الرابع والعشرون من نوفمبر
روما، الاثنين 24 نوفمبر 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الرابع والعشرين من نوفمبر للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
نظرة المسيح إلى العالم
حَتَّى الآن، مازالت “نظرة” يسوعَ الشفوقةِ تتجِهُ إلى الناسِ والشعوب. هو يُراقبُهم، مدركاً بأنّ “خطةَ” الله لهم تَتضمّنُ الدعوة للخلاص. يَعْرفُ يسوعُ الأخطارَ التي تهدِّدُ هذه الخطةِ، وهو يمتلأُ بالشفقةِ على الجموع. يُقرِّرُ الدِفَاع عنهم ضدّ الذئابِ حتى ببذلِ حياتِه. بهذهِ النظرةُ يعانقُ يسوعُ الأفرادَ والجماعات، ويستودعُهم بين يدي الآب جاعلاً من نفسِهِ ذبيحةَ تكفيرٍ. بينما تستنيرُ الكنيسةُ بهذه الحقيقةِ الفصحيّة، تُدركُ بأنّه إذا ما أردنا أن نعمل لأجلِ التطويرِ بملئهِ، يجب على “نظرتنا” الخاصة للبشريةِ أَنْ تُقاسَ بحسب نظرةِ المسيحِ لها. في الحقيقة، يَستحيلُ الفَصْلُ بينَ الإستجابةِ لحاجاتِ الناسِ الماديةِ والإجتماعيةِ وتحقيقِ رغباتِ قلوبهم العميقةِ. يَجِبُ علينا تأكيدُ هذا بدرجةٍ أكبر في عالمِ اليومِ المتسمِ بالتغييرِ السريعِ، الذي فيه نحسُّ بشكلٍ طارئ وحيوي بمسؤوليتنا نحو فقراءِ هذا العالم. “نظرةُ” المسيحِ للجموعِ تَدْفعُنا لتَأكيدِ المحتوى الحقيقيِ لـ “مذهب الإنسانيّة الكامل” الكامن في تطوير كامل الإنسان وكُلّ البشر. لهذا السبب، لا تكمُنُ المساهمةُ الأساسيةُ التي تعرضها الكنيسةُ لتطويرِ البشريةِ والناسِ في مجرّدِ الوسائلِ الماديةِ أَو الحلولِ التقنيةِ. بل بالأحرى، في إعلانَ حقيقةِ المسيح، الذي يُربي الضمائرَ ويُعلّمُ الكرامةَ الأصيلةَ للشخصِ وللعملِ؛ وذلك بالترويج لثقافةٍ تجيبُ على كُلّ أسئلة الإنسان.