ياوندي، الكاميرون، الجمعة 20 مارس 2009 (Zenit.org). – ننشر في ما يلي السؤالين الخامس والسادس من المقابلة التي أجريت مع الأب الأقدس بندكتس السادس عشر، خلال الرحلة البابوية الجوية الى مطار ياوندي في الكاميرون يوم الثلاثاء 17 مارس.

سؤال: قداسة البابا، من بين ما تعاني منه افريقيا، هناك بنوع خاص انتشار الإيدز. موقف الكنيسة الكاثوليكية حول طريقة مكافحة هذا المرض، غالباً ما يُعتبر غير واقعي وغير فعال. هل ستتطرقون الى هذه المشكلة خلال الزيارة؟

البابا: على العكس: أعتقد بأن الواقع الأكثر فعالية، والأكثر حضوراً على جبهة مكافحة الإيدز هو الكنيسة الكاثوليكية، بكل حركاتها، وبكل مؤسساتها المختلفة. أفكر بجماعة سانت إيجيديو التي تقوم بالكثير، في العلن وفي الخفاء، في مكافحة الإيدز، وافكر بجميع الراهبات اللواتي يعملن في خدمة المرضى... لا يمكن التغلب على مشكلة الإيدز من خلال شعارات إعلانية. إذا لم تكن هناك الروح، وإذا لم تكن هناك المساعدة بين الافريقيين، لا يمكن إيجاد حل لهذه الآفة من خلال توزيع الواقيات الذكرية: بل على العكس، هناك خطر أن تكبر المشكلة.

الحل يكمن فقط في مجهود مزدوج: الأول، أنسنة الجنس، أي العمل على تجديد روحي وبشري يحمل في طياته طريقة تصرف جديدة بين الأشخاص. والثاني يكمن في صداقة حقيقية وخاصة بالنسبة للأشخاص المتألمين، وفي التضحية الشخصية في سبيل مساعدة المعانين. هذه هي العوامل التي تساعد على تحقيق تقدم ملموس.

وبالتالي، نتحدث هنا عن قوة مزدوجة لتجديد الإنسان من الداخل، وإعطاء قوة روحية وبشرية من أجل تصرف عادل تجاه الجسد الخاص، وتجاه جسد الآخر؛ وعن القدرة على التألم مع المتألمين، وتأمين حضور في أوقات المحنة. أعتقد بأن هذا هو الجواب الصحيح، والكنيسة تقوم بذلك وتقدم مساهمة كبيرة وبالغة الأهمية. الشكر الكبير لكل من يقومون بذلك.

سؤال: قداسة البابا، ما هي علامات الرجاء للكنيسة في افريقيا؟ هل تظنون بأنكم ستوجهون لافريقيا رسالة رجاء؟

البابا: إيماننا هو رجاء: هذا ما يقوله الكتاب المقدس. وبالتالي، من يؤمن فهو مقتنع بأن يحمل الرجاء. يبدو لي، على الرغم من كل المشاكل التي نعرفها جيداً، هناك علامات كبيرة للرجاء. حكومات جديدة، استعداد جديد للتعاون، مكافحة الفساد – هذا الشر الكبير الذي لا بد من التغلب عليه! -  فضلاً عن انفتاح الديانات التقليدية على المسيحية، لأنه في جميع الديانات التقليدية الجميع يعترف بالله، الإله الواحد، ولكنه يبدو بعيداً، وهم ينتظرون منه أن يقترب. وفي البشارة بالإله الذي صار بشراً، تجد هذه الديانات ذاتها. وعلاوة على ذلك هناك نقاط مشتركة مع الكنيسة الكاثوليكية: فعلى سبيل المثال، عبادة الأسلاف، تجد جواباً لها في شراكة القديسين، في المطهر. القديسون ليسوا فقط من رُفعوا الى درجة القداسة، بل إنهم جميع موتانا. وهكذا، في جسد يسوع يتحقق ما تتمحور حوله عبادة الأسلاف، وهكذا دواليك.

وبالتالي فإن هناك لقاء عميق يعطي الرجاء بالفعل. على صعيد آخر، يتقدم ايضاً الحوار مع المسلمين – لقد تحدثت حتى الآن الى أكثر من نصف أساقفة افريقيا، وقالوا لي إن العلاقات مع المسلمين، على الرغم من المشاكل التي قد تنجم، واعدة للغاية؛ الحوار ينمو في الاحترام المتبادل والتعاون في المسؤوليات الأخلاقية المشتركة. كما وأن هناك أيضاً نمو لحس الكاثوليكية الذي يساعد على تخطي مشكلة القبلية، ويؤدي الى الفرح المسيحي.

مشكلة الديانات التقليدية هي الخوف من الأرواح. قال لي أحد الأساقفة الافريقيين: يرتد المرء الى المسيحية ، ويصبح مسيحياً بالفعل، عندما يعلم بأن المسيح هو بالفعل أقوى. لم يعد هناك خوف. وهذا بحد ذاته هو أيضاً ظاهرة نمو. على الرغم من العوامل والمشاكل، تنمو القوى الروحية، والاقتصادية والبشرية، التي تعطينا الرجاء. وأود بالتحديد أن أسلط الضوء على عناصر الرجاء.

نقله إلى العربية طوني عساف – وكالة زينيت العالمية (ZENIT.org)