روما، الأحد 9 نوفمبر 2008 (Zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل الثامن من نوفمبر للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
أولية الله الحي في الكنيسة
من الممكن مقارنة معرفة الله بمعرفة شخص متيّم: هي معرفة تهمني بكليتي؛ وتتطلب أيضًا إرادتي؛ ولا تصل إلى شيء ما لم تتوصل إلى هذا الإذعان الذي يعانق كل شيء… الكنيسة ليست موجودة لأجل ذاتها. لا يمكنها أن تكون مثل مؤسسة تجهد، في الأوقات الصعبة، محاولةً أن تبقي رأسها فوق مستوى الماء. يترتب على الكنيسة واجب نحو العالم ونحو البشرية. المبرر الوحيد لوجود الكنيسة يعود إلى أن اضمحلال الكنيسة سيجذب البشرية إلى دوامة كسوف الله، وبالتالي إلى كسوف، لا بل إلى دمار كل ما هو إنساني. نحن لا نحارب من أجل بقائنا على قيد الحياة؛ نحن نعي أننا ائتُمنا على مهمة تجعلنا مسؤولين تجاه الجميع. لهذا السبب يتوجب على الكنيسة أن تقيس ذاتها، وأن تقاس من قبل الآخرين، انطلاقًا من مدى حيوية حضور الله ومعرفته وقبوله فيها. فكنيسة هي مجرد مؤسسة تسعى إلى تحقيق مصالحها ما هي إلا كاريكاتير عن الكنيسة. إذا ما تركزت اهتمامات الكنيسة على ذاتها ونظرت فقط إلى الأهداف الضرورية لبقائها، أضحت الكنيسة أمرًا زائدًا وسارت في سبيل الانحطاط، حتى ولو كانت تتمتع بموارد هامة وبإدارة محترفة. يمكنها أن تعيش وأن تكون مثمرة فقط إذا كانت أولية الله حية في داخلها. الكنيسة موجودة لا لأجل ذاتها، بل لأجل البشرية. الكنيسة موجودة لكي يضحي العالم مكان حضور الله، إطار العهد بين الله والبشر.