمق في الصداقة مع يسوع. وهذه الصداقة هي ما يجعلنا ننفتح على كل ما هو صالح ويقدم لنا معياراً نميّز من خلاله الحق من الباطل والخداع من الحقيقة… من العناصر التي يستخدمها يسوع لتعريف الصداقة مبدأ شركة المشيئتين. وقد عرّف الرومان بدورهم الصداقة من خلال شعار “الرغبات نفسها ومواطن النفور ذاتها”… وتتّفق الصداقة مع المسيح والدعاء الثالث في الصلاة الربّيّة “لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض”. وعندما تمّت ساعته في بستان الزيتون، حوّل يسوع مشيئتنا البشرية الثائرة المنتفضة مشيئةً متطابقة ومتحدة مع المشيئة الإلهية. لقد قاسى أحداث استقلاليتنا الذاتية المرّة برمّتها –وبالتحديد من خلال إيداع مشيئتنا بين يديّ الله، يمنحنا الحرية الحقيقية: “ولكن لا مشيئتي بل مشيئتك” (متى 26: 39). ويحدث فداؤنا في شركة المشيئتين هذه: أي أن ندخل في صداقة مع يسوع لنكون أصدقاء لله. فكلّما اتّقد حبّنا ليسوع كلما عرفناه ونَمَت حريتنا الحقيقية وفرحتنا بأننا مفتدون. فشكراً لك يا يسوع على صداقتك لنا!