مجمع خلقيدونيا وأثره على الكنيسة والشعب الأرمنيين (1)

المجامع المسكونيّة التي مهدت لمجمع خلقيدونيا: مجمع نيقيا

Share this Entry

بقلم الأب الياس جانجي

روما، الاثنين 3 مارس 2009 (Zenit.org).- غالباً ما قسم علماء تاريخ الكنيسة المجامع الكنسية إلى قسمين: أولها المجامع الشرقيّة السبعة الأولى، من مجمع نيقيا الأول عام 325 إلى مجمع نيقيا الثاني عام 787؛ وثانيها المجامع الغربيّة أو البابويّة التي عقدت في الغرب وبدعوة من البابا نفسه، أي من المجمع اللاترانيّ الأول في روما عام 1123 حتى المجمع الفاتيكانيّ الثاني عام 1962. وكان سبب هذا التقسيم هو عدم اعتراف الكنيسة الشرقيّة الأرثوذكسيّة بالمجامع التي لحقت بالمجامع السبعة الأولى. ولكن ضمن القسم الأول نرى آباء الكنيسة يميزون المجامع الأربعة الأولى مجمع نيقيا والقسطنطينيّة وأفسس وخلقيدونيا، فهي تؤلف بالنسبة لهم وحدة متماسكة في ذاتها لها قيمة كبيرة. فمنذ القرن الخامس كانت تتمتع هذه المجامع بإجلال واحترام، حتى أن القديس غريغوريوس (لا يُذكر لقبه في المرجع) شبهها بالأناجيل الأربعة، بينما شبهها القديس إيسيدورس أسقف اشبيلية بأنهار الفردوس الأربعة النابعة من الينبوع الوحيد أي المسيح. واعتبرت بهذه الأهمية لأنها أثبتت إيمان الكنيسة ووطدته جوهريّاً وحدّدت العقائد المسيحيّة الجوهريّة .

توصلت الكنيسة إلى عقد المجامع المسكونيّة بفعل اصطدامها بالأخطاء التي هدّدت الإيمان المسيحيّ وزعزعت عقائده الأساسيّة، أي بسبب الهرطقات. وعقدت أيضاً بسبب واقع مواجهتها لبعض الأحداث كالانشقاقات التي هدّدت وحدتها. عندها حاول رعاتها حلّ هذه المشاكل جماعياً عبر مجامع محلية؛ ومع تنصر الإمبراطوريّة، ظهرت المجامع المسكونيّة الكبرى. ساد النظام الديمقراطيّ هذه الاجتماعات، وكانت تعقد بدعوة من الأباطرة أنفسهم، وحظي الرأي الأرثوذكسيّ فيها على موافقة الامبراطور .

    1ـ1. مجمع نيقيا 325

نشأت المسيحية في الشرق، كما في الغرب، إبّان حكم الامبراطوريّة الرومانيّة. ولأسباب عديدة اعتبر الأباطرة أن المسيحييّن هم أعداء الدولة، فشنوا عليهم ابتداءً من نيرون حملات اضطهاد. وبعد أن هدأت الاضطهادات التي لاقتها الكنيسة لمدّة ثلاثة قرون بصدور مرسوم “التسامح الدينيّ”  في عصر الملك قسطنطين 313 م، جاءت الحاجة ملّحة لعقد مجمع مسكونيّ لحلّ المشاكل التنظيميّة الخاصّة بالأبرشيات، ولتحديد موعد محدّد لعيد الفصح. أما السبب المباشر لعقد المجمع فقد كان بدعة آريوس، لأن الإمبراطوريّة كادت تنقسم بسبب تلك البدعة، حيث أنه كان آريوس يعتقد بأن ابن الله أتى من العدم؛ وأنه كان هناك وقت، لم يكن الابن فيه موجوداً؛ وأنه باختياره كان قادراً أن يكون صالحاً أو طالحاً؛ وأنه مخلوق ومصنوع . كان أسقف الإسكندرية أول من عارض هذه الفكرة، مما أدى إلى انشقاق في كنيسته، فأصبح جزء من الشعب مع أسقف المدينة “الكسندريوس”  والقسم الآخر يدعم الكاهن آريوس وآراءه الخاطئة. وانتشرت هذه الفكرة أيضاً خارج حدود مصر في مختلف أقاليم العالم المسيحيّ مما هدّد بنشر الخلافات في الكنيسة جمعاء. إنّ تفاقم التصلّب في المواقف الدينيّة واشتداد حدّة الاضطهادات دفعا الإمبراطور قسطنطين إلى التدخّل بحزم وشدّة، حيث أنه كان قد أنهى لتوه توحيد الإمبراطوريّة، فخشي أن تعيد تعاليم آريوس البلبلة في الدولة ، فقرر الدعوة لمجمع مسكونيّ يشارك فيه كل الأساقفة بغية تحديد عقائد الإيمان تحديداً جليًّا ووضع حدّ لهذا التصلّب.

  1ـ1ـ1. البدعة الآريوسية

تعود هذه البدعة إلى آريوس الليبيّ الأصل. درس أولاً في الاسكندريّة ، وبعدها انتقل إلى انطاكيا، جمع آريوس في تعليمه بين المدرستين الإسكندريّة والإنطاكيّة، تأثر بالفلسفة اليونانية وبالأخص بالفلسفة الأفلاطونية والرواقية ، وبالتيارات اللاهوتيّة المحيطة به، وبأستاذه الكبير لوقيانوس ونهل منهم جميعاً. مما دعى به إلى انحراف أفكاره اللاهوتيّة عن الإيمان المستقيم .

أنكر آريوس ألوهية السيد المسيح، فاعتبر أن اللوغوس إله، ولكنه إله مخلوق وليس من جوهر الآب، حيث أن الألوهة واحدة غير مخلوقة ولا مولودة. فاللوغوس كائن وسيط بين الله الإله الحقيقيّ (الآب) وبين العالم المخلوق لأنه لا يليق أن يتصل الله بالخليقة، وأنه أسمى من أن تكون له علاقة مباشرة بالخليقة. غير أن الاعتراف بألوهيّة المسيح يخالف في نظره توحيد الله، فلا يمكن اعتبار المسيح إلهاً، لشدّة إيمان أريوس بتسامي الله وتعاليمه.

انطلق آريوس من المونارخيّة  والدونيّة  ليثبت اعتقاده. فاعتمد على المونارخية ليقول أن الله هو الإله الوحيد والواحد، الأزلي وغير المولود، فلا يمكن بالتالي أن يكون أحد معه، وإلا لم يعد وحيداً. فهو يسبق كلمته (اللوغوس) بطريقة ما . لجأ آريوس كسواه من الهراطقة إلى الكتاب المقدّس لتبرير تعاليمه، فاستشهد بعدد كبير من الآيات منها سفر الأمثال: «الرب خلقني أول طرقه» . من هنا نستنتج بأن الآريوسييّن لم يفرقوا بين الطبيعة والأقنوم، فإن تسمية الابن لله لا تعني تجزئة طبيعته الإلهية وجعلها إلهين اثنين . أما اللوغوس لم يكن موجوداً في وقت من الأوقات، وبما أن الولادة تتطلب انتقال شيء من الطبيعة ذاتها، فلا يمكن أن تفهم إلا بأن يفقد الآب شيئاً من جوهره اللامتناهيّ، فبالتالي استنتح آريوس بأن البنوة لم تكن بحسب الطبيعة، بل بالتبنّي، على شكل البنوة الإلهيّة للبشر. فاستنتج أن اللوغوس لا يمكن أن يكون إلهاً بالمعنى الحقيقيّ، إنما هو أول مخلوقات الله، مخلوقاً من العدم، ول
يس أزليّاً مثل الآب . بما أن ابن الله خليقة فهو خاضع للتغير مثل كافة الكائنات، لكنه بإرادته يستطيع أن يبقى صالحاً .

تأثر آريوس بفكر أوريجانس الذي اعتبر الابن من ذات جوهر الآب، ولكنه أدنى منه. كما شدّد على مبدأ “الدونيّة” ، معتقداً أن في الثالوث ثلاثة جواهر متمايزة، غير متشابهة ولا متساويّة. أصلها الآب الذي يعتبر الأصل والحكمة والقوة، فالابن هو أول الخلائق، خلق من العدم .

وينتج من ذلك، في رأي آريوس وأتباعه، ان المسيح غير مساوٍ للآب. فهو ليس إلهاً من إله، إنما هو فقط من أصل إلهيّ. فذلك يعطيه مركزاً رفيعاً لدى الآب. فهو الوسيط بين الآب والخلائق، وهو أيضاً الوسيط في الخلق. وهو الذي، في لحظة من الأزل، خلق الروح القدس. فكما أن الابن هو صُنْع الآب، كذلك الروح القدس هو صُنْع الابن.

نشر آريوس وأتباعه أفكارهم في كل مكان بالمناقشات الفلسفيّة العلنيّة ولا سّيمَا بالترانيم الشعبيّة، بحيث انه في بداية القرن الرابع أفاقت الكنيسة المسيحيّة في الشرق والغرب من كابوس المجادلات الفلسفيّة وإنشاد الترانيم الهرطوقيّة لتجد نفسها على شفير الآريوسيّة.

1ـ1ـ2. تاريخ المجمع

انعقد المجمع في نيقية  سنة 325م بأمر الملك قسطنطين خوفاًَ من الانقسام الحاد الحادث في الإمبراطوريّة بسب بدعة آريوس. وكان عدد آباء هذا المجمع حسب ما وصل إلينا في تقليد الكنيسة 318، علماً بأن عدد الآباء الحقيقيّ غير مؤكد، ولربما لم يتجاوز الثلاثمئة أسقف. وقد اختلفت آراء المؤرخين، فيما يختص تحديد العدد الصحيح. ويبدو أن هذا الاختلاف الطفيف في الرقم، عائد، إلى اشتراك أساقفة جدد وصلوا متأخرين إلى المجمع. وقد أتلف الآريوسيون بعد ذلك قرارات المجمع، فاضطر اثناسيوس إلى عقد مجمع آخر في الاسكندريّة، دُعي “مجمع الآباء المعترفين”، عام 362، جلب فيه الآباء كل ما يملكونه من معلومات عن المجمع، وأعادوا جمع القوانين العشرين وقانون الإيمان النيقاويّ .

قدم آباء نيقيا من مختلف البلاد، ومثلوا غالبية المقاطعات: فقد حضر أساقفة من اليونان وسوريا وفينيقيا، وفلسطين ومصر وطيبة، وليبيا وكيليكيا وبلاد ما بين النهرين، وغلاطية وكبادوكيا وآسيا، وفريجيا وبمفيليا وتراقيا، ومكدونيا وأخائية وأبيروس، وإيطاليا وغاليا وإسبانيا وأفريقيا الشماليّة، إلا أن أسقف روما لم يتمكن من الحضور بسبب تقدمه في السن، فأرسل ممثلين عنه هما الكاهنان فكتور وفنشنزو. كما كان حاضراً سيسيليانوس أسقف قرطاجة من أفريقيا. وشارك في المجمع نسّاك من الصحراء ورجال بدت على أجسامهم آثار الاضطهاد والتعذيب. وادّعى البعض أنّه كان بين الحضور نفر من الفلاسفة الوثنيّين الذين قادهم حبّ الاستطلاع إلى هذا الاجتماع .

ترأس المجمع “الأسقف الجالس عن يمين الامبراطور” ، حيث أنه اختلف المؤرخون حول هوية الشخص الذي ترأس المجمع. فمن المرجح أنه كان أفستاثيوس أسقف انطاكيا، أو ربما كان اوسابيوس أسقف قيصريّة كما يقول سوزومينوس أو أوسيوس أسقف قرطبة على حسب ما وصل إلينا من القديس أثناسيوس . 

لم تحفظ أعمال المجمع باللغة اليونانية ولا حتى باللغة اللاتينية. وكل ما وصلنا منها مأخوذ من مؤلفات افسابيوس وروفينوس وسقراط وسوزومينوس وثيودوريطس وايرونيموس، ومما كتبه جلاسيوس الأول في عهد الامبراطور زينون سنة 476 وهو الذي صار فيما بعد أسقفاً على قيصريّة فلسطين .

1ـ 1ـ3. تحديده الإيمانيّ

نظم قسطنطين هذا المجمع على نسق المجامع المدنيّة التي كان يعقدها بها للتدول في أمور الدولة، وكانت الجلسات عامّة لجميع المشاركين. وصلنا من أعمال المجمع ثلاثة وثائق: دستور الإيمان، الرسالة المجمعيّة والعشرين قانون. ومن الواضح أنه لم يكن يوجد محاضر للأعمال المجمعيّة، وكلّ ما كان يتبناه الآباء من قوانين أو عقائد كانوا يصادقون عليها ويوقعونها، كما يذكر أوسابيوس في كتابه “حياة قسطنطين”. أراد المجتمعون الاستفادة من الفرصة لمناقشة بعض المسائل التنظيميّة  واتخاذ القرارات اللازمة التي وافق عليها الجميع .

يعد قانون الإيمان النيقاويّ  أول تحديد عقائديّ جماعيّ اتخذته السلطة الكنسية، له تأثير كبير على المجامع الكبرى ، ولا يزال يتداول حتى يومنا هذا مع بعض الإضافة. ينقسم هذا القانون إلى جزئين الأول يحتوي على صيغة إيمان المعموديّة، بينما يحتوي الثاني على صيغ لإدانة طروحات آريوس العقائديّة وسأتناول بالتفصيل كل من هذه الصيغ:

ـ الابن المولود من الآب: نشأت الديانة اليهوديّة وسط شعوب وحضارات كانت العقيدة السائدة فيها الايمان بتعدّد الآلهة، كالبابليّة والمصريّة والفينيقيّة واليونانيّة. وقد توصّل الشعب اليهوديّ إلى الإيمان بوحدانيّة الله تدريجيّاً مع إبراهيم وسائر الآباء، وبشكل واضح ونهائيّ مع موسى. وتكرّس هذا الايمان في الوصية الأولى من وصايا الله . فكانوا يدعونه “الإله الوحيد، الله الأب” لتميزه عن الآلهة المزيفة، فظهرت فكرة وحدانية الله في العهد القديم، وجاء المسيح في العهد الجديد وحدثنا عن الله الآب وأوضح لنا سر الثالوث وأرانا إياه في المعموديّة، وغيرها من الأحداث .

«ربنا يسوع المسيح ابن الله الوحيد، المولود من الآب» إن هذه العقيدة مستوحاة من العهد الجديد، كما نرى أن يسوع ذاته يحدثنا عن الأب السماويّ “أبي الذي في السماوات” مركزاً بذلك على البنوة الروحيّة الإلهية ولم يركز على نوع هذا التبني. وربما هذا ما قاد آريوس إلى ا
لاعتقاد ببنوة الله الآب ليسوع بأبوة بشريّة معتبراً إياها بمثابة الولادة البشريّة . فالولادة هي برأيه بحسب الطبيعة، وليس نتيجة تدّخل إرادة الله الآب. وبالتالي الكائن المولود يختلف عن المخلوق بالجوهر. أقر آباء المجمع أن الابن مولود من جوهر الآب، وليس من أقنوم الآب، بل من جوهر الآب وطبيعته. ولذلك أضاف الأباء: «إله من إله، نور من نور، إله حق من إله حق» وذلك للاعتراف بأن “الآب” هو إله ونور وإله حق، وكذلك “الابن” هو إله ونور وإله حق.</p>

ـ الابن مولود غير المخلوق: تجاه ادعاء آريوس واتباعه بأن الكلمة قد خُلق من العدم، أعلن آباء المجمع بأن يسوع الأقنوم الثاني هو “مولود غير مخلوق” لأنه إذا كان ابن الله الحقيقيّ هو ابن بحسب الطبيعة فهو ليس مخلوقاً، بل خالق. وإن القوة الخالقة هي بطبيعتها خالقة. فخلط أريوس ما بين الخاصيّة الأقنوميّة وبين صفات الجوهر، وحوّل الصفة الأقنوميّة إلى صفة من صفات الجوهر الإلهيّ وبذلك فصل جوهر الابن عن جوهر الآب، واعتبر أن الآب كائن لا تعتمد كينونته على آخر، بينما الابن كينونته متوقفة على الآب. أى أنه اعتبر أن كينونة الابن كينونة من نوع آخر. أما كينونة الآب فنابعة منه وهو يملكها، وكما يقول علماء اللاهوت أنه يملك في ذاته علّة وجوده. أما بحسب رأي آريوس فإن الابن لا يملك في ذاته علّّة وجوده، لأن وجوده نابع من الآب ومعتمد عليه. أمام هذا التفكير قرر آباء المجمع أن اقنوم الابن هو مولود من جوهر الآب، وليس مخلوق عنه. فالولادة هي صفة أقنوميّة وليست صفة جوهرّية.

ـ الامووسيوس (الابن المساوٍ للآب في الجوهر): كان رأي بعض الأساقفة خلال مجمع نيقيا هو الاعتماد على العبارات الكتابيّة فقط. لكن بعدما وجد آباء هذا المجمع أن هذه العبارات يمكن أن تفسّر بما يضّيع معناها. قرروا ايجاد عبارات أوضح وأدّق دلالة وخالية من كل غموض، عملوا على تثبيتها بهدف الوحدة في الإيمان ، وهكذا أجمع الآباء على إدخال كلمة “امووسيوس”  الكلمة الغير الكتابيّة، من الثقافة اليونانيّة، المتجذرة في الإسكندريّة . كان هذا التعبير عصب الأساس لمجمع نيقيا، بالرغم من كونه من المفردات الفلسفيّة التي لا علاقة لها باللاهوت. استخدم الآباء هذا التعبير ضد آريوس بالذات لأنه قبل بتعبير “مشابه للآب” عوضاً عن “مساو للآب” وذلك لاثبات التشابه التام بين الآب والابن في الهوية. فألوهيّة الابن في الطبيعة مثل الآب، ومساوية له في كل شيء. كما أنه لا يمكن اطلاق هذا اللفظ على كائنين إلا إذا كانا شخصين متمايزين، لأنه لا يمكن لأي شيء أن يكون مساوياً في الجوهر لنفسه، بل لشيء آخر. وبالتالي يمكن للآب وللابن أن يكونا متساويان في الجوهر وذلك في الطبيعة الإلهية، وأن يكونا شخصين متمايزين . وفي هذا الصدد يعبّر القديس اثناسيوس عن هذا خير تعبير: «إن الابن ليس مشابهاً للآب فحسب، بل هو المنبثق من الآب، ومساو له تماماً؛ هو غير منفصل عن جوهر الآب… نحن نعترف بمبدأ واحد، ولا نقول أن للوغوس الخالق، حياة مختلفة عن حياة الله الواحد. ولكن يمكن اتهام الآريوسيّين بتعدد الآلهة أو بالإلحاد؛ فهم يعتقدون أن الابن خليقة إلهيّة غريبة، وكذلك الروح القدس، مخلوق من العدم. وهكذا  هم مرغمون على القول، إما أن اللوغوس ليس إلهاً، وإما أنه ليس من جوهر الآب. وبما أنهم يعترفون بأنه إله حسب قول الكتب المقدسة، فذلك يؤدي بهم إلى الاعتراف بعدة آلهة بسبب اختلافها (أي الآب والابن)، وإذا قالوا أنه إله بالمشاركة كبقية الأشياء، فهم أيضاً كفرة، لأن اللوغوس يصبح واحداً من المخلوقات. وهذا ما لا نقبل به إطلاقاً. إن نوع الجوهر الإلهيّ واحد، وهذا ما يتصف به اللوغوس أيضاً. واحد هو الله الآب، الكائن بحدّ ذاته، وفوق كل شيء: يظهر في الابن، ويهيمن على الأشياء كلها، بواسطة الابن الذي فيه. وهكذا نعترف بإله واحد في الثالوث، ولا بالألوهيّة المتعدّدة الأوجه، التي ينادي بها الهراطقة، لأننا نؤمن بألوهيّة واحدة في الثالوث» .

كما ذكرت سابقاً، أراد الآباء الاستفادة من الفرصة المتاحة لهم في هذا الاجتماع لمناقشة بعض المسائل التنظيميّة، فأصدروا عشرين قانوناً في نهاية مناقشاتهم تناولت عدداً كبيراً من المواضيع أغلبها إدارية وتنظيميّة وحياتيّة، وقد قسمها الأبوان أبرص وعرب إلى خمسة مواضيع: هيكليّة الكنيسة، كرامة الاكليروس، التوبة العلنية، قبول المنشقين والهراطقة، ترتيبات ليتورجيّة . سيثبت المجمع المسكونيّ الرابع في قانونه الأول، ومجمع ترولو والمجمع المسكونيّ السابع هذه القوانين . كما قام الآباء بتعيين موعد محدّد لعيد الفصح.

قرر آباء المجمع الحكم على آريوس والأساقفة المشارعين له، فنفاهم الامبراطور، وتمّ تعيين أساقفة جدد بدل المنفييّن.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير