روما، الاثنين 13 سبتمبر 2010 (Zenit.org) – ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها البابا قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي والتي عقب فيها على أمثال الرحمة التي قرئت نهار الأحد في الكنيسة الكاثوليكية ذاكراً عيد اسم مريم المقدس الذي حدده البابا يوحنا بولس الثاني في 12 سبتمبر.
***
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،
في إنجيل هذا الأحد – الفصل الخامس عشر من إنجيل القديس لوقا – يعطي يسوع أمثال الرحمة الثلاثة. إن “حديثه عن الراعي الذي يذهب للبحث عن الخروف الضائع، عن المرأة التي تبحث عن الدرهم، وعن الأب الذي يركض نحو ابنه الضال ويقبله، ليس مجرد كلمات بل هو تفسير كينونته ونشاطه” (الرسالة العامة “الله محبة”، 12). ففي الواقع أن الراعي الذي يجد الخروف الضائع هو الرب عينه الذي بصليبه يأخذ على عاتقه البشرية الخاطئة ليفتديها.
في المثل الثالث، الابن الضال هو شاب نال حصته من الإرث من أبيه، فـ “مضى إلى بلد بعيد، وهنالك بذر حصته من المال في عيشة الخلاعة” (لو 15، 13).
عندما افتقر، أجبر على العمل كعبد وقبل الاقتيات من الطعام المخصص للحيوانات. يقول الإنجيل: “ثم رجع إلى نفسه” (لو 15، 17). “إن الكلمات التي يحضرها لعودته تسمح لنا بمعرفة أهمية الرحلة الروحية التي يقوم بها… يرجع إلى المنزل، إلى ذاته وإلى أبيه (بندكتس السادس عشر، “يسوع الناصري” الجزء الأول، “من المعمودية في نهر الأردن حتى التجلي”، باريس، فلاماريون 2007). “سأقوم وأرجع إلى أبي، وأقول له: يا أبي، أخطأت إلى السماء وأمامك؛ ولا أستحق بعد أن أدعى ابناً لك” (لو 15: 18، 19). يكتب القديس أغسطينوس: “الكلمة عينه هو الذي يدعوك للعودة؛ ومكان الهدوء الرصين هو حيث لا تعرف المحبة التخلي” (الاعترافات، IV، 11، 16). “ولكن أباه رآه وهو ما زال بعيداً، فتحنن، وركض إليه وعانقه وقبله بحرارة” (لو 15، 20)، ومن شدة الفرح، أمر بإعداد احتفال.
أيها الأعزاء، كيف لا نفتح قلبنا على الثقة بأن الله يحبنا مع أننا خطأة؟ فهو لا يكل أبداً من المجيء للقائنا، وهو أول من يخطو على الدرب التي تفرقنا. ويظهر لنا سفر الخروج كيف تمكن موسى من خلال تضرعه الواثق والجريء من نقل الله من عرش الحكم إلى عرش الرحمة (32: 7، 11- 13، 14).
التوبة هي معيار الإيمان، وبفضلها يتم الرجوع إلى الحقيقة. يكتب الرسول بولس: “ولكني عوملت بالرحمة، لأني عملت ما عملته عن جهل وفي عدم إيمان” (1 تيم 1، 13). بالعودة إلى مثل الابن الذي يعود إلى المنزل، نلاحظ أن الأب أيضاً هو الذي خرج للقاء الابن الأكبر المغتاظ من الترحيب الاحتفالي المخصص لأخيه، وقال له: “يا بني، أنت معي دائماً، وكل ما أملكه هو لك!” (لو 15، 31). وحده الإيمان قادر على تحويل الأنانية إلى فرح وعلى تجديد علاقات ملائمة مع قريبنا ومع الله. قال الأب: “كان من الصواب أن نفرح ونبتهج، لأن أخاك هذا كان ميتاً فعاش، وكان ضالاً فوجد” (لو 15 32).
أيها الأعزاء، سأتوجه نهار الخميس المقبل إلى المملكة المتحدة التي سأعلن فيها تطويب الكاردينال جون هنري نيومان. أطلب منكم جميعاً مرافقتي بصلواتكم في هذه الرحلة الرسولية. وإلى مريم العذراء التي تحتفل الكنيسة في هذا النهار باسمها الكلي القداسة، نوكل درب اهتدائنا إلى الله.
نقلته إلى العربية غرة معيط (Zenit.org)
حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2010