الرابع من نوفمبر
روما، الثلاثاء 4 نوفمبر 2008 (zenit.org). - ننشر في ما يلي تأمل اليوم الرابع من نوفمبر للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب "بندكتس".
معنى المنّ
كان الهدف من المَنّ في الصحراء إظهار أن الإنسان لا يعيش إلا بالاتكال على الله. يجب على الإنسان أن يتعلم العيش مرتكزًا على الله، لأنه بهذا الشكل يعيش حقًا، ويحصل على الحياة الأبدية، لأن الله أبدي. كل من يعيش مع الله ويعتمد عليه، فهو في الحياة الحقة التي تصل أبعد من الموت. العيش بالاتكال على الله يعني ألا يكون المرء ربّ ذاته، وألا يريد أن يكون مدبر الكون؛ يعني أن يودع الإنسان حلم الاستقلالية والسيادة الذاتية، والاعتراف بأننا لا نستطيع أن نقوم بالأمور على هوانا وأن نتعلم أن نتقبل حياتنا يومًا فيومًا من يدي الله، دون قلق، وفي ثقة تامة. هذا هو المعنى الجوهري للمنّ: أنه يجب أن نعيش متكلين على الله، لا على ذواتنا. يمكننا أن نعيش مرتكزين على الله لأن الله بالذات يعيش لأجلنا. يمكننا أن نعيش مرتكزين على الله لأنه هو بالذات أضحى واحدًا منا، ولأنه أضحى خبزنا. يمكننا أن نعيش مرتكزين على الله لأنه يهب ذاته لنا، ليس فقط كـ "كلمة"، بل كجسد يُبذل ويعطى لنا، بشكل متجدد، في السر... العيش بالارتكاز على الله يعني قبل كل شيء الإيمان، يعني التواصل معه، يعني الدخول في التناغم الداخلي معه... الإيمان يعني العيش بالارتكاز على الله، والذي نجد جسده في الكنيسة؛ يعني أن نتغذى من هذا الإله المتجسد الذي يلاقينا في الأسرار والذي صار متجسدًا لدرجة أنه يهب ذاته لنا في الافخارستيا كجسد، لكي نستطيع الولوج في الحياة الأبدية: تمامًا كما يعيش هو لأجلنا، يجب علينا أن نعيش انطلاقًا منه ولأجله.