الثاني من يوليو
روما، الاربعاء 2 يوليو 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الثاني من يوليو للبابا بندكتس السابع عشر، من كتاب “بندكتس”.
الثاني من يوليو
الاشتراك في حكمة الله
الحكمة هي أن نشترك بقدرة الله في رؤية الأمور والحكم فيها كما هي على حقيقتها. يكشف الله عن نفسه كإله عبر أحكامه العادلة؛ كونه الله، يرى الأمور دون أقنعة، تمامًا كما هي بالحقيقة، ويتعامل مع كل شخص طبقًا لحقيقته. الحكمة هي اشتراك في الطريقة التي يرى فيها الله الواقع. ولكن هناك بالطبع بعض الشروط المسبقة للمعرفة انطلاقًا من وجهة نظر الله. لا يمكننا أن نحوزها ما لم نكن متحدين بالله. وهذا الأمر يعني بدوره أن أسلوب المعرفة الأخير والأعمق هذا ليس مجرد خبرة عقلية. في الأمور الجوهرية، الحياة ليست منفصلة عن المعرفة. وإذا كان هذا النوع من المعرفة يتضمن شيئًا من عدم قابلية الله للفساد، فهو تتضمن أيضًا طهارة ذلك الـ “أنا” الذي من دونه يفسد الإنسان. من هنا، يتضح معنى المفاهيم التالية: “مواهب الله”، و “الاشتراك في طريقة تفكير الله”. إذا ما سمحنا له أن يطهرنا من فساد الـ “أنا” لنتوصل تدريجيًا إلى العيش في الله، والاتحاد به تعالى، عندها فقط نستطيع التوصل إلى حرية التحكيم الداخلية، إلى استقلالية تفكير وقرار لا خوف فيها، لأنها لا تعبأ من بعد بقبول أو رفض الآخرين بل تتعلق بالحق وحده. عملية التطهير هذه هي دومًا مسيرة انفتاح للذات، وبالوقت عينه هو تقبل الذات من يدي الله. لا يمكن لهذا أن يحدث دون ألم شذب الكرمة. ولكنه يجعل ممكنًا نوع القوة الوحيد الذي لا يقود إلى العبودية، بل إلى الحرية.