من الإرشاد الرسولي "سر المحبة" لقداسة الحبر الأعظم بندكتس السادس عشر

“العفة الكهنوتية التي تعاش بنضج، وفرح، وإخلاص هي بركة عظيمة للكنيسة وللمجتمع”

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الفاتيكان، 2 أبريل 2007 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي العددين 23 و 24 من القسم الأول من الإرشاد الرسولي “سر المحبة” لقداسة الحبر الأعظم  البابا بندكتس السادس عشر حول موضوع الافخارستيا مصدر وغاية حياة الكنيسة ورسالتها

د. الافخارستيا وسر الدرجة

بشخص المسيح الرأس

23. تظهر لنا كلمات يسوع في العلية الرباط الجوهري بين الافخارستيا وسر الدرجة: “افعلوا هذا لذكري” (لو 22، 19). فقد أسس يسوع الافخارستيا عشية موته، مؤسسًا في الوقت عينه كهنوت العهد الجديد.

يسوع هو الكاهن والذبيحة والمذبح: الوسيط بين الله الآب والشعب (راجع عب 5، 5- 10)، ذبيحة التكفير (راجع 1 يو 2، 2؛ 4، 10) التي تقدم نفسها على مذبح الصليب.

ما من أحد يستطيع أن يقول “هذا هو جسدي” و “هذه الكأس هي كأس دمي” إلا باسم وبشخص يسوع المسيح، الذي هو عظيم الكهنة الوحيد للعهد الجديد والأبدي (راجع عب 8- 9).

لقد ناقش سينودس الأساقفة موضوع الكهنوت المكرس في مواضع أخرى، متطرقاً لموضوع هوية الخدمة ولإعداد المرشحين.

في هذا الإطار، على ضوء النقاش الذي جرى خلال جمعية السينودس الأخيرة، أشعر بضرورة التذكير ببعض القيم المتعلقة بارتباط سر الافخارستيا بسر الدرجة.

قبل كل شيء، من الضرورة بمكان، التشديد على أن الرباط القائم بين الدرجة المقدسة والافخارستيا يظهر بشكل خاص في القداس الذي يرأسه الأسقف أو الكاهن بشخص المسيح الرأس.

تعتبر الكنيسة في عقيدتها أن السيامة الكهنوتية شرطٌ لا غنى عنه من أجل الاحتفال الصحيح والمشروع بسر الافخارستيا. “من خلال الخدمة الكنسية التي يقوم بها الكهنة والأساقفة، يمنح يسوع حضوره لكنيسته، كرأس الجسد، راعي القطيع، عظيم كهنة ذبيحة الفداء”.

بكل تأكيد، يقوم الكاهن أو الأسقف بخدمته “باسم الكنيسة جمعاء، مقدمًا لله صلاة الكنيسة، وذلك بوجه خاص، عندما يقدم ذبيحة الافخارستيا”.

وعليه، فمن الضرورة بمكان أن يعي الكهنة أثناء قيامهم  بخدمتهم أنه لا يجب عليهم أن يضعوا في المكان الأول أنفسهم وآراءهم، بل يسوع المسيح.

إن أية محاولة يقوم بها الكاهن لاستقطاب الأنظار حول نفسه في العمل الليتورجي تناقض الهوية الكهنوتية. فالكاهن، فوق كل شيء، هو خادم وعليه أن يلتزم باستمرار لكي يكون علامة وأداة طيعة في يدي المسيح، تقود إليه. ويجري التعبير عن هذا الأمر بشكل خاص عبر التواضع الذي من خلاله يقود الكاهن العمل الليتورجي، مطيعًا للطقس، ومطابقًا إليه القلب والعقل، متحاشيًا كل ما قد يوحي بحب الظهور.

ولذا أحرض الكهنة على أن يعمقوا الوعي لخدمتهم الافخارستية كخدمة متواضعة للمسيح ولكنيسته. إن الكهنوت، بحسب قول القديس أغوسطينوس، هو خدمة الحب (amoris officium)، هو خدمة الراعي الصالح الذي يهب نفسه لأجل الخراف.

 الافخارستيا والعفة الكهنوتية

24. لقد أراد آباء السينودس التشديد على أن الخدمة الكهنوتية تتطلب، من خلال السيامة، التماثل الكامل بالمسيح. مع حفظ الاحترام الواجب لممارسات التقليد الشرقي، من الضروري التشديد على عمق معنى العفة الكهنوتية، الذي يعتبر بحق غنىً لا يقدر، والذي يصادق عليه التقليد الشرقي فيختار الأساقفة فقط من بين الذين يعيشون البتولية، كما ويعبّر عن تقدير كبير لخيار العفة الذي يقوم به الكثير من الكهنة.

في هذا الخيار، يعبر الكاهن بشكل خاص عن التكرس الذي يجعله مطابقًا للمسيح، وعن تقدمة ذاته بالكلية لخدمة ملكوت الله.

وبما أن المسيح نفسه، الكاهن إلى الأبد، قد عاش رسالته حتى تضحية الصليب في حالة البتولية، فهذا يشكل مرجعًا أكيدًا لفهم معنى تقليد الكنيسة اللاتينية في هذا الصدد.

وعليه، لا يكفي فهم العفة الكهنوتية من باب المنفعة العملية فقط. فهي تشكل في الحقيقة، تَطابقاً مميزاً مع أسلوب حياة المسيح نفسه. هذا الخيار هو، فوق كل شيء، خيار  اتحاد زوجي؛ هو امتثال إلى قلب يسوع العريس الذي يهب حياته لأجل عروسه.

بانسجام مع تقليد الكنيسة الكبير، مع المجمع الفاتيكاني الثاني، ومع الأحبار الأعظمين أسلافي، أشدد على جمال وأهمية الحياة الكهنوتية المعاشة بالعفة كعلامة معبرة عن إخلاص كلي وحصري للمسيح، للكنيسة، ولملكوت الله؛ وأثبت إلزامية العفة الكهنوتية في التقليد اللاتيني.

إن العفة الكهنوتية التي تعاش بنضج، وفرح، وإخلاص هي بركة عظيمة للكنيسة وللمجتمع.

 

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير