يجب التمييز أولاً بأن هناك عالمين :

-         عالم الإيمان

-         عالم عدم الإيمان (أو الإلحاد)

 على المؤمن أن ينتبه بأن لا يحاول أن يقنع غير المؤمن من الدخول إلى عالمه، فهذا عمل الله وما المؤمن سوى وسيلة بيد الله "للفت نظر" الغير مؤمن. - ونقصد بالإقناع هنا الإقناع العقلي الذي يعتمد على البراهين-.

يمكن أن تكون مساعي المؤمن في هذا المجال كثيرة جداً وواضحة أي ظاهرة (طريقة عيشه، سلوكه، علاقته مع الآخرين وغيرها) لكن النقلة الأخيرة أو القفزة من عالم عدم الإيمان الى عالم الإيمان، تبقى داخلية جداً وغامضة لأنها من عمل الله الذي يختلف عن عملنا. وعلى المؤمن أيضاً أن يتنبه بأن لا يقطع الطريق على غير المؤمن.كيف؟ غالباً ما تتم العملية على الشكل التالي :

يسعى المؤمن الى إقناع غير المؤمن بالإيمان، وبما أنه لا يمكن ذلك بالشكل العقلي، يبقى الغير مؤمن على موقفه، مما يدفع بالمؤمن الى أخذ موقف سلبي منه، معطياً بموقفه هذا صورة أو حجة إضافية للغير مؤمن    للبقاء على ما هو عليه، خصوصاً وإذا كانت علاقاته جيدة مع الآخرين، لأنه يبدأ بالمقارنة بينه (علاقات جيدة قائمة على الإحترام مع الآخرين) وبين ذلك المؤمن "المتعصب" (الذي بنى سداً منيعاً بوجهه، لمجرد أنه لم يستطع "فرض" رأيه ومبادئه على الملحد). فيرى الأول أن عدم إيمانه أفضل من إيمان ذلك الشخص.

وهنا تكون المسؤولية كبيرة جداً وخطيرة على ذلك المؤمن الذي قطع الطريق أمام الآخر للدخول الى عالمه (عالم الإيمان) وشوّه الإيمان بتصرفاته.

أما الحل المناسب فهو الإصغاء وإقامة الحوار الهادئ مع الغير مؤمنين، محاولين توضيح الصورة الصحيحة للإيمان، وتصحيح تلك الصورة التي كونها ذلك الشخص الغير مؤمن عن الإيمان والتي أوصلته الى ما هو عليه. إن الضغط لا ينفع أبداً في هذه المسألة.

أخيراً يجب الإبقاء في البال أن العمل الأخير لكن الأساسي (أي النقلة الكبرى) يبقى بيد الله.

فلنعترف بحقيقتنا

نفتخرُ كثيراً بما ليس لدينا من الشجاعة، والقوة، والجرأة..لا بل إننا لا نتوقف عن إطراءِ ذواتنا بما لا نملكهُ من الكرامة، والحكمة، وحتى الإيمان…نحنُ نَدَّعي فقط!!!ونتظاهر بغيرِ حقيقتِنا،وقد نخدع ذواتنا والآخرين،ونتغاضى النظر الى الحقيقة، لنعيش زيفنا الذي نعتبرهُ واقعاً…وحين تأتي اللحظة الحاسمة، تلك اللحظة التي لا مفرَ لنا فيها من اتخاذ القرارات، وتحديد الهدف والمسار، وتحمل مسؤولية أختيارِنا… حينها فقط تتجلى الحقيقة كنورِ الشمسِ ساطعة،وينكشف واقِعنا المُتناقِض مع قِصَصِنا ورواياتِنا وكل المسرحيات التي ألَّفناها عن ذواتنا….في تلك اللحظة الحقيقة، نقفُ مرتجفينَ خوفاً،مُمتلئينَ بعدمِ الثقة القاتل،موشكين على الإختناق، فأنفاسُنا بالكادِ تدخلُ صدورنا..في تلك اللحظة بالذات، نحنُ نُدرِكُ أننا لا نملكُ ما نستندُ عليه،لا أساسَ يُثَّبِتُنا، ولا دعائِمَ تسنُدُنا، ولا حتى مُتَّكأٌ نحتمي في ظلِّهِ…ليس لدينا أيَّ معرفة، أو خبرة، أو حتى مبدأ…ليس لدينا رِفقة، أو صُحبه، ولا حتى ضيفٌ صامت…فكيفَ، وبماذا، ومع من نبني قراراتنا؟وفي أيِّ مسارٍ نسيرُ، وبِصُحبةِ من؟وما هي خطواتُ البداية في هذا المسار، وكيف نخطو أول الخُطى؟؟نحنُ لا نعلم!!!لا نعلمُ شيئاً البتّة…وإن كُنّا نعلمُ شيئاً، فهو شيءٌ مختلفٌ تماماً، ألا وهو (ضُعفنا)!!!جهلنا، وفقر ارواحنا،عجزَ قلوبِنا، وظلامُ نفوسِنا،إنعدامُ العزيمةِ لدينا، وبؤسنا،فشلُنا في المحبة، و كذلك في الرحمة…نحنُ يا أبانا بارعونَ في (عدم الاعتراف) بحقيقتِنا..وبارعون ايضاً في (عدم القبول) بحقيقة الاخر!!!عدم احترامه، وفهمهِ، وقبولهِ، ومنحهِ فرصاً حقيقية…بارعونَ في تدمير هذا الاخر، وتدمير انسانيتنا معه…بارعون في هدم الجمال الذي فيه، والحب الذي يملأ قلبه، وبالمقابل نحنُ نهدم وجودنا في أعماقه…لذلكَ عندما تأتي لحظة الحقيقة،لحظة الحسم والقرار، نحنُ لا نمتلك جرأة إتخاذ هذا القرار لأننا نعلم يقيناً أننا ( فاشلونَ) لا محالة طالما لا خيرَ في اعماقِنا حقاً،ولا حب، ولا رحمة،….لذلك نحن نسألك كل ذلك، واكثر، يا أبانا الجميل، المتحنن، المتعطف..نحنُ نسألك ان تقودنا بالحكمة وقوة الايمانِ والنعمة في كل ايام حياتنا.