ه. الافخارستيا وسر الزواج
الافخارستيا، سر قران زوجي
27. للافخارستيا، سر الحب، علاقة صميمة بالحب بين الرجل والمرأة المتحدين بالزواج. ويشكل التعمق بهذا الرباط ضرورة خاصة في زمننا.
إن البابا يوحنا بولس الثاني قد أسهب في الكلام، أثناء مناسبات مختلفة، عن الطابع الزوجي للافخارستيا، وعن العلاقة المميزة القائمة بين الافخارستيا وسر الزواج: “الافخارستيا هي سر فدائنا. هي سر العريس والعروس”.
علاوة على ذلك، “تحمل الحياة المسيحية بأسرها علامة الحب الزوجي بين المسيح والكنيسة. فالمعمودية، التي تُدخل المرء في عداد شعب الله، هي سر زوجي: هي، إذا جاز القول، غسل الزواج الذي يستبق وليمة العرس، الافخارستيا”.
تعزز الافخارستيا بشكل لا محدود الوحدة والحب غير المنفصم الذي يطبع كل زواج مسيحي. فبفضل مفاعيل السر، يتصل الرباط الزوجي في الزواج المسيحي بشكل جوهري بالوحدة الافخارستية القائمة بين المسيح العروس والكنيسة عروسته (راجع أف 5، 31- 32).
إن الـ “نعم” التي يتقاسمها الزوج والزوجة في المسيح، والتي تجعل منهما جماعة حب وحياة، تتمتع هي أيضًا ببعد افخارستي. في الواقع، إن الحب الزوجي، بحسب اللاهوت البولسي، هو علامة أسرارية لحب المسيح للكنيسة، حب يبلغ أسمى تجلياته على الصليب، الذي يعبر عن “زواج” الرب بالبشرية، وفي الوقت عينه، هو مبدأ ومحور الافخارستيا.
ولهذا فالكنيسة تظهر قربها بشكل خاص من الذين أسسوا عائلتهم على سر الزواج. إن العائلة – الكنيسة المنزلية– هي المحيط الأولي لحياة الكنيسة، خصوصًا لأجل الدور الأساسي الذي تلعبه في تنشئة الأبناء تنشئةً مسيحية.
في هذا الإطار، حض السينودس على الاعتراف بالرسالة الفريدة التي تقوم بها المرأة في العائلة والمجتمع، رسالةً يجب الدفاع عنها، وحمايتها وتعزيزها. فكونها زوجة وأم يشكل واقعًا أساسيًا، لا يمكن الاستغناء عنه.
الافخارستيا ووحدة الزواج
28. على ضوء هذه العلاقة الجوهرية بين الزواج والعائلة والافخارستيا، يضحي ممكنًا اعتبار بعض المشاكل الراعوية.
إن الرباط الأمين وغير المنفصم والحصري الذي يوحد المسيح بالكنيسة، يلتقي بالركيزة الأنثروبولوجية الأصلية حيث يجب على الرجل أن يتحد بشكل نهائي بامرأة واحدة والعكس بالعكس (راجع تك 2، 24؛ متى 9، 5).
في هذا الأفق من الأفكار، تطرق سينودس الأساقفة إلى موضوع الخدمة الراعوية عندما يلتقي بالتبشير الإنجيلي من يأتي من ثقافة يقبل فيها بتعدد الزوجات. يجب مرافقة الذين يعيشون في هذه الثقافات، وينفتحون على الإيمان المسيحي، ومساعدتهم لكي يدمجوا مشروعهم الإنساني في إطار جدة المسيح الجذرية.
في مسيرة إعداد الموعوظين، يلاقي يسوع الإنسان في حالته الخاصة ويدعوه إلى ملء حقيقة الحب من خلال القيام بتضحيات ضرورية، بغية الوصول إلى الشراكة الكنسية الكاملة.
ترافق الكنيسة الموعوظين عبر خدمة راعوية مفعمة طيبة، وفي الوقت عينه، موسومة بالحزم، مبينة بوجه الخصوص النور الذي يشع من الأسرار المسيحية ويتألق منعكسًا في الطبيعة وفي العواطف البشرية.