بندكتس السادس عشر والكهنة: كنيسة روما، معقل المحبة (6)

اللقاء مع إكليروس روما (الخميس 26 فبراير)

Share this Entry

روما، الثلاثاء 10 مارس 2009 (ZENIT.org) – في 26 فبراير الماضي كان للبابا بندكتس السادس عشر لقاء تقليدي مع الرعاة والكهنة في أبرشية روما، يجريه سنوياً في بداية زمن الصوم الكبير. في هذا اللقاء طرح الكهنة ثمانية أسئلة على البابا حول مواضيع مختلفة. ننشر في ما يلي خلاصة عن السؤال السادس والإجابة التي أعطاها عنه بندكتس السادس عشر.

السؤال السادس

هذا السؤال طرحه الأب الكرملي لوسيو ماريا ثاباتوري حول الخدمة الأبوية.

“تحدثتم عن الخدمة الفريدة والخاصة بأسقف روما الذي يشرف على وحدة المحبة العالمية. أطلب منكم متابعة هذا التأمل بتوسيعه إلى الكنيسة جمعاء: ما هي الهبة اللدنية الفريدة لدى كنيسة روما، وما هي الخصائص التي تجعل منها بفعل نعمة إلهية فريدة في العالم أجمع؟ إن أسقف كنيسة روما هو البابا المسؤول عن الكنيسة جمعاء: ما هي تأثيرات ذلك على خدمته بخاصة في أيامنا الحالية؟… نود أن نعرف كيف نعيش هذه الهبة، هبة العيش ككهنة في روما وما تتوقعونه منا ككهنة رومانيين. بعد أيام قليلة، سوف تزورون مقر بلدية روما للقاء السلطات المدنية في روما وعرض المشاكل المادية التي تعاني منها مدينتنا: نسألكم اليوم أن تطلعونا على المشاكل الروحية التي تقاسيها روما وكنيستها. وعن زيارتكم إلى مقر البلدية، سمحت لنفسي أن أهديكم موشحة باللهجة الرومانية، طالباً منكم التحلي بالصبر للاستماع إليها: زيارة البابا إلى مقر البلدية/ زيارة مثيرة للدهشة/ لأن خروجه هذه المرة من مقره/ يصب في مصلحة جيرانه./ دعاه رئيس البلدية والمجلس البلدي/ بكل فخر ومحبة/ ففي روما إن شئت أم أبيت/ لا سبيل للاستغناء عن البابوية./ في قلبك روما/ حملت قوة الحضارة./ فعندما اختارك بطرس/ جعلك الله سرمدية./ رحبي بالبابا بندكتس الذي جاء يباركك ويشكرك!”

بندكتس السادس عشر – شكراً. لقد استمعنا إلى القلب الروماني، قلب الشعر. من الممتع الاستماع إلى حديث باللهجة الرومانية ومعرفة أن الشعر متأصل في القلب الروماني. ربما يكون امتيازاً طبيعياً منحه الرب لأهل روما. إنه هبة لدنية تفوق الهبات الكنسية.

أعتقد أن السؤال الذي طرحتموه يتألف من قسمين. تسألون أولاً عن المسؤولية الفعلية لأسقف روما في أيامنا هذه، ومن ثم توسعون الامتياز الأبوي لكنيسة روما جمعاء – كان الأمر سيان في الكنيسة الأولية – فتسألون عن واجبات كنيسة روما لتلبية هذه الدعوة.

ليس من الضروري هنا عرض عقيدة الأولية إذ أنكم تعرفونها جيداً. إلا أنه من المهم التوقف عند الموضوع القائم على أن خليفة بطرس وخدمته يضمنان فعلاً شمولية الكنيسة، والتفوق على الانتماءات الوطنية والحواجز الأخرى الموجودة اليوم لدى البشرية لتكون حقاً كنيسة في تنوع وغنى الثقافات المتعددة.

نلاحظ أن الجماعات الكنسية الأخرى والكنائس الأخرى تشعر بالحاجة إلى نقطة مشتركة للحؤول دون الوقوع في شرك الانتماء الوطني وتعريف ثقافة محددة، ولتصبح منفتحة على بعضها البعض، فتكون مرغمة نوعاً ما على الانفتاح دوماً على الأخريات. هنا تظهر خدمة خليفة بطرس الأساسية المتمثلة في ضمان هذه الكاثوليكية التي تتضمن التعددية والتنوع وغنى الثقافات واحترام الاختلافات، وتنبذ التسلط وتوحد الجميع مرغمة إياهم على الانفتاح والتواجد في وحدة عائلة الله التي أرادها الرب وضمن من أجلها خليفة بطرس كوحدة للتنوع كله.

طبعاً يجب على كنيسة خليفة بطرس أن تحمل مع أسقفها فرح هذه المسؤولية. ففي الرؤيا، يظهر الأسقف فعلاً كملاك كنيسته أي ككمال كنيسته الذي يجب أن تلبيه الكنيسة عينها. وبالتالي يجب على كنيسة روما، كنيسة خليفة بطرس، أن تضمن تحديداً هذه الشمولية، هذا الانفتاح، هذه المسؤولية من أجل سمو المحبة، تفوق المحبة هذا الذي ينبذ الخصوصيات. كما يتعين عليها أن تضمن الوفاء لكلمة الرب ولهبة الإيمان التي لم نخترعها نحن بل الله منحنا إياها. هذا هو دوماً واجب كنيسة روما وامتيازها الذي يقضي بنبذ العادات والخصوصيات والبدع والهرطقات. هذا واجب ضمان الشمولية والوفاء للكمال وغنى إيمانها ودربها في التاريخ المنفتح دوماً على المستقبل. ومع شهادة الإيمان والشمولية هذه، يجب أن تكون قدوة محبة.

هذا ما يقوله لنا القديس أغناطيوس الذي يرى في هذه الكلمة الخفية سر الافخارستيا وفعل المحبة للآخرين. إن هذا الأمر مهم جداً بالعودة إلى النقطة السابقة: أي هذا التماثل مع سر الافخارستيا، سر المحبة وحضور المحبة التي أعطيت في المسيح. لا بد لها من أن يكون دوماً محبة، رمزاً ودافعاً للمحبة في الانفتاح على الآخرين، ولبذل أنفسنا للآخرين، ولهذه المسؤولية تجاه المحتاجين والفقراء والمنسيين. إنها مسؤولية عظيمة.

إن الترؤس في سر الافخارستيا يؤدي إلى الترؤس في المحبة التي لا يمكن إظهارها إلا من خلال الجماعة عينها. هذا هو الواجب الكبير، السؤال الكبير الذي يُطرح على كنيسة روما: أن تكون قدوة ونقطة انطلاق للمحبة. من هنا فإنها معقل المحبة.

إننا في بيت الكهنة في روما من مختلف القارات والأعراق والفلسفات والثقافات. لذا يسعدني أن يعبر بحق بيت الكهنة في روما عن الشمولية وأن يتواجد حضور الكنيسة جمعاء في وحدة الكنيسة المحلية الصغيرة. ومن الصعب والموجب أيضاً أن نكون رسل شهادة المحبة وأن نكون في عداد الآخرين مع ربنا. لا يسعنا إلا الابتهال إلى الرب ليساعدنا في الأبرشيات والجمعيات الخاصة فنتمكن معاً من أن نكون أوفياء لهذه الهبة ولهذا التفويض: الترؤس في المحبة.

 
   

نقلته من الفرنسية إلى العربية غرة معيط (ZENIT.org)
حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2009

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير