كيف يضحي روح المسيح روح المسيحي؟

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الفاتيكان، الخميس 11 ديسمبر 2008 (Zenit.org). – بعد أن توقف الأب الأقدس في تعليم الأسبوع الماضي للكلام عن الخطيئة الأصلية، تحدث في تعليم هذا الأسبوع عن مشاركة المسيحي اليوم في نعمة المسيح.

ولذا تساءل البابا: “كيف تتحقق الشركة مع يسوع، وكيف تتم الولادة الجديدة للدخول في عداد البشرية الجديدة؟ كيف يصل يسوع إلى حياتي وإلى كياني؟”

وأشار البابا أن الجواب الموجز هو التالي: “يصل بواسطة عمل الروح القدس”. فبينما ينطلق التاريخ الأول من الجسد، ينطلق التاريخ الثاني من الروح القدس، روح المسيح القائم.

يضحي روح المسيح ، الروح القدس، روحي عبر ثلاثة أشكال مترابطة حميميًا بعضها ببعض: لقاء الله بالروح القدس، في كلمة التبشير، وفي الأسرار.

وشرح البابا أن الشكل الأول هو بحث الله عن الإنسان إذ يقرع روح المسيح باب قلب الإنسان، ويلمسه من الداخل. ولكن بما أن البشرية الجديدة يجب أن تكون جسدًا حقيقيًا، أشار الأب الأقدس أن روح المسيح يستعين هذا بعُنصُرَين مرئيين يشكلان الشكلين الآخرين: كلمة التبشير والأسرار، وبشكل خاص المعمودية والافخارستيا.

ومن هنا انطلق الأب الأقدس في تفسيره للأسرار، بحسب النظرة البولسية، مركزًا بشكل خاص على أسرار المعمودية، الافخارستيا، والزواج.

المعمودية: عربون حاجتنا إلى الآخر

بالحديث عن المعمودية انطلق الأب الأقدس من ظواهرية فعل الإيمان، الذي هو أمر نحتاج فيه إلى الآخرين للتوصل إليه حيث قال: “لا يأتي الإيمان من فكرنا، من تفكيرنا، فهو شيء جديد لا يمكننا أن نبتكره، بل فقط قبوله كهبة، كجِدَّة تأتي من الله”.

وأوضح أن “الإيمان لا يأتي من القراءة بل من الإصغاء”. وهو “ليس فقط أمرًا داخليًا، بل علاقة مع شخص. ويتطلب الإيمان لقاءً مع إعلان البشارة، يتطلب وجود الآخر الذي يعلن ويخلق الشركة”.

وبالشكل عينه، “ما من أحد يستطيع أن يعمّد ذاته، بل يحتاج إلى آخر. ما من أحد يستطيع أن يصير مسيحيًا من تلقاء نفسه”.

وأوضح بندكتس السادس عشر أن الكنيسة هي “الآخر” الذي يساعدنا في أن نصير مسيحيين لأننا من الكنيسة نتقبل الإيمان، المعمودية.

“لا يمكننا أن نصير مسيحيين إذا لم نسمح لهذه الجماعة أن تُشكلنا. إن مسيحية مستقلة، تكون ذاتها بذاتها، هي تناقض في حد ذاته”. وبالتالي: “ما من أحد يستطيع أن يعمّد نفسه، ما من أحد يجعل ذاته مسيحيًا، بل نضحي مسيحيين”.

كما وشرح البابا أن “المعمودية هي أكثر من غسل. هو موت وقيامة”، وبالتالي “أن نضحي مسيحيين هو أكثر من عملية تجميل، نضيف فيها شيئًا جميلاً إلى وجود متكامل نوعًا ما. المعمودية هي بداية جديدة، هي ولادة جديدة: موت وقيامة. بالطبع، يظهر مع القيامة كل الخير الذي كان في الوجود السابق”.

ثم أضاف الأب الأقدس أمرًا ثالث من مكونات السر، وهي المادة: “المادة هي جزء من السر” لأن “المسيحية ليست واقعًا روحيًا بحتًا، بل تتضمن الجسد والكون، وتمتد نحو الأرض الجديدة والسماء الجديدة”.

الافخارستيا: سر المسيح وسر القريب

ثم انتقل البابا في حديثه إلى الافخارستيا وأوضح أن الخبز الافخارستي هو خبز يصنع الجماعة، هو لي وللآخر أيضًا. وبهذا الشكل “يوحدنا المسيح جميعنا بذاته، ويوحدنا أحدنا بالآخر. نتلقى في المناولة المسيح، ولكنه يتحد بالشكل عينه بقريبي” لأنه “المسيح والقريب لا ينفصلان في الافخارستيا”.

وحذر بندكتس السادس عشر: ” إن إفخارستيا لا تعاش في تعاضد مع الآخرين هي افخارستيا أسيء استعمالها”.

ثم أوضح الأب الأقدس إلى أنه في المناولة المقدسة تتحقق العملية المعاكسة لعملية هضم الإنسان للطعام العادي، ففي المناولة الافخارستية "يستوعبنا المسيح في ذاته، ويدخلنا في جسده الممجد وهكذا نصبح كلنا سوية جسده هو”.

سر الزواج المقدس:

ثم تحدث الأب الأقدس عن سر الزواج بحسب ما يقدمه بولس في الرسالة إلى الأفسسين حيث يصف الزواج بـ “السر العظيم”. ويقول ذلك “إشارة إلى المسيح وإلى كنيسته”.

ولفت البابا إلى أن الرسول يبين البعد العامودي الكامن في سر الزواج، والذي يسمو بالعلاقة الأفقية بين الرجل والمرأة إلى مستوى العلاقة بين المسيح والكنيسة.

وشرح بندكتس السادس عشر أن “هذه العلاقة بين المسيح والكنيسة تجعل البعد اللاهوتي للحب الزوجي بعدًا أولويًا، وترفع العلاقة العاطفية بين الأزواج”.

وأخيرًا أوضح البابا أن الزوجان يعيشان عمق دعوتهما إلى الزواج إذا ما كانا أمينين للديمانية اللاهوتية الكامنة في السر من أمانة للكلمة وللآخر: “يعاش الزواج الأصيل إذا ما جهد الزوجان، في سعيهما الدؤوب للنمو البشري والعاطفي، أن يبقيا مرتبطين دومًا بفعالية “الكلمة” وبمعنى المعمودية. لقد قدّس المسيح الكنيسة، مطهرًا إياها بواسطة غسل الماء، المرفق بالكلمة. الاشتراك في جسد ودم الرب لا يقوم إلا بتدعيم، وإظهار الرباط الذي صار غير منفصم بفضل النعمة”.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير