البابا: المصالحة مع الإخوة المنشقين هي أولوية من أولويات المحبة المسيحية

” ‘النهش والأكل‘ الذي يتحدث عنه بولس في رسالته إلى الغلاطيين ما زال موجودًا اليوم في الكنيسة كتعبير عن حرية أسيء فهمها”

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، الخميس 12 مارس 2009 (Zenit.org). – “في زمننا الحالي حيث تعيش مناطق واسعة من الأرض في خطر أن تنطفئ فيها شعلة الإيمان التي لا تجد تغذية، الأولوية التي تسبق جميع الأولويات هي أن نجعل الله حاضرًا في هذا العالم وأن نفتح للبشر السبيل للاتصال بالله”، هذا ما قاله البابا بندكتس السادس عشر متحدثًا عن أوليات حبريته، في الرسالة التي وجهها بشأن إزالة الحرم عن الأساقفة اللوفيفريين الأربعة.

فقد تساءل البابا في معرض الرسالة: “هل كانت إزالة هذا  الحرم ضرورية؟ أو كانت تشكل أولوية حقًا؟ أليست هناك أمور أهم؟”

وأجاب: “بالطبع هناك أمور أهم وأكثر إلحاحًا. لقد قام الرب عينه في العلية بتحديد الأولوية الأولى لخليفة بطرس بشكل واضح: “أنت… ثبت إخوتك” (لو 22، 32). وقد قدم بطرس عينه هذه الأولوية بشكل جديد في رسالته الأولى: “كونوا دومًا مستعدين أن تقدموا لكل من يسألكم حجة عن الرجاء الذي فيكم” (1 بط 3، 15).

وتابع الأب الأقدس: “في زمننا الحالي حيث تعيش مناطق واسعة من الأرض في خطر أن تنطفئ فيها شعلة الإيمان التي لا تجد تغذية، الأولوية التي تسبق جميع الأولويات هي أن نجعل الله حاضرًا في هذا العالم وأن نفتح للبشر السبيل للاتصال بالله. لا بأي إله كان، بل بالإله الذي تحدث على جبل سيناء؛ ذلك الإله الذي نتعرف على وجهه في الحب الذي وصل إلى المنتهى (راجع يو 13، 1) – في يسوع المسيح المصلوب والقائم”.

“المشكلة الحقيقية في زمننا الحالي هي أن الله يختفي من أفق البشر ومع انطفاء النور الآتي من الله تضيع البشرية وجهتها، وتظهر نتائج هذا الضياع المدمرة أكثر فأكثر”.

وأضاف الأب الأقدس: “الأولوية السامية والأساسية بالنسبة للكنيسة ولخليفة بطرس في هذا الزمن هي أن نقود البشر نحو الله، نحو الإله الذي يتحدث عنه الكتاب المقدس. من هنا النتيجة المنطقية هي أن تكون وحدة المؤمنين عزيزة على قلبنا. فخلافهم وعداوتهم الداخلية تشكك في مصداقية كلامهم عن الله”.

“لهذا فإن الجهد من أجل شهادة إيمان مسيحي مشتركة – للعمل المسكوني – هي من ضمن الأولية السامية. وتنضم إلى ذلك ضرورة أن يسعى جميع المؤمنين بالله إلى السلام، وأن يسعوا إلى التقارب بعضهم من بعض، لكي يسيروا سوية، حتى ولو في اختلاف تصورهم بشأن الله، نحو منهل النور – وهذا هو الحوار بن الأديان”.

“من يعلن أن الله محبة ‘حتى المنتهى‘، يتوجب عليه أن يشهد للمحبة”.

وعليه، إذا ما كان الالتزام المشترك والمضني لأجل الإيمان والرجاء والمحبة في العالم يشكل في هذا الزمن (وبأشكال مختلفة، دائمًا) أولية الكنيسة الحقة، فإن المصالحات الصغيرة والمتوسطة هي جزء من هذا الالتزام”.

وسأل البابا: “هل كان حقًا أمرًا سيئًا الذهاب للقاء “أخ له عليك شيئًا” (راجع مت 5، 23+) ومحاولة المصالحة؟ أليس بالحري من واجب المجتمع المدني أن يحاول منع التطرف والسعي لإعادة خرط من ينتمي إليها – قدر المستطاع – في القوى الكبيرة التي تطبع الحياة الاجتماعية، لتحول دون عزلهم مع كل ما يحمل ذلك من نتائج؟ هل يعقل أن يكون أمرًا خاطئًا بالكلية الالتزام في فك التصلب والاحتقان، بغية إفساح المجال لما هو إيجابي ولما يمكن إرجاعه؟”

وتحدث الأب الأقدس عن خبرته الشخصية عن كيفية تحول الجو الداخلي في الجماعات التي عادت إلى روما، فتخلت عن مواقفها الأحادية الجانب ونتجت عن ذلك قوى إيجابية للعمل سوية.

وأضاف: “هل يمكننا أن نبقى غير مبالين أمام جماعة تضم 491 كاهنًا، 215 إكليريكيًا، 6 إكليريكيات، 88 مدرسة، معهدين جامعيين، 117 راهب، 164 راهبة وآلاف المؤمنين؟ هل نستطيع حقًا أن نتركهم يذهبون بهدوء بعيدًا عن الكنيسة؟

ولم يغفل الأب الأقدس مع ذلك الإشارة إلى بعض أقوال مسؤولي تلك الجماعة الذين صرحوا بأمور “غير متناغمة” نابعة عن الكبرياء والتعجرف، والتصلب الأحادي الجانب. ولكنه اعترف بأنه تلقى “شهادات مؤثرة تعبر عن العرفان، ظهر فيها انفتاح القلوب”.

في الختام استشهد الأب الأقدس برسالة بولس إلى أهل غلاطية: “لا تجعلوا الحرية فرصة للجسد، بل بفضل المحبة اخدموا بعضكم بعضا. تمام الشريعة كلها في هذه الكلمة الواحدة: ‘أحبب قريبك حبك لنفسك‘. فإذا كنتم تنهشون وتأكلون بعضكم بعضا، فاحذروا أن يفني بعضكم بعضا” (غلا 5، 13 – 15).

اعترف الأب الأقدس أنه لطالما كان ميالاً إلى اعتبار هذه الجملة كإحدى المبالغات البلاغية التي توجد عادة عند القديس بولس، ثم أضاف: “ولكن للأسف هذا ‘النهش والأكل‘ ما زال موجودًا اليوم في الكنيسة كتعبير عن حرية أسيء فهمها”. وشدد البابا في هذا الإطار على ضرورة أن “نتعلم دومًا ومن جديد الأولوية العليا: المحبة”.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير