خلال هذه المقابلة مع زينيت، تناقش المؤلفة  التعمق بالمشاكل التي يواجهها الجنسين، ومن هناك، محاولة إيجاد الحلول المناسبة.

* * *


س:  مع صدور العديد من الكتب القادمة من الصحافة العلمانية حول العلاقات والفوارق بين الرجال والنساء، ما هو موقع هذا الكتاب الذي هو حول لاهوت الجسد؟

ج: إن أي موضوع يطال الفروقات بين الجنسين لا ينتهي ولا يصبح طي الماضي، لأن في كل جيل يختبر النساء والرجال تحدي الإتصال بالآخر. أجل، ثمة إنهيارات  ثلجية إذا صح التعبير مُنزلة من  الكتب العلمانية التي تُقدم المشورة في العلاقة، البعض منها يساعد، البعض الآخر يفيد بنسبة أقل – أما هناك البعض  يجب رميها  في سلة المهملات!

ولكن ما من مشورة  تدخل في لب المسألة إلا إذا ذهبت الى الوراء لبداية المسألة - - الى مشروع الله الأصلي بشأن الرجل والمرأة، كما كانت مكشوفة في حديقة عدن، قبل السقوط. وطبعاً العبور الكامل الذي نملكه للخطة الأصلية هو عبر الإنجيل المقدس، التفسير الرسمي من الكنيسة.

ترك البابا العظيم يوحنا بولس الثاني  للكنيسة هدية عظيمة عبر تقديم تعاليم الكتاب المقدس  عن الرجال، النساء، العلاقة الجنسية والزواج في طريقة جديدة  ومقنعة، في تعاليمه المعروفة بلاهوت الجسد..

الغرض من كتابي هو محاولة جعل لاهوت الجسد في متناول أيدي الناس العاديين، ومنحهم وسيلة لدراسته بصورة معمقة.

عندما يتعرف العالم على لاهوت الجسد، يجدون في معظم الأحيان أنها تتلامس وترن مع أعمق حركات قلبهم وتبدأ بتحويل نهجهم في العلاقة، من الداخل الى الخارج.

س: يبدو  أن العنوان هو تلميح للكتاب  المشهور الصادر من الولايات المتحدة حول العلاقات بعنوان " الرجال هم من المريخ، والنساء هن من الزهرة." هل كتابك هو ذات صيغة كاثوليكية لأفضل كتاب مُباع؟ ما هو مصدر الإلهام  لوضع هذا العنوان؟

ج: أجل، لقد التقطت التلميح. العنوان مستوحى من بصيرة البابا يوحنا بولس الثاني - - مبنية على أساس كلمات يسوع نفسه في مت 19، 4 – أن مفتاح معرفة وفهم من نحن كرجال ونساء موجود في كتاب سفر التكوين، في قصة آدم وحواء في الحديقة.

كما أشار يوحنا بولس الثاني، الخلق في سفر التكوين كلها "فرضيات،" ليس بمعنى أنها خرافية، ولكن بمعنى أنها تستند على سرد الأحداث التي وقعت في فجر التاريخ بإستخدام لغة الرموز لنقل الحقائق المقنعة لحالة الله والإنسان.

فقط عبر فهم هذه الحقائق سنتمكن من تقدير هويتنا كرجال ونساء  وتحقيق كل ما لدينا من شوق وحب.

س: بالرغم من ما تتداول وتزعم النظريات الشعبية حول الفروقات بين الرجال والنساء بأنها صحيحة، هل يوجد هناك ما تفتقر اليه حول النظرة الى الذكورة والأنوثة، وبعدها  تطرقها الى حيوية العلاقات بين الجنسين؟

ج: أفضل ما يمكن أن يفعله النهج العلماني هو شرح الأسباب البيولوجية، النفسية والإجتماعية التي تجعل النساء والرجال يواجهون صعوبات في العلاقة، وبعدها يمكنها عرض نصائح عملية للتعامل مع هذه الإختلافات. ولكن كما يوضح لنا يوحنا بولس الثاني، هذه الفروقات ليست مجرد مصادفة؛ إنها تشكل جزءاً من تصميم الله الرائع للبشرية. في الواقع، إنها تحمل المفتاح لمعنى وجودنا.

التكامل الجنسي يكشف لنا ما أطلق البابا عليه " معنى الجسد بين الزوجين" - -  أي قدرة الجسد، كونه ذكراً أو أنثى، أن يكون أداة تعبير عن الذات وإعطاء الحب. إكتشف آدم وحواء عندما تواجدا مع بعضهما البعض ، حسب ما جاء في سفر التكوين، أنهما أصبحا "جسد واحد."

إذاً بذلك، ختم الله في هيئة أجسامنا نداء الإتصال والتواصل مع الأشخاص الآخرين، تبادل الحب بحيث يصبح كل شخص هدية للآخر.

ولكن بسبب السقوط بالتجربة - - عصيان والدينا الأولين لكلمة الله - - أصبح التكامل الذي صممه الله  لإعطاء الحياة عبر الإتحاد مصدر صراع. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت معظم العلاقات بين النساء والرجال موسومة بالشهوة، الأنانية، التلاعب وسوء المعاملة.

لهذا يمكنك أن ترى لماذا تظل المشورة في العلاقات على مستوى سطحي جداً  إلا اذا ذهبت الى جذور المشكلة، التي هي الخطيئة، ومفتاح الحل، والتي هي ملجؤنا لإستعادة خطة الله الرائعة من خلال نعمة يسوع المسيح. عند إيجاد هذا المفتاح، يصبح بإمكان الناس التعامل مع ديناميكيات العلاقات على مستوى أعمق بكثير.

س: يشرح البابا يوحنا بولس الثاني أن الرد على سعي الإنسان لتحقيق السعادة يكمن في جنة عدن. هل يمكنك إيضاح هذا؟

ج: كما يشرح يوحنا بولس الثاني، تعرض قصة جذورنا رؤية لماذا تم خلقنا وما هو الغرض العميق لحياتنا.

وفقاً لسفر التكوين، عندما أراد الله صورة عنه في خلق العالم، لم يخلق إنسان منفرد، إنما أوجد زوجين. وهذا يعني أن هناك حاجة لكليهما لتكتمل الصورة.

لماذا؟ لأن وجود الله يُكشف أكثر عند تواصلهما عبر الحب مع بعضهما البعض ! تكشف الحقيقة فقط في العهد الجديد أن الله نفسه هو تواصل واتصال بين الأشخاص، تبادل أبدي للحب بين الآب، الإبن والروح القدس.

وأراد الله أن نختبر المشاركة في هذا التبادل. هذا هو معنى التكامل الجنسي و المهن التي نعيشها ونختبرها، سواء في الزواج أو حياتنا المكرسة.

قبل أن نصبح هدية لشخص آخر عبر الإتصال به جسدياً يجب أن نتعلم أن نحب ونُحَب كما ا لله يُحب، والإستعداد لمشاركة حياته الى الأبد. هذه كرامتنا ومصيرنا، والبحث عن السعادة يعتمد على إكتشافها وعيشها.

س: الى من يتوجه هذا الكتاب؟ الى الشباب؟ الأزواج الذين يواجهون أزمة؟ هل باستطاعة مبتدىء لا يمتلك خلفية في اللاهوت أو الفلسفة  فهم هذا الكتاب؟

ج: هذا الكتاب موجه الى كل الذين ذكرت!

كتابي لا يركز على نصائح عملية، بل على الأسس العقائدية التي يحتاجها الناس لتوجيه قراراتهم العملية. كتب هذا الكتاب مع هدف مساعدة الأفراد العاديين ليصبح بمقدورهم فهم لاهوت الجسد وتطبيقه على حياتهم في مواقف حياتهم العملية والفعلية.

كتب يوحنا بولس الثاني على مستوى نظري جداً، ولكن كونه كاهناً إستشار مئات الأزواج، كما أنه كان يفهم القضايا التي يواجهها الناس جيداً.  لاهوت الجسد ليس مجرد أو صعب جداً على أي شخص. صحيح أن كل من يحاول وضعها طي التنفيذ سيجد تحدياً كبيراً على الصعيد الشخصي – في الحقيقة، وفي نهاية المطاف  سيجدون أن هذا مستحيل  في غياب نعمة الروح القدس.

حتى الكاثوليك المتمرسين والملتزمين سيجدون أنها تسبب ثورة في منظورهم حول الجنس، الزواج والعلاقات. ولكن هذا هو المغزى، لأن هبة التغيير موجودة لكل من يسأل.

فيما يتعلق بالشباب على وجه الخصوص، لقد درست لاهوت الجسد للمراهقين والشباب، ولقد وجدت في كل الحالات توقهم لمعرفة المزيد عن هذه التعاليم. لقد جنا هذا الجيل الثمار  السيئة من الثورة الجنسية، ويرون  حولهم  سقوط وتفكك العائلات وحياة محطمة كلها  تحيط بهم. 

الكثير منهم لا يتآخذون  مع الوعود الكاذبة التي تطلقها الثقافة المتسامحة التي نشؤوا فيها. إنهم مستعدون لشيء جديد. يعطيهم لاهوت الجسد الأمل ويمكنهم على مواصلة مهنهم، أكانت الزواج أو العزوبية، مع شعور عميق للرؤية والهدف.

س: ما هو التأثير الذي تأملين أن يناله هذا الكتاب في العالم الكاثوليكي؟

ج: آمل أن يساعد كتابي الكثير من الناس، كاثوليك وغير كاثوليك، وأن يكتشفوا لاهوت الجسد والصدى الذي قد يوفره لحياتهم. في أميركا وأوروبا، لا يملك الكاثوليك سجل جيد لعرض منهج حياة مختلف عن الثقافة العلمانية المحيطة بهم - - كما يتبين لنا من إحصائيات الزواج، الإجهاض، منع الحمل والعلاقات الجنسية قبل الزواج.

ولكن هذه بداية نحو التغيير.  وأنا مقتنعة بأن إذا اعتمد الجيل الحالي على لاهوت الجسد، سيتم تعزيز الزواج، سوف تلتئم العائلات، سيتم تجديد إحترام حياة الإنسان، وسيحيا الشباب في حماس للعيش من أجل الله.