أيها الإخوة والأخوات،
يوم واحد يفصل هذا الأحد الرابع من زمن المجيء عن الميلاد. مساء يوم غد سنجتمع لنحتفل بسر المحبة العظيم الذي يستمر بإذهالنا. أصبح الله ابن الإنسان، ليصير الإنسان ابن الله. خلال زمن المجيء، خرج من قلب الكنيسة نداء: “تعال أيها الرب لزيارتنا، بسلامك وحضورك تملأنا فرحاً”. وما رسالة الكنيسة التبشيرية سوى جواب على هتاف: “تعال أيها الرب يسوع” التي عبرت تاريخ الخلاص ولا تزال ترتفع من شفاه المؤمنين.
تعال أيها الرب وحوّل قلوبنا، لكي يعم العالم العدالة والسلام. إن المذكرة العقائدية حول بعض أوجه التبشير التي صدرت عن مجمع عقيدة الإيمان تذكّر المسيحيين – في وقت لم تعد فيه غاية التبشير واضحة – بأن البشرى السارة تدفع من يتلقاها الى نقل الخلاص للآخرين.
إن الحقيقة التي تخلص الحياة، والتي أصبحت جسداً في يسوع، تضرم قلب من يتلقاها بمحبة تجاه القريب تدفع الإنسان الى إعطاء ما تلقاه بمجانية. إن عيشنا بحضورالله، الذي بات قريباً منا بالميلاد، هو العطية الأسمى، عطية قادرة أن تجعلنا نعيش مع أصدقاء الله، في شبكة الصداقة بالمسيح الذي علّق السماء بالأرض، والذي يقود حرية الإنسان نحو ملئها، لكيما إذا ما نمت في الحق، أزهرت في محبة مجانية لخير البشرية جمعاء. ما من شيء أجمل وأهم من أن يعطي الإنسان مجاناً ما حصل عليه من الله.
لا يمكن لأي شيء أن يفصلنا عن هذه المهمة السامية. إن فرح الميلاد الذي يملؤنا رجاء، يدفعنا الى إعلان وجود الله بيننا للجميع.
العذراء مريم هي مثال البشارة الحقيقية، فهي لم تبشر العالم بفكرة بل أعطته يسوع، الكلمة المتجسد. فلنسألها بثقة لتساعد الكنيسة في إعلان المسيح المخلص في عصرنا. فليشعر كل مسيحي وكل جماعة بفرح مشاركة البشرى السارة : لقد أحب الله العالم لدرجة انه أعطى ابنه الوحيد ليخلص العالم بواسطته.
هذا هو المعنى الحقيقي للميلاد، الذي من الواجب أن نكتشفه من جديد وأن نعيشه باستمرار.
(ترجمة طوني عساف)