البابا يتحدث عن مبشر الشعوب الجرمانية، القديس بونيفاسيوس
الفاتيكان، الأربعاء 11 مارس 2009 (Zenit.org). – تحدث الأب الأقدس في تعليم الأربعاء عن مرسل عظيم من القرن الثامن، نشر المسيحية في أوروبا الوسطى وهو القديس بونيفاسيوس الذي اشتهر في التاريخ بلقب “رسول الجرمانيين”.
سيرة مختصرة
ولد بونيفاسيوس في إنكترا ودخل الحياة الرهبانية وهو في ريعان الشباب. سيم كاهنًا وله من العمر نحو 30 عامًا، وشعر بأنه مدعو إلى الخدمة الرسولية بين الوثنيين في القارة الأوروبية وبدعم البابا، التزم بالتبشير بالإنجيل في تلك المناطق، محاربًا ضد العبادات الوثنية ومعززًا أسس الأخلاق البشرية والمسيحية. قام الحبر الأعظم بالذات بسيامته “أسقفًا إقليميًا”، أي على كل ألمانيا. وتابع بونيفاسيوس جهده الرسولي في المناطق الموكلة إليه ومد نشاطه أيضًا إلى كنيسة الغال، وبحرص بالغ أصلح النظام الكنسي، وعقد عدة سينودوسات لضمان سلطة القوانين المقدسة، وعزز الشركة الضرورية مع الحبر الروماني: وكانت هذه نقطة عزيزة على قلبه. بفضل بونيفاسيوس، وبفضل رهبانه وراهباته – فقد كان للنساء دورهن الهام جدًا في عمل التبشير هذا – أزهرت ثقافة إنسانية لا تنفصل عن الإيمان بل تكشف جماله. ولما كان له من العمر 80 عامًا تهيأ لإرسالية تبشيرية جديدة: وعاد مع 50 من الرهبان إلى فريزيا (هولندا) حيث بدأ عمله التبشيري كشاب. في 5 يونيو 754، انقضت عليه عصابة من الوثنيين. وتقدم صوبهم بمحيا هادئ، “ومنع خاصته من مجابهتهم قائلاً: ‘توقفوا يا بَنيّ عن القتال، تخلوا عن الحرب، لأن شهادة الكتاب المقدس تحضنا على ألا نبادل الشر بالشر، بل الشر بالخير. هذا هو اليوم الذي اشتقته منذ زمن، هوذا زمن نهايتنا قد أتى؛ تشجعوا بالرب!” كانت هذه كلماته الاخيرة قبل أن يسقط تحت وقع ضربات المعتدين.
رسالة بونيفاسيوس للمؤمنين اليوم
بعد أن عرض الاب الأقدس سيرة الأسقف القديس، قدم 3 خصائص من حياة بونيفاسيوس يمكنها أن تكون آنية لمسيحيي اليوم:
“التوجيه الأول الذي يفرض نفسه على من يدنو من بونيفاسيوس هو محورية كلمة الله، المعاشة والمفسرة في إيمان الكنيسة، كلمة عاشها، وأعلنها، وشهد لها وصولاً إلى هبة الذات السامية في الاستشهاد”.
وتابع الأب الأقدس: “كان مغرمًا بكلمة الله لدرجة أنه كان يشعر بضرورة حملها إلى الآخرين، حتى ولو على حساب أمنه الشخصي”.
ثم قال: “الطابع الثاني الذي يظهر من حياة بونيافسيوس هو الشركة الامينة مع الكرسي الرسولي، الذي كان نقطة ثابتة ومحورية في عمله الإرسالي، وقد حافظ دومًا على هذه الشركة كشرعة رسالته وتركها كوصية تقريبًا”.
“كان ثمرة هذا الالتزام روح التئام حول خليفة بطرس، نقله بونيفاسيوس إلى الكنائس في محيط رسالته، موحدًا مع روما إنكلترا، ألمانيا، فرنسا، ومسهمًا بهذا الشكل، إلى حد عميق، في وضع الجذور المسيحية لأوروبا، والتي ستأتي بثمار خصبة في العصور اللاحقة”.
وأخيرًا قال البابا: “الخاصية الثالثة لبونيفاسيوس التي تلفت انتباهنا هي تشجيعه للقاء بين الثقافة الرومانية-المسيحية والثقافة الجرمانية. كان يعرف أن أنسنة وتبشير الثقافة في جزء لا يتجزأ من رسالته كأسقف. عبر نقل التراث القديم من القيم المسيحية، قام بونيفاسيوس بتطعيم أسلوب جديد من الحياة الأكثر إنسانية في الشعوب الجرمانية. بفضل هذا العمل، تم التوصل إلى احترام أكبر لحقوق الشخص البشري. كابن أصيل للقديس مبارك، عرف أن يجمع بين الصلاة والعمل (اليدوي والفكري)، بين القلم والمحراث”.
وفي الختام قال بندكتس السادس عشر: “يذكرنا بونيفاسويس بأن المسيحية، عبر تعزيز نشر الثقافة، تعزز تطور الإنسان. ومن واجبنا الآن أن نكون على مستوى إرث قيم مثل هذا، وأن نجعله يثمر لصالح الأجيال اللاحقة”.