حاوره طوني عساف
روما، الخميس 25 فبراير 2010 (zenit.org). – المستقبل هو أن نعيش معاً ، مسلمون ومسيحيون في حوار، هو موضوع اللقاء الذي نظمته جماعة سانت إيجيديو يوم الاثنين 22 فبراير في مقرها الرئيسي في روما. على هامش هذا اللقاء أجرت وكالة زينيت مقابلة مع أمين عام اللجنة الوطنية للحوار الإسلامي المسيحي، ومستشار مفتي لبنان، السيد محمد السمّاك.
محمد السمّاك هو أول مسلم يشارك في سينودس، وكان ذلك السنودس من أجل لبنان وقد دعا إليه البابا يوحنا بولس الثاني، وشارك فيه السمّاك كعضو فاعل وليس كمراقب. وهو بين العلماء المسلمين الـ 138 الذين وقعوا الرسالة “كلمة سواء” التي أُرسلت الى البابا بندكتس السادس عشر. منذ ثلاث سنوات تقدم السمّاك من الحكومة اللبنانية بمشروع إعلان 25 مارس، عيد سيدة البشارة، عيداً وطنياً للمسيحيين والمسلمين. مشروع لاقى الدعم لدى الحكومة اللبنانية التي أصدرت مرسوماً الأسبوع الماضي بإعلان العيد يوماً وطنياً ويوم عطلة رسمية. ننشر في ما يلي القسم الثاني من المقابلة.
ماذا ينتظر مسلمو الشرق الأوسط من سينودس الأساقفة المقبل الذي سينعقد في أكتوبر 2010؟ وهل ستشاركون فيه؟
السمّاك: لقد شاركنا في السينودس الماضي وكنا مدينين لقداسة البابا يوحنا بولس الثاني لأنه ليس فقط حرص على دعوة المسلمين الى السينودس ولكن لأنه أصرّ على أن تكون الدعوة للمشاركة وليس للحضور كمراقبين. وانا شخصياً كنت عضواً في لجان العمل، وهذا شيء لا سابقة له لا في تاريخ السينودس ولا في تاريخ مشاركة إسلامية في أي مؤتمر مسيحي، أن يكون مسلماً شريكاً في لجان عمل تابعة للسينودس.
في الحقيقة، إن السينودس المقبل مهم جداً لأنه سوف يطرح موضوع مسيحيي الشرق، وهذا الموضوع ليس موضوعاً مسيحياً فقط، بل إنه موضوع يهم المسلمين بالقدر نفسه لأنه يتعلق بمصيرهم الواحد في الشرق. ما يصيب المسيحيين في الشرق يصيب المسلمين. ولذلك فإننا معنيون بشكل مباشر وحقيقي بما سيحدث وما سيتقرر في السينودس المقبل. حتى الآن لم نتلق دعوات للمشاركة، أتمنى أن يتم ذلك وأتمنى أن تكون المشاركة الإسلامية بنفس المستوى التي كانت عليه خلال السينودس حول لبنان، لان هذه المشاركة تلقي مسؤولية على المسلمين لتنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه في السينودس من أجل مسيحيي الشرق، كما كان السينودس حول لبنان مسؤولية مسيحية إسلامية مشتركة؛ نحن قلنا ذلك مراراً لأننا معنيون ومسؤولون في تنفيذ الشقّ الوطني من بيان السينودس. لا بد أن تصدر عن السينودس المقبل وثيقة مماثلة ولا بد أن تحمِّل المسلمين مسؤوليةً في تنفيذها؛ وحتى يتحملوا هذه المسؤولية لا بد أن يكونوا شركاء في العمل بقدر معين.
هل ترون في بندكتس السادس عشر استمرارية لما بدأه يوحنا بولس الثاني على صعيد الحوار بين الأديان؟
السمّاك: أعتبر أنه عندما أعاد البابا بندكتس السادس عشر تشكيل المجلس الحبري الحوار بين الأديان بعدما كان قد تُبِّع للمجلس الحبري للثقافة، فإنه بذلك اتخذ القرار في أن يعود الى خط الحوار مع الأديان الأخرى بما في ذلك المسلمين. وقد رأينا في الحقيقة كيف تعامل قداسة البابا مع المبادرة الإسلامية “كلمة سواء”، حول الحب في الإسلام والمسيحية، والتي لي الشرف في أن أكون أحد الموقعين الأوائل عليها. لقد فتحت زيارة البابا الى فلسطين والأردن والاتصالات التي جرت بين قداسته وجهات إسلامية، آفاقاً جديدة وواسعة لإعادة انطلاق عمل الحوار الذي أطلقه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في عام 1986 من أسيزي، ونحن واكبنا هذا العمل ونعتبر بأنه من أهم المهمات التي يقوم بها الفاتيكان في ما يتعلق بالعالم الإسلامي. نلاحظ ماذا يجري في بعض دول إسلامية كنيجيريا وإندونيسيا وحتى في ماليزيا. هناك مظاهر مرضية في العلاقات الإسلامية المسيحية لا يمكن معالجتها إلا من خلال ثقافة الحوار وثقافة احترام الاختلاف، ومن هنا دور الفاتيكان في عملية الانفتاح على العالم الإسلامي لتشجيع هذه الثقافة وتأصيلها في المجتمعات الإسلامية.
أعلنت الحكومة اللبنانية عيد سيدة البشارة عيداً وطنياً. إلى أي مدى تسهم هكذا مبادرات – وبخاصة من قبل الدولة – في تعزيز العيش المشترك؟
السمّاك: هذه المناسبة هي من الإنجازات التي نعتز بها والتي عملنا عليها منذ أكثر من ثلاث سنوات. ومنذ ثلاث سنوات، نحن ننظم في 25 مارس، لقاء إسلامياً مسيحياً حول السيدة مريم، تُتلى فيه آيات من الإنجيل المقدس وآيات من القرآن الكريم عن السيدة مريم، ونبرز هذه المضامين الإيمانية المشتركة في الإسلام والمسيحية حول هذا الأمر المقدس الكبير. في العام الماضي أعلنت شخصياً من منبر رئاسة الحكومة بعد لقاء مع رئيس مجلس الوزراء السابق فؤاد السنيورة، أعلنت الاتفاق وموافقة رئيس الحكومة على أن يكون 25 مارس عيداً للمسلمين والمسيحيين لا تتوقف فيه المدارس والمؤسسات عن العمل لأن رئيس الحكومة السابق كان دائماً يقول “أنا أريد اللبنانيين أن يعملوا يوماً إضافياً آخر وليس أن يعطلوا. أوافق على العيد ولكن بدون تعطيل العمل”. وافقنا على الأمر لأننا أردنا أنا وإخواني في اللجنة الوطنية للحوار الإسلامي المسيحي – باعتباري أمين عام للجنة –أن نثبِّت وأن نكرّس هذا اليوم يوماً إسلامياً مسيحياً بأي صيغة كانت. كانت الموافقة، وأعلناها رسمياً ولكن لم يصدر مرسوم حكومي رسمي بذلك. الأسبوع الماضي اجتمعنا برئي
س الوزراء سعد الحريري وطرحنا الموضوع عليه فتبنى الفكرة فوراً، وبعد 48 ساعة صدر المرسوم بإعلانه يوماً وطنياً ويوم عطلة رسمية، يوم عمل إسلامي مسيحي مشترك.