سعادة السفير
يسعدني أن أستقبلكم في الفاتيكان وأن أتسلم أوراق اعتمادكم كسفير للكويت لدى الكرسي الرسولي. أشكركم من كل قلبي على السلام الذي وصلني من صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وأسألكم أن تنقلوا لسموه تحياتي الحارة وصلاتي من أجل ازدهار مستمر للبلاد والمواطنين.
العام القادم يصادف الذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الكويت والكرسي الرسولي. أغتنم هذه المناسبة لأعرب عن أملي بأن تستمر العلاقات الطيبة في نموها. إن بلدكم، الذي تغلب على تبعات العنف والحرب المدمرة، لا يزال يلعب دوراً هاماً في عملية المصالحة الدقيقة لإيجاد حلّ للكثير من المشاكل المعقده التي تعصف بالشرق الأوسط. إن دستور الكويت الديمقراطي، الذي يعكس تراث الأمة الثقافي والديني، يرتكز الى مبادىء العدالة واحترام سيادة القانون، وحمايه حقوق الإنسان الأساسية.
على هذه المبادئ، التي تستمد جذورها من كرامة الكائن البشري المقدسة ـ أن تحظى باعتراف قانوني في كل مكان وبتطبيق للحرية الحقيقية ليسود النمو المتكامل والسلام بين أمم وشعوب العالم.
وفي هذا النطاق، أعرب لسعادتكم عن تقديري لتطرقكم لمسألة أهمية الحوار بين الأديان والثقافات لتعزيز السلام. إن هذا الحوار ضروري جداً – وخاصة مع تطور العلاقات بين المسيحيين والمسلمين – لتخطي سوء التفاهم وإقامة علاقة وطيدة بين الجانبين ترتكز إلى الاحترام المتبادل والتعاون في البحث عن خير العائلة البشرية المشترك.
من الضروري تتنشئة الأطفال – على وجه الخصوص – على المبادىء الحقيقية الكامنة في ثقافتهم، بروح منفتح على الثقافات الأخرى، ضمن احترام الآخرين والالتزام بالسلام.
في عالم بات فيه التعصب، والعنف والقهر الحل المقترح للخلافات والصراعات، هناك حاجة ماسة الى “ايكولوجيا بشرية” (راجع رسالة اليوم العالمي للسلام 2007، 10) قادرة على استئصال هذه الشرور وبذر تلك الفضائل التي ستعزز نمو ثقافة إنسانية من الصدق والتضامن والوفاق.
تتميز حياة الكويت الوطنية بوجود الأقليات، إضافة الى عدد كبير من العمال الأجانب المقيمين في البلاد. هذا الوجود في بلادكم هو مصدر غنى وحافز لتأمين الظروف الضرورية للتعايش السلمي والتقدم الاجتماعي. ولا يسعني هنا إلا أن أذكر الكاثوليك الذين يعيشون ويعملون في الكويت ويتمتعون بحرية ممارسة شعائرهم الدينية. إن دستور أمتكم يضمن لهم الحرية الدينية. هذا الحق الأساسي، القائم على احترام كرامة الإنسان، يشكل حجر الزاوية لجميع حقوق الإنسان.
وإنني أعرب عن تقديري للعلاقات الودية التي تتمتع بها الكنيسة مع السلطات المدنيه، وأثق بأنه – مع نمو الجماعة الكاثوليكية في الكويت – لن تتردد السلطات عن مساعدتها على تلبية حاجاتها الملحة لمراكز عبادة جديدة.
ولم يتوقف الكاثوليك في الكويت عن مساهمتهم في نمو المجتمع ككل، وخاصة من خلال مؤسساتهم التربوية. وهي على الرغم من قلة عددها، ملتزمة في تنشئة عقول وقلوب تلامذتها في محيط يركز على القيم الروحية الأصيلة واحترام كرامة الآخرين ومعتقداتهم. آمل بأن تسهم هذه المدارس – من خلال تأدية رسالتها بحرية، وتنشئة المسيحيين على إيمانهم – في تقوية النسيج الاجتماعي من خلال مساعدة الطلاب على التعاون لبناء مستقبل من التضامن والرجاء للأجيال القادمة.
سعادة السفير، بينما تستعدون للقيام بهمة تمثيل دولة الكويت لدى الكرسي الرسولي، تقبلوا تمنياتي الخاصة للنجاح في عملكم الهام. تأكدوا من أنه يمكنكم الاعتماد على مكاتب الكرسي الرسولي لتقديم والمساعدة والدعم لكم لإتمام مسؤولياتكم العالية. وأطلب من العلي أن يحل بركاته عليكم وعلى عائلتكم وعلى الشعب الكويتي العزيز.
(ترجمة طوني عساف)