هذا الأحد يدعى الأحد الجديد. وشرحه أن كل شيء أصبح جديدا بالمسيح الذي غير الكون والانسان بموته على الصليب وقيامته.ان أحد مشاهير الشعراء يقول: “ان المحبة هي التي تحرك الأفلاك”.
أجل ان المحبة هي التي تدفع الانسان الى مشاهدة ذويه أو أصدقائه. والمسيح اتبع هذا المنطق فظهر اولا، على ما يقول التقليد الشرقي، لأمه، وفي المساء ظهر لتلاميذه، وقد خلع عنه الجسد الترابي ليلبس الجسد النوراني، لكنه لا يزال يحمل آثار المسامير، والصلب واكليل الشوك. وأول كلمة فاه بها عندما التقاهم كانت: “السلام معكم”. وأوكل اليهم رسالة عندما قال لهم:” كما ارسلني الاب أنا أرسلكم”، على ما في هذه الرسالة من صعوبة. ولكنه هو سيكون معهم بواسطة روحه القدوس، ليهون عليهم القيام بها.
وعندما شك توما بقيامته، وهو الذي كان أعلن أنه سيذهب ليموت معه، قال له يسوع “هات يدك وضعها في جرح جنبي وكن مؤمنا لا غير مؤمن”.
أجل يا رب اننا نؤمن بك ونؤمن أنك أقوى من الموت.
وننتقل الى الحديث عن حرية الخيار في ما نقوم به من أقوال وأفعال، سائلين الله، بشفاعة أمه البتول أن يعطينا أن نحسن استعمال ما اعطانا من حرية لتمجيده والعمل بارادته مدى الحياة.
1- حرية الخيار كما تراه الكنيسة
انها حقيقة أساسية من حقائق الوحي الالهي أن الانسان العاقل مخلوق على صورة الله ومثاله، وله بالتالي القدرة على الاختيار بحرية. وبغية خلق كائنات قادرة على تلقي حياته الخاصة، خلقها (ملائكة وبشرا) ومدها بالقدرة على انجاح حياتها، أو تحطيمها بتبنيه خيارات شخصية حرة. للأشخاص سلطتهم الخاصة، أي “قدرتهم وسيطرتهم على نفوسهم”. وهم يملكون خياراتهم وأفعالهم. وهذه ليست خيارات أشخاص سواهم وأفعالهم. والعطية التي يقوم بها الله المثلث الأقانيم هي عطيته الشخصية، وهبة محبته هبة حقيقية، يجب أن تكون مقبولة بحرية. ولا يمكن فرضها على الآخر، ولا تقوم على شيء آخر سوى خيار الله الحر، الذي يعطي ذاته بحرية، وخيارات الأشخاص الحرة المخلوقة التي تقبل هذه الهبة بحرية. والمبدأ الذي يستطيع الناس بموجبه أن يقرروا مصيرهم، عبر خياراتهم هو مرتبط بالايمان الكاثوليكي. وهذا ما يؤكده تعليم الكنيسة الكاثوليكية: “خلق الله الانسان كائنا عاقلا، وأوكل اليه كرامة شخص قادر على اصدار أفعاله والتحكم بها:” وشاء الله أن يترك الانسان بيد نصحه” لكي يبحث بملء ارادته عن خالقه، ولكي يصل الى ملء كماله المبارك عبر الاخلاص له والتعلق به” .
ان القدرة على الاختيار الحر التي وصفها المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني “كعلامة استثنائية لحضور صورة الله في داخل الانسان”، أكدها بوضوح الكتاب المقدس، وآباء الكنيسة، وكل التقليد الكاثوليكي. وقد استشهد البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته الباباوية: “تألق الحقيقة” بمقطع جميل للقديس غريغوريوس النيصي الشهير، وأحد كبار معلمي الكنيسة، الذي وصف فيه ببلاغة حرية الاختيار لدى الانسان، كقدرة على “خلق أنفسنا” بالطريقة التالية:
“كل الكائنات التي هي عرضة للتغيير، لا تبقى ثابتة كما هي، بل تنتقل بشكل مستمر من مرحلة الى مرحلة عبر تغير ينشأ عنه خير أو شر.
1- والحال أن يكون الانسان عرضة للتغيير، يعني أنه يولد باستمرار .
2- لكن الولادة هنا لا تحصل بفعل تدخل خارجي، كما هي الحالة للكائنات الجسدية.
3- لكنها نتيجة خيار حر ونحن هنا، اذا جاز التعبير، والدون لذواتنا الأخصاء، فنخلق ذاتنا، مثلما نريد أن نكون، وبارادتنا نكيف ذواتنا على المثال الذي نريده”. ويوحنا بولس الثاني، على مثال غريغوريوس النيصي، يشدد على الطابع الشخصي للاختيار الحر: وهو اختيار يحدد فيه الشخص ذاته. وهكذا كتب يقول: “ان الحرية لا تقوم على اختيار هذا أو ذاك من الأعمال الخاصة، بل هي في وسط مثل هذه الخيارات، انها تقرير بالنسبة الى الذات، وطريقة سلوك في الحياة مع الخير أو الشر، مع الحقيقة أو ضدها، وفي نهاية المطاف، مع الله أو ضده .
2- ما هو الاختيار الحر
الثا ان الانسان يعي أنه يقوم في اختيار شيء يدفعه الى القيام به. وبعبارة أخرى ان يعي أنه حر في حل المشكلة في الاختيار اختيار حرا احد الحلول الممكنة.
3- حرية الاختيار وعمل الانسان وكيان الشخص الأدبي.
غير أن قلب الفعل هو اختيار حر نهائي يكمن في الشخص ويجعل منه شخصا تاما. وهكذا، يصبح الانسان زانيا، على ما علم يسوع بوضوح، عنما ينظر الى امرأة ويشتهيها، أي عندما يتبنى الايحاء بارتكاب فعل زنى معها، أو عندما يواجه هذا الاحتمال برضى، ولو تعذر عليه القيام بما يريد. وانجاز خيار فعل الزنى يزيد في شر الفعل، ولو لم يحدث هذا الفعل، لسبب من الأسباب، فالنتيجة أنه بعمله الحر أصبح زانيا في قلبه.