الخامس من نوفمبر
روما، الأربعاء نوفمبر 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الخامس من نوفمبر للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
الخبرة المسيحية
تبدأ الخبرة المسيحية في عالم الخبرة المشتركة اليومية. وقد باتت الفسحة الداخلية التي تُختبر فيها الكنيسة في أيامنا هذه عالمًا غريبًا بالنسبة للكثيرين. مع ذلك، ما يزال هذا العالم يشكل إمكانية، ومن واجب التنشئة الدينية أن تفتح أبواب فسحة الخبرة – الكنيسة – وأن تشجع الناس إلى الاهتمام بهذا النوع من الخبرة. عندما يتقاسم الناس الإيمان عينه، عندما يصلون، ويحتفلون، ويفرحون، ويتألمون، ويعيشون سوية، تضحي الكنيسة جماعة وبالتالي فسحة عيش حقة تسمح للبشرية أن تختبر الإيمان كقوة تحمل الحياة في حياة كل يوم وفي مضايق الوجود. من يؤمن حقًا، وينفتح على مفاعيل الإيمان المنضجة، يضحي نورًا للآخرين؛ يضحي حصنًا يلجأ إليه الآخرون للعون. القديسون -كمثال عيش الإيمان الذي جُرّب فوُجد صلبًا، والتسامي الذي اختُبر وتثبت – هم، بشكل ما، الفسحة الحية التي نستطيع الرجوع إليها، والتي تدّخر فيها خبرة الإيمان، وتتأقلم أنثروبولوجيًا، فتقارب حياتنا. بإمكان الخبرة المسيحية الحصرية، بالمعنى الجوهري للكلمة، أن تنمو على نضوج متدرج وتعمق في خبرات من هذا النوع – هذا هو ما تسميه لغة المزامير والعهد الجديد: “تذوق الهبات السماوية” (مز 34، 9؛ 1 بط 2، 3؛ عب 6، 4). من خلالها يستطيع المرء أن يلمس الواقع عينه ولا يعود مجرد مستهلك ثانوي.