هل يمكن للحياة أن تبقى عظيمة عندما يظهر فيها الألم؟

خطاب البابا لدى لقائه بمؤسسة القديس يوسف في مدريد التي تعنى بالمعوقين جسديًا ونفسيًا

Share this Entry

مدريد، السبت 20 أغسطس 2011 (ZENIT.org). – ننشر في خطاب قداسة البابا بندكتس السادس عشر لدى لقائه بمؤسسة القديس يوسف في مدريد التي تعنى بالمعوقين جسديًا ونفسيًا، قبيل توجهه لترأس سهرة الصلاة ليوم الشبيبة العالمي 2011 في مدريد.

* * *

السيد الكاردينال رئيس أساقفة مدريد،

الإخوة الأجلاء في الأسقفية،

أيها الكهنة الأعزاء والمكرسين للرهبنة الاستشفائية للقديس يوحنا لله،

السلطات الموقرة،

الشباب الأعزاء، الأقارب والمتطوعين الحاضرين،

أشكركم من كل قلب لأجل التحية الحارة والاستقبال الحار الذي حفظتموه لي.

هذه الليلة، قبل سهرة الصلاة مع الشبيبة من كل العالم الذي أتوا إلى مدريد للاشتراك في يوم الشبيبة العالمي، نحوز فرصة أن نقضي بعض الوقت سوية لكي أتمكن أن أعبّر لكم عن قربي وعن تقدير البابا لكل واحد منكم، لعائلاتكم ولكل الأشخاص الذين يرافقونكم ويساعدونكم في مؤسسة القديس يوسف.

الشباب، وقد ذكرنا بذلك مرات عديدة، هو العمر الذي تظهر فيه الحياة للشخص بكل غناها وملئها ومؤهلاتها، وتدفع للبحث عن الأهداف السميا التي تعطي معنى للحياة عينها. لهذا، عندما يظهر الألم في أفق الحياة الشابة، نبقى منذهلين وربما نتساءل: هل يمكن للحياة أن تبقى عظيمة عندما يظهر فيها الألم؟ في هذا الصدد، أقول في رسالتي العامة حول الرجاء المسيحي: “مقياس الإنسانية يظهر جوهريًا في العلاقة مع الألم ومع المتألم… فمجتمع لا يعرف ولا يستطيع أن يقبل المتألمين وغير قادر أن يسهم من خلال الرحمة في جعل الألم أمرًا مُشاركًا ومحمولاً في الداخل، هو مجتمع مجرم وغير إنساني” (مخلصون بالرجاء، 38).

تعكس هذه الكلمات تقليدًا عريقًا من الإنسانية ينبع من هبة الذات التي قام بها المسيح على الصليب لأجلنا ولأجل خلاصنا. إن يسوع، وعلى خطاه العذراء والقديسين، يعلموننا أن نعيش دراما الألم لخيرنا وخلاص العالم.

يتحدث إلينا هؤلاء الشهود، قبل كل شيء، عن كرامة كل وجود بشري، مخلوق على صورة الله. ما من ألم يستطيع أن يمحي تلك البصمات الإلهية المطبوعة في أعماق الإنسان. وليس ذلك وحسب: منذ أن أراد ابن الله أن يعانق الألم والموت، تُقدم صورة الله إلينا في وجه المتألم. هذا الحب الخاص الذي يكنه الرب للمتألم يحملنا إلى النظر إلى الآخر بعيون نقية، لكي نمنحه، أكثر من الأمور الخارجية التي يحتاجها، نظرة الحب التي هو بأمس الحاجة إليها.  ولكن هذا الأمر ممكن تحقيقه فقط كثمرة للقاء شخصي بالمسيح. كونوا واعين لهذا الأمر مكرسين، أهلاً، ومهنيين عاملين في حقل الصحة ومتطوعين عائشين يوميًا مع هؤلاء الشباب وساهرين على خدمتهم.

إن حياتكم وانكبابكم على هذه الخدمة يعبران عن العظمة التي دعي الإنسان إليها: الرحمة ومرافقة المتألم بالمحبة، تمامًا كما فعل الله. وفي مهنتكم السعيدة تتردد كلمات الإنجيل: “كل ما فعلتموه لأحد إخوتي هؤلاء الصغار، فلي قد فعلتموه” (مت 25، 40).

من ناحية أخرى، أنتم شهود للخير العظيم الذي تشكله حياة هؤلاء الشباب بالنسبة لمن يعيش بقربهم وللبشرية بأسرها. بشكل سري ولكن حقيقي جدًا، حضورهم يولد في قلوبنا – التي هي غالبًا متصلبة – حنية تفتحنا على الخلاص. بالتأكيد، إن حياة هؤلاء الشباب تحول قلوب البشر، ولهذا نحن شاكرين للرب لأننا تعرفنا إليهم.

أيها الأصدقاء الأعزاء، إن مجتمعنا، الذي غالبًا ما يشك بالكرامة التي لا تثمن للحياة، لكل حياة، هو بحاجة إليكم: فأنتم تسهمون بشكل حازم في بناء حضارة المحبة. وأكثر من ذلك، أنت رواد تلك الحضارة. وكأبناء للكنيسة، أنتم تقدمون للرب حياتكم، مع آلامها وأفراحها، مسهمين معه في عمله، فتدخلون بهذا الشكل في إطار “كنز الرحمة الذي يحتاجه العالم أمسّ الحاجة” (مخلصون بالرجاء، 40).

بعطف كبير، وبشفاعة القديس يوسف، القديس يوحنا لله، والقديس بنيتو ميني، أوكلكم جميعًا لقلب الله ربنا: فليكم هو قوتكم وجزاءكم. فلتكن عربونا لمحبتي البركة الرسولية التي أمنحها لكم، لعائلاتكم ولأصدقائكم.

* * *

نقله من الإيطالية إلى العربية روبير شعيب – وكالة زينيت العالمية

حقوق النشر محفوظة لدار النشر الفاتيكانية

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير