الدكتورة أنجيلا ميركيل،
مستشارة الجمهورية الفدرالية الألمانية
في السابع من يوليو 2006، بمناسبة اختتام قمة سان بيترسبرغ، أعلنتم بأن المجموعة المؤلفة من الدول الصناعية الكبرى في العالم مع روسيا (G8)، ستبقي قضية الفقر في صلب جدول أعمالها. ومن ثم، في 18 أكتوبر، أعلنت حكومة الجمهورية الفدرالية الألمانية أن مساعدة إفريقيا ستشكل موضوعًا أساسيًا في قمة هايليغندام.
لذا أكتب إليكم لكي أعبّر عن شكر الكنيسة الكاثوليكية، ولأفصح عن تقديري الشخصي لهذه الإعلانات.
يسعدني أن يكون موضوع “الفقر” في مطلع جدول أعمال مجموعة الثمانية، مع إشارة خاصة لإفريقيا. فبالحقيقة، يستحق هذا الموضوع أشد الاهتمام والأولوية وذلك لصالح الدول الفقيرة والدول الغنية على السواء. ويشكل تلاقي رئاسة ألمانيا لمجموعة الثمانية مع رئاستها للاتحاد الأوروبي فرصة فريدة لمواجهة هذا الموضوع.
إني واثق كل الثقة بأن ألمانيا ستقوم بشكل إيجابي بالدور الذي يتوجب عليها أمام مجموعة المسائل المطروحة ذات الأهمية العالمية والتي تتعلق بنا جميعًا.
خلال لقائنا في 28 أغسطس المنصرم، أكدتم لي أن ألمانيا تشاطر الكرسي الرسولي القلق حول عدم تمكن الدول الغنية من تقديم ظروف إقتصادية وتجارية مناسبة للدول الفقيرة، والإفريقية منها خاصة، تمكنها من النمو بشكل ثابت.
وقد شدد الكرسي الرسولي مرارًا على أن من واجب حكومات الدول الفقيرة العمل على إرساء دعائم حكم عادل، والقضاء على الفقر، ولكن، الكرسي الرسولي قد أكد أيضًا أن هذا الأمر يتطلب تعاونًا فاعلاً ضروريًا من قبل الشركاء الدوليين. لسنا هنا بصدد نشاط فائق العادة وامتيازات يمكن إرجاؤها تحت ضغط المصلحة الوطنية، بل نحن أمام واجب خلقي جاد وغير مشروط، يرتكز على الانتماء المشترك للعائلة البشرية، والكرامة المشتركة ومصير الدول الفقيرة والغنية الذي ينمو بشكل متصل ودقيق.
يجب أن نخلق ونضمن للدول الفقيرة، بشكل أكثر أمانة واستمرارًا، شروطًا إقتصادية مثمرة، يفتح لها طريق الوصول إلى الأسواق من دون عوائق.
كما ويجب أن نأخذ الإجراءات اللازمة لإجل إزالة تامة وغير مشروطة الديون الخارجية التي ترزح تحتها الدول الفقيرة. كما ويجب أن نأخذ الاحتياطات اللازمة لكي لا تعاود هذه الدول السقوط في أوضاع دين باهظ.
وعلى صعيد آخر، على الدول الصناعية أن تعي بوضوح الالتزامات التي أخذتها للمساعدة على النمو، وأن تحملها إلى التمام.
كما وينبغي الاستثمار في مجال البحث لتطوير أدوية لمعالجة فيروس مرض نقص المناعة البشرية- الأيدز، والسل، والملاريا، وسواها من الأمراض المَدَارية. في هذا المجال، يتوجب على الدول الصناعية أن تلتزم بالواجب العلمي الذي يتطلب تطوير لقاح ضد الملاريا. كما ويجب وضع التقنيات الطبية والصيدلية والمعارف في حقل النظافة في متناول الشعوب الفقيرة، دون مزاعم قانونية واقتصادية بالمقابل.
وأخيرًا، على المجتمع الدولي أن يتابع السعي لتخفيض ملموس في تجارة الأسلحة المشروعة وغير المشروعة، ووقف التهريب غير الشرعي للمواد الأولى الثمينة، ووضع حد لتهريب رؤوس الأموال من الدول الفقيرة، وعليه أيضًا أن يلتزم في القضاء على تبييض الأموال وعلى فساد الموظفين في الدول الفقيرة.
علمًا بأن على جميع دول المجتمع الدولي أن تواجه هذه التحديات، إلا أن على مجموعة الثمانية والاتحاد الأوروبي القيام بدور توجيهي في هذا المجال.
يعتبر أبناء مختلف الديانات والثقافات في العالم بأسره أن التوصل للقضاء على الفقر المدقع قبل عام 2015 هو أحد أكبر مهام عصرنا. ويتقاسمون القناعة بأن هذه الغاية ترتبط بشكل غير منفصم بمسألة السلام والأمن في العالم.
تتوجه الأنظار إلى الحكومة الألمانية في الفترة المقبلة، التي يجب فيها ضمان أن يأخذ الاتحاد الأوروبي ومجموعة الثمانية المقاييس الضرورية للقضاء على الفقر. إن المؤمنين الكاثوليك مستعدون لتقديم مساهمتهم في هذه الجهود، ويدعمون التزامكم بروح تعاضد.
وإذ أستدعي بركة الله على نشاط مجموعة الثمانية والاتحاد الأوروبي في ظل الرئاسة الألمانية، اغتنم الفرصة لأعبر لكم من جديد، حضرة المستشارة الفدرالية، عن وافر تقديري.
الفاتيكان، في 16 ديسمبر 2006
الحبر الأعظم
بندكتس السادس عشر