روما، الثلاثاء 2 ديسمبر 2008 (zenit.org). – عن إذاعة الفاتيكان – قام وفد من أساتذة وطلاب جامعة بارما في شمال إيطاليا بزيارة القصر الرسولي بالفاتيكان حيث استقبلهم البابا بندكتس الـ16 في مقابلة خاصة ووجه لهم كلمة تذكر خلالها محاضرة ألقاها عام 1990 في قاعتها الكبرى حول سبل الإيمان وسط تحولات الزمن الراهن في أوروبا، وتوقف في كلمته لزائريه عند فكر القديس بيار دامياني أحد جهابذتها في القرون الوسطى.
وفي رسالة وجهها إلى رهبان كامالدولي المتوحدين في شباط فبراير من العام الجاري، سلط الحبر الأعظم الضوء فيها على تميز شخصية بيار دامياني أحد أعضاء الرهبنة في الجمع بين الحياة النسكية والنشاط الكنسي التعليمي وفي التناغم الباهر بين الوحدة والشركة.
وسطر الأب الأقدس أن الأجيال الفتية الطالعة تتعرض اليوم لخطر مزدوج نتيجة انتشار تقنيات معلوماتية جديدة، إذ يقلص الخطر الأول قدرة الشبيبة على التركيز والتطبيق الفكري على الصعيد الشخصي، بينما يفضي الأخير إلى الانعزال الفردي في واقع افتراضي متزايد، فيتحطم البعد الاجتماعي ويتجزأ فيما ينطوي البعد الشخصي على نفسه وينغلق على العلاقات البناءة مع الآخر والمختلف.
وأكد البابا أن الجامعة بطبيعتها تحيا بفضل توازنها بين الفردية والجماعية، بين البحث الفردي والتفكير والمشاطرة والمواجهة المنفتحة على الآخرين ضمن أفق جامع وشامل. وأضاف أن هدف الدراسات الأكاديمية هو الإسهام في تحسين نوعية المستوى التربوي والتعليمي في المجتمع الذي يمكّن الشباب من النضوج الفكري والأخلاقي والمدني عبر مقارنة ومواجهة تساؤلاتٍ يطرحها ضمير الإنسان المعاصر.
وقال الحبر الأعظم إن بيار دامياني هو أحد كبار المصلحين في الكنيسة مطلع العام ألف ولبّ ذلك الإصلاح الذي جرى خلال حبرية البابا غريغوريوس السابع، مشيرا إلى أن نبوغ فكر دامياني المجدد قائم على أن كل إصلاح حقيقي وأصيل هو قبل كل شيء روحي وأخلاقي أي أنه ينطلق من الضمائر، كما أن فكر الإصلاح مرتبط تماما بمبدأ الحرية: حرية التعليم والبحث والمؤسسة الأكاديمية إزاء النفوذ الاقتصادي والسياسي.
تجدر الإشارة إلى أن تأسيس جامعة بارما يعود لعام 962 حين أصدر أوتون الأول مرسوما إمبراطوريا اعترف بموجبه بحق الأسقف أوبرتو في تنظيم وانتخاب علماء لمدرسته ومعهده. فلمع بين أفراد الجسم التعليمي آنذاك ضوء الراهب الناسك بيار دامياني الذي أعلنه البابا لاوون الثاني عشر معلم الكنيسة الجامعة في عام 1828.