الفاتيكان، الخميس 11 ديسمبر 2008 (Zenit.org). – عن إذاعة الفاتيكان – عقدت دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي ظهر اليوم الخميس في قاعة يوحنا بولس الثاني مؤتمرا صحفيا قدمت خلاله رسالة البابا بندكتس الـ16 لمناسبة اليوم العالمي الـ42 للسلام الموافق في الأول من كانون الثاني يناير 2009 وتحمل عنوان: “محاربة القفر، بناء السلام”، بمشاركة الكاردينال ريناتو رافايليه مارتينو رئيس المجلس الحبري للعدالة والسلام ولأمين السر المطران جان باولو كريبالدي اللذين قدما مداخلتين حول الرسالة التي يدعو فيها الأب الأقدس لمكافحة الفقر في العالم من أجل بناء السلام.
يدعو البابا في رسالته لصحوة الضمير الإنساني إزاء مأساة البؤس التي تدوس على حقوق ملايين الأفراد والأشخاص في العالم، ولمحاربة الفقر هناك طريق تقضي بتغيير أنماط الحياة ونماذج الإنتاج والاستهلاك كما والبنيات السلطوية التي تتحكم بالمجتمع. من هنا ضرورة النظر إلى الفقراء ضمن تطلع واعٍ لكون الجميع شركاء في تدبير إلهي واحد وهو الدعوة لبناء عائلة واحدة.
يندد الحبر الأعظم بتنامي التفاوت بين الأغنياء والفقراء الذي بات أكثر وضوحا حتى في الدول المتقدمة اقتصاديا واتساع الهوة بين الشمال والجنوب، بالأزمة الغذائية الراهنة نتيجة المضاربات والمراهنات وبازدياد الإقبال على التسلح وصرف ميزانيات باهظة لها تتسبب بإيجاد جيوب التخلف، ويقول إن الفقر عامل من العوامل التي تسبب النزاعات حتى المسلحة منها لا بل تزيد من حدتها.
وينتقد البابا بشدة تبعات الفقر الأدبية حيث غالبا ما يتم الربط بين الفقر والنمو الديمغرافي وتنتج عنه حملات على مستوى عالمي لخفض نسبة الولادات حتى من وسائل لا تحترم كرامة المرأة ولا حق الوالدين في اختيار عدد البنين وفي بعض الأحيان الحق في الحياة. ويقول إن إبادة ملايين من الأطفال لم يولدوا بعد، باسم مكافحة الفقر، يعني في الواقع إبادة الأكثر فقرا من الكائنات البشرية.
ويستعرض الحبر الأعظم النمو السكاني المتزايد منذ عام 1981 وتقلص نسبة العائشين تحت عتبة الفقر بشكل ملحوظ لا بل تحررت من الفقر شعوب تميزت بنمو ديمغرافي كبير، مضيفا أن هذا المعطى يؤكد على أن الموارد لتسوية مشكلة الفقر متوفرة حتى بحضور نمو سكاني ويختم بالقول إن السكان يشكلون ثروة لا عامل فقر.
ويلفت البابا في رسالته إلى إطار آخر مثير للقلق وهي الأوبئة شأن الملاريا والسل والإيدز والتي بقدر ما تصيب القطاعات الإنتاجية من السكان بقدر ما تؤثر على تدهور الأوضاع العامة في البلاد، ويدعو الجماعة الدولية لبذل المزيد من الجهود لمكافحتها وشن حملات توعية جنسية للشباب تتجاوب مع كرامة الجنس البشري وتوفير الأدوية والعلاجات الضرورية للشعوب الفقيرة أيضا، ما يتطلب بالتالي دعم البحوث الطبية والعلاجية.
ويسطر الأب الأقدس الاهتمام بواقع فقر الأطفال فعندما يصيب الفقر عائلة يكون الأطفال الضحايا الأكثر هشاشة: نصف العائشين اليوم في حالة فقر مدقع هم أطفال ويحض العالم على الالتزام في الدفاع عن العائلة واستقرارها الداخلي، إذ إنه حين تضعف العائلة تقع الأضرار لا محالة على الأطفال، وحيث تغيب حماية كرامة المرأة والأم يعاني الأطفال أكثر من غيرهم.
يقول البابا: يتضح في عالمنا المعولم أن السلام يبنى فقط إذا ما توفرت للجميع إمكانية النمو وأن العولمة بمفردها عاجزة عن بناء السلام لا بل إنها، في حالات عديدة، تسبب انقسامات ونزاعات. تبرز العولمة احتياجا خاصا أي أن تكون موجهة نحو هدف التضامن الحق لخير الأفراد والجميع. في هذا الإطار لا بد من التطلع إلى العولمة كسانحة مؤاتية لتحقيق خطوات هامة في محاربة الفقر وتوفير موارد للعدالة والسلام لم تكن حتى الآن في الحسبان.