بقلم روبير شعيب
روما، الثلاثاء 2 ديسمبر 2008 (Zenit.org). – “هناك خطر في اللاهوت التعددي للأديان يكمن في حذف دور الكنيسة، وجعل محورية يسوع المسيح نسبية، وتغيير هيكلية الثالوث الأقدس”.
هذا ما صرح به أمين سر مجلس الأساقفة الإيطاليين، المونسينيور ماريانو كروتشاتا، في مقابلة صحفية مع الصحافي جاني كاردينالي لمجلة “ترنتا جورني” الشهرية.
واعتبر كروتشاتا أن التحدي الكبير في لاهوت الأديان هو “الحفاظ على الإطار اللاهوتي المسيحي والتوصل إلى فهم تعدد الأديان كظاهرة إيجابية في الأفق اللاهوتي للوحي المسيحي – أي كظاهرة تدخل في إطار مشروع يخفى عنا، يقود فيه الله الجميع إلى الخلاص، دون أن يخفف هذا الأمر من فرادة المسيح ووساطته الخلاصية”.
واعتبر المونسينيور الإيطالي الذي يهتم منذ زمن طويل بلاهوت الأديان، أن المجال الوحيد لحوار صحيح مع الأديان، هو ذلك الذي أشار إليه المجمع الفاتيكاني الثاني، والذي ينطلق من سر المسيح الفصحي، و “انطلاقًا من هذا السر يعمل روح القائم من الموت في الأديان الأخرى، دون أن تضحي تلك الأديان مساوية للمسيحية”.
هل تراجعت الكنيسة عن انفتاح المجمع الفاتيكاني الثاني نحو الأديان؟
وجوابًا على السؤال عما إذا كانت الآراء القائلة بأن وثيقة “الرب يسوع” (Dominus Iesus)، التي أصدرها مجمع عقيدة الإيمان، تشكل رجوعًا إلى الوراء بالنسبة للمجمع الفاتيكاني الثاني، قال كروتشاتا: “هذا النوع من الآراء ومن المجادلات يؤدي للأسف إلى تغذية مواقف انقسام، وهو ثمرة تعددية جذرية ومتطرفة تعتبر بأن كل الأديان هي متساوية. فوثيقة “الرب يسوع” بالحقيقة قد كررت جوهريًا ما قاله المجمع الفاتيكاني الثاني، والدليل على ذلك أنها تحمل عددًا كبيرًا من الاستشهادات، وتعبر عن آنية المجمع حول الوحي، وحول فرادة المسيح، وحول ضرورة الكنيسة”.
العلاقة مع المسلمين
هذا وتوقف أمين سر مجلس الأساقفة الإيطاليين على العلاقة مع المسلمين المقيمين في إيطاليا حيث قال: “نتعامل عادة مع قادة دينيين مرجعهم هو دولتهم الأم، لا مرجعية إسلامية دينية لها تشريعها الخاص. فبالواقع، لا يوجد إسلام موحد أو مستقل عن الدولة. وبالتالي فإن تعزيز إسلام ذي مرجعية إيطالية هو حاجة للجميع”.
وتابع قائلاً: “ولكن من الضروري، حتى في هذه الحالة المعقدة، أن يتم تعزيز الديانات الأخرى لكي تضحي شرط اندماج وإدغام، وانسجام، وحتى نمو ديني يكون مدخلاً للحوار، وإمكانية للتعايش بالاحترام المتبادل”.
وعي الهوية الذاتية
ولكن، إلى جانب إفساح المجال للأديان الأخرى، أشار كروتشاتا إلى أن هناك مسألة مهمة ثقافيًا ودينيًا في آن: “من المستحيل فهم الآخر بمعزل عن فهم الذات”. وهذا الأمر ينطبق على المسيحيين تمامًا كما ينطبق على الأديان الأخرى. وبالتالي لا يمكن للمسيحي أن يزعم إنكار ركائزه الثقافية والدينية لينفتح على الآخر، لأن “معرفة الآخر ممكنة فقط إذا ما كنا ذواتنا”.
واستشهد في هذا الإطار بوثيقة الأساقفة الصقليين حول موضوع التمييز المسيحي بشأن الإسلام الذي يتحدث عن ضرورة “معرفة الذات ومعرفة الآخر”، أي احترام الهوية الذاتية، والحرية الذاتية، والتاريخ الشخصي، والحضور الذاتي، الذي هو في نهاية المطاف احتراف للآخر، وافساح المجال له، لهويته، ولضميره، خاتمًا بالقول: “ما من سبيل آخر سوى هذا”.