مداخلة الكرسي الرسولي في الدورة الاستثنائية السابعة لمجلس حقوق الإنسان حول الحق في الغذاء

جنيف، الجمعة 6 يونيو 2008  (ZENIT.org) – خلال الدورة الاستثنائية السابعة لمجلس حقوق الإنسان حول الحق في الغذاء التي عقدت في جنيف في 22 مايو 2008، ألقى المونسنيور سيلفانو توماسي، المراقب الدائم للكرسي الرسولي لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، كلمةً ننشرها في ما يلي:

Share this Entry

سيدي الرئيس

1.   إن بعثة الكرسي الرسولي تدعم بالكامل الاهتمام الأولي الذي يمنح لأزمة الغذاء الحالية، عن طريق هذه الدورة الاستثنائية لمجلس حقوق الإنسان. والمهام الأساسية التي يجب على المجتمع الدولي القيام بها هي تطوير جواب متماسك ضمن سياق المبادرات المتعددة الجارية، و”تعميم” هذه الأزمة في إطار حقوق الإنسان. نحن بمواجهة التحدي الساحق بإعطاء الأغذية الكافية لسكان العالم، في الوقت الذي نشهد فيه ارتفاعاً في أسعار الأغذية، الأمر الذي يهدد استقرار العديد من البلدان النامية. وهذا يدعو إلى تحرك دولي منسق وسريع. وتسلط هذه الأزمة ضوء الإنذار الأحمر على النتائج السلبية التي تصيب قطاع الزراعة المهمل منذ زمن طويل بينما يكافح أكثر من نصف سكان العالم لكسب عيشهم من خلال عمل مماثل. كما تلفت هذه الأزمة الانتباه إلى الاختلال في نظام التجارة العالمي بحيث أن أربعة ملايين شخص ينضمون سنوياً إلى صفوف ال 854 مليون الذين يعانون من الفقر المزمن. وآمل أن تفتح هذه الدورة أعين الرأي العام على تكلفة الجوع العالمية، التي غالباً ما تنتج عن نقص في الصحة والتربية، وعن الصراعات، والهجرة غير المنظمة، والتدهور البيئي، والأوبئة، وحتى الإرهاب.

2.   إن المجتمع الدولي أقر منذ زمن بعيد الحق في الغذاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948 (المادة 25)، وفي الاتفاقية العالمية حول الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية الصادرة سنة 1966 (المادة 25)، لذكر بعض الاتفاقيات القانونية التي تعلن عن الحق الأساسي في الحرية من الجوع وسوء التغذية. لقد خلصت مؤتمرات وإعلانات الوكالات الحكومية الدولية شرعاً إلى أن الجوع لا ينتج عن نقص في الأغذية لا بل عن نقص في الوصول المادي والمالي إلى الموارد الزراعية. ويسعى الهدف الإنمائي الأول للألفية إلى تخفيض عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر وجوع مدقعين إلى النصف مع حلول سنة 2015. يجب على المجتمع أن يواجه الواقع المرير بأن الأهداف المعلنة غالباً ما لا تقابلها سياسات متناغمة. ونتيجةً لذلك، يواجه الملايين من الرجال والنساء والأطفال الجوع يومياً. وقد يشكل ارتفاع الأسعار عقبة للعائلات في البلدان النامية إذ أنها تجد أنه من الضروري إنفاق 20% من مدخولها على الأغذية. ومن ناحية أخرى، تهدد هذه الأسعار حياة مليار شخص يعيشون في بلدان فقيرة إذ أنهم مجبرون على إنفاق كل دخلهم اليومي تقريباً الذي هو عبارة عن دولار واحد في اليوم لإحضار الغذاء. إذاً المهمة الخطيرة التي علينا القيام بها هي رسم وتطبيق سياسات وخطط وأعمال تؤدي إلى الاكتفاء الغذائي للجميع.

3.   إن مشكلة الإنتاج المناسب للأغذية هي أكثر بكثير من ضرورة مؤقتة. إنها بنيوية بطبيعتها، ويجب أن تعالج في سياق نمو اقتصادي عادل ومستدام. وهي تتطلب إجراءات لا تتناول فقط الزراعة، والتنمية الريفية، لا بل أيضاً الصحة، والتربية، وإدارة جيدة، وسيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان. وتأثير التجارة العالمية على الحق في الغذاء، وتحرير التجارة في المنتوجات الزراعية، يميلان إلى دعم الشركات المتعددة الجنسيات، وبالتالي إلى إلحاق الأضرار بإنتاج المزارع الصغيرة، التي تمثل قاعدة الأمن الغذائي في البلدان النامية. ويبدو تجديد الالتزام بالزراعة، وبخاصة في إفريقيا، أمراً ضرورياً. لهذه الغاية، فإن الاستثمارات في الزراعة، والتنمية الريفية تشكل أهمية كبيرة. بالإضافة إلى أنه يجب الاعتراف بواجب التضامن مع الأقل حظاً في المجتمع. وعندما يتم النظر إليهم بهذه الطريقة الأخلاقية، يصبح الاحتكار ومضاربة الأسعار غير مقبولين، والحقوق الشخصية، بما فيها حقوق المرأة معترف بها. ويجب أن تعطى الأولوية في إنتاج الأغذية من أجل خير الناس. كما يجب أن تحذف الإعانات الجائرة في الزراعة. ولمعالجة القيود التي تواجه المزارع الصغيرة، يمكن تنظيم تركيبات تعاونية. أما استخدام الأراضي لإنتاج الأغذية ولإنتاجات أخرى يجب أن تتم موازنته ليس من قبل السوق لا بل بآليات تخدم الخير العام.

 سيدي الرئيس

4.   في هذا النقاش المعقد والطارئ حول الحق في الغذاء، لا بد من وجود عقلية جديدة تضع الإنسان في دائرة الأهمية ولا تركز فقط على الكسب الإقتصادي. إذ أنه نتيجةً للنقص في الغذاء، يموت العديد من الفقراء يومياً، في حين تخصص موارد هائلة للأسلحة. والمجتمع الدولي مدعو للتحرك السريع. إن الحق في الغذاء متعلق بمستقبل الأسرة الإنسانية كما بسلام الأسرة العالمية.

 
نقلته من الإنكليزية إلى العربية غرة معيط

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير