ويخبر كتاب أعمال الرسل عن دور هام جدًا يلعبه تلاميذ آخرون في مسيرة التبشير هذه. تنبع دعوة هؤلاء الإرسالية من ظروف يحضرها التدبير الإلهي، وهي مؤلمة أحيانًا، مثل الطرد من الأرض الأم لأنهم أتباع يسوع (راجع رسل 8، 1 – 4). فالروح القدس حوّل هذه التجربة إلى مناسبة نعمة، وجعلها فرصة لتبشير شعوب أخرى باسم الرب وتوسيع دائرة الجماعة المسيحية. نحن بصدد رجال ونساء، يقول فيهم لوقا في كتاب أعمال الرسل، أنهم “كرسوا حياتهم لاسم يسوع المسيح ربنا” (رسل 15، 26).
والأول بين الذين دعاهم الرب ليكون رسولاً حقيقيًا هو دون شك بولس الطرسوسي. إن سيرة بولس، الذي هو أكبر مرسل في كل العصور، تكشف، في وجهات نظر مختلفة، ماهية الرباط بين الرسالة والدعوة. فعندما يتهمه مناهضوه بأنه لا يملك السلطان الرسولي، يرجع بولس مرارًا إلى الدعوة التي تلقاها مباشرة من الرب (راجع روم 1، 1؛ غلا 1، 11 – 12 . 15 – 17).
4. كان”حب المسيح” في البدء، كما في كل الأوقات اللاحقة، هو الذي “يدفع” الرسل (راجع 2 كور 5، 14). كخدام أمناء للكنيسة، طيعين لعمل الروح القدس، سار في خطى الرسل الأولين عدد لا يحصى من المرسلين على مر العصور.
يقول المجمع الفاتيكاني الثاني: “رغم أن نشر الإيمان هو من واجب كل تلميذ ليسوع المسيح طبقًا لإمكانياته، فالمسيح الرب يدعو دومًا من جَمْعِ تلاميذه الذين يريدهم، لكي يكونوا معه ولكي يرسلهم فيبشروا الأمم (راجع متى 3، 13 – 15)” (دستور “إلى الأمم”، 23).
يجب الإعلان عن محبة المسيح للإخوة بالمثل وبالكلمة؛ بالحياة بأسرها. لقد كتب سلفي المكرم يوحنا بولس الثاني: “تحفظ دعوة المرسلين على مدى الحياة طابعها الخاص وآنيتها: فهي تشكل نموذجًا للالتزام الإرسالي في الكنيسة، التي تحتاج دومًا إلى بذل ذات جذري وكامل، وإلى زخم جديد ومتقد” (الرسالة العامة “رسالة الفادي، 66).
* * *
نقله من الإيطالية إلى العربية روبير شعيب – وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)
حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية – 2008.