روما، الجمعة 28 نوفمبر 2008 (Zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل الثامن والعشرون من نوفمبر للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
الحياة الأبدية
ليست الحياة الأبدية فقط ما يأتي لاحقًا، أمرًا لا يمكننا أن نحيطه بأي مفهوم. الحياة الأبدية هي نوعية وجود جديدة، ويمكنها أن تكون حاضرة في وسط الحياة الأرضية وفي وقتيتها الجارية كأمر متجدد ومختلف وأعظم، ولو كان بشكل ناقص ومشرذم. ولكن الخط الفاصل بين الحياة الأبدية والوقتية ليس أبدًا ذا طبيعة زمنية وحسب: كما ولو أن السنوات قبل الموت هي ذات طابع مؤقت؛ والزمن الذي لا ينتهي بعد ذلك هو الأبدية – كما نعتقد عادة. بما أن الأبدية ليست مجرد زمن لا متناهي بل هي بعد وجودي جديد، وبالتالي فإن التمييز الزمني لا يمكن أن يكون صحيحًا. الحياة الأبدية إذًا هي في وسط الزمان في كل مرة نلتقي بالله وجهًا لوجه؛ عبر تأمل الله الحي، يمكنها أن تضحي مثل ركيزة النفس المتينة. أسوة بحب كبير، لا يمكن لأحد أن ينتزعها منا مهما تغيرت الأحوال وتبدلت؛ لا بل هي قلب لا يفسد ومنه تنبع شجاعة وفرح الاستمرارية، حتى عندما تكون الأحوال الخارجية مؤلمة وصعبة… عندما يلمس الله نفس الإنسان يتعلم الإنسان أن يرى… يقول الرب في إنجيل يوحنا: “هذه هي الحياة الأبدية، أن يعرفوك، أنت الإله الحق، ويعرفوا يسوع المسيح الذي أرسلته” (يو 17، 3)… حيثما يتم هذا اللقاء، فهناك الحياة الأبدية. الخط الفاصل بين الحياة الزمنية والحياة الأبدية يمر في وسط الحياة الزمنية.