اللاهوتي بيريلا: يجب على تعليم الماريولوجيا أن يسهم في تمييز التكريم الصحيح لمريم من التكريم الخاطئ
بقلم روبير شعيب
روما، الثلاثاء 9 ديسمبر 2008 (Zenit.org). – “لقد أحرز تعليم الماريولوجيا في المراكز الأكاديمية الكنسية في السنوات العشرين الأخيرة كمًا ونوعيةً”. هذا ما صرح به الأستاذ الأب سالفاتوري بيريلا من كلية الماريانوم اللاهوتية الحبرية في روما، معربًا عن تفاؤله بشأن هذه العالمة الواعدة للمستقبل.
ففي مقالة صدرت لأستاذ اللاهوت المريمي المعاصر في جريدة الفاتيكان شبه الرسمية “الأوسرفاتوري رومانو”، تحدث بيريلا عن نتائج المؤتمر الذي عقد مؤخرًا في جامعة الأنطونيانوم الحبربة بمبادرة من الأكاديمية الحبرية المريمية العالمية، وكلية الماريانوم اللاهوتية الحبرية حول وثيقة مجمع التربية الكاثوليكية “العذراء مريم في التنشئة الفكرية والروحية” في عام 1988، بعد سنة على صدور الرسالة العامة “أم الفادي” للبابا يوحنا بولس الثاني.
الماريولوجيا: اختصاص لاهوتي علائقي بامتياز
صرح بيريلا في مقالته بأنه “خلافًا لما كان يجري في الماضي، لا يمكن فصل الماريولوجيا (اللاهوت المريمي) كاختصاص لاهوتي عن سائر العلوم اللاهوتية. فالتعمق في معرفة مريم يعني التعمق بشكل أعمق في معرفة المسيح والكنيسة والإنسان. وبدورها، الحقيقة بشأن المسيح، الكنيسة والإنسان تنير الحقيقة بشأن مريم”.
“وعليه فإن الماريولوجيا التي تتم صياغتها وتلقينها بحسب معاير علمية وبحس نحو الاختصاصات المتعددة، تشكل إسهامًا هامًا في البحث اللاهوتي”.
وشرح بيريلا بأن الماريولوجيا ليست “اختصاصًا مستقلاً أو منغزلاً، بل هي اختصاص لاهوتي علائقي بامتياز. فكما أن مريم، في واقع النعمة والطبيعة هي امرأة علاقة وحوار، كذلك يمكن اعتبار الماريولوجيا كـ ‘اختصاص التلاقي‘”، وكنقطة لقاء الاختصاصات اللاهوتية المختلفة: الكريستولوجيا، والبنوماتولوجيا (لاهوت الروح القدس)، والإكليزيولوجيا (لاهوت الكنيسة)، ولاهوت الثالوث الأقدس، والأنتروبولوجيا، والليتورجيا، والاسكاتولوجيا (الأخيريات)، والمسكونية…
وبالتالي فاللاهوت المريمي هو “فسحة خلاصة” لاهوتية، وذلك لأن التأمل بدور وشخصية مريم، ومعنى العذراء في إطار الإيمان، وفي احتفال الإيمان وفي حياة الإيمان يرتبط بالضرورة بمواضيع المسيحية الكبرى.
من هنا، أشارت وثيقة مجمع التربية الكاثوليكية إلى أهمية تعليم الماريولوجيا بالقول: “نظرًا لأهمية شخصية العذراء في تاريخ الخلاص وفي حياة شعب الله، وبعد توصيات المجمع الفاتيكاني الثاني والأحبار الأعظمين، لا يمكننا التفكير إطلاقًا بتجاهل تعليم الماريولوجيا اليوم: لذا يجب أن تعطى له المكانة المناسبة في الإكليريكيات وفي الكليات اللاهوتية” (عدد 27).
وشرح بيريلا أن هذه التوصية تتطلب إعداد الطلاب في اللاهوت المريمي عبر تقديم “كل خطوط التواصل في أبعاد شخصية ودور ومعنى أم يسوع، من خلال الربط مع الاختصاصات اللاهوتية في إطار التعليم المجمعي حول تسلسل الحقائق الهرمي”.
عنصر أساسي في سر الفداء
وذكر اللاهوتي بأن “مريم الناصرية ليست عنصرًا هامشيًا في الإيمان المسيحي، بل هي أمة الرب المتواضعة التي يتركز ويتلخص ويتردد فيها صدى السر (راجع نور الأمم، 65). ولذا فعلى التعليم بشأن مريم أن يكون “كاملاً”، أي “يجب أن يتم اعتبار مريم في علاقتها الفريدة مع سر الآب والابن والروح القدس، والكنيسة، والرجل والمرأة، والكون”.
كما وحذر بيريلا أن اعتبار الماريولوجيا من وجهة نظر تتمحور حول مريم وحدها هو “تشويه لأيقونة مريم البيبلية، اللاهوتية والرمزية، الأمر الذي يؤثر سلبًا على الممارسة الرعوية والمسكونية”.
وخلص بيريلا إلى القول بأن تنشئة التلاميذ في الماريولوجيا يجب أن تسهم في إغنائهم “بالمعارف الكاملة والدقيقة لتعليم الكنيسة بشأن العذراء مريم، الأمر الذي يسمح لهم أن يميزوا بين التكريم الصحيح وغير الصحيح لمريم، والعقيدة الأصيلة وشواذاتها من إسراف ونقص؛ وبشكل خاص يفتح لهم باب التأمل وفهم الجمال البديع المشع من أم المسيح؛ وتغذية حب أصيل نحو أم المخلص وأم العالمين يتجلى في أشكال أصيلة من التكريم ويترجم في الاقتداء بفضائلها، وخصوصًا في التزام ثابت بالعيش بحسب وصايا الله”.