ياوندي، الكاميرون، الأربعاء 18 مارس 2009 (Zenit.org). – ننشر في ما يلي السؤالين الأول والثاني من المقابلة التي أجريت مع الأب الأقدس بندكتس السادس عشر، خلال الرحلة البابوية الجوية الى مطار ياوندي في الكاميرون يوم الثلاثاء 17 مارس.
سؤال: قداسة البابا، منذ فترة – وخاصة بعد رسالتكم الأخيرة الى الأساقفة حول العالم – تتحدث الكثير من الجرائد عن “وحدة البابا”. ماذا تقولون في هذا الصدد؟ هل فعلاً تشعرون بالوحدة؟ وبأي شعور – وخاصة بعد الأحداث الأخيرة – تذهبون الى افريقيا؟
البابا: في الحقيقة، أود أن أقول إن هذه الأسطورة حول “وحدتي” مضحكة بعض الشيء: لا أشعر أنني وحيد بتاتاً. كل يوم ألتقي بمعاوني المقربين، بدءاً من أمين سر الدولة ووصولاً الى مجمع نشر الإيمان، إلخ. ألتقي بانتظام برؤساء المجالس الحبرية، وأستقبل كل يوم الأساقفة خلال زيارتهم القانونية، مؤخراً التقيت بأساقفة نيجيريا والأرجنتين فرداً فرداً… التقت بجمعيتين عامتين هذه الأيام، جمعية مجمع العبادة الإلهية، وجمعية مجمع الإكليروس، فضلاً عن اللقاءت الودية. وحتى بعض الأصدقاء قدموا من ألمانيا لتمضية نهار معي… الوحدة ليست مشكلة إذن، أنا فعلاً محاط بالأصدقاء في تعاون رائع مع أساقفة، ومعاونين وعلمانيين وأنا شاكر لكل ذلك.
أذهب الى افريقيا بفرح كبير: أنا أحب أفريقيا، لدي الكثير من الاصدقاء الأفارقة منذ أن كنت أستاذاً وحتى اليوم. أحب فرح الإيمان، هذا الإيمان الفرح الموجود في افريقيا. انتم تعلمون أن مهمة خليفة بطرس هي أن “يثبت الإخوة في الإيمان”: وهذا ما أحاول فعله. ولكنني أكيد بأنني سأعود مثبَّتاً من قبل الإخوة، حاملاً عدوى فرح إيمانهم”.
سؤال: قداسة البابا، تذهبون الى افريقيا وسط أزمة اقتصادية عالمية تنعكس أيضاً على البلدان الفقيرة. وعدا عن ذلك، فإن أفريقيا اليوم على وشك أزمة غذائية. أود أن أسأل ثلاثة أشياء: هل سيكون هناك صدى لهذا الوضع في رحلتكم؟ هل ستوجهون ندائ للمجتمع الدولي ليأخذ على عاتقه مشاكب أفريقيا؟ هل ستتكلمون عن هذه المواضيع في رئالتكم العامة المقبلة؟
البابا: شكراً على السؤال. بالطبع لا أذهب الى افريقيا مع برنامج سياسي-اقتصادي، فهذا ليس من اختصاصي. أذهب مع برنامج ديني، برنامج إيمان وأخلاق، وهذا بحد ذاته إسهام أساسي لإيجاد حل للأزمة الاقتصادية التي نمر بها في هذا الوقت. جميعنا يعلم إنه من العوامل الأساسية في الأزمة هو النقص في الآداب في الهيكليات الاقتصادية. الجميع يفهم الآن بأن الآداب ليست شيئاً خارجاً عن الاقتصاد، بل إنها في صلبه، والاقتصاد لا يستمر ما لم يحمل في ذاته العنصر الأدبي. ولذلك، ففي كلمتي عن الله، وعن القيم الروحية الكبيرة التي تكون الحياة المسيحية، أحاول أن أقدم إسهامي لتخطي هذه الأزمة، بتجديد النظام الاقتصادي من الداخل، حيث توجد الأزمة الحقيقية.
بالطبع أيضاً، سأحث على التضامن الدولي: الكنيسة هي كاثوليكية، أي جامعة، منفتحة على كل الثقافات، على كل القارات؛ هي حاضرة في كل الأنظمة السياسية، وبالتالي فإن التضامن هو مبدأ داخلي، أساسي بالنسبة للكاثوليكية. أود بالطبع أن أوجه نداء الى التضامن الكاثوليكي بحد ذاته، ومن ثم الى تضامن جميع الذين يرون مسؤوليتهم في المجتمع الإنساني الآني. من الواضح أنني سأتحدث عن ذلك أيضاً في رسالتي العامي: وهذا سبب التأخر في صدورها. كانت قد جهزت للطباعة، ولكن مع وقوع الأزمة أعدنا النظر في النص، للإجابة بحسب مقدراتنا، وبحسب عقيدة الكنيسة الاجتماعية. أتمنى أن تكون الرسالة دافعاً وقوة لتخطي الوضع الحالي الصعب.
نقله إلى العربية طوني عساف – وكالة زينيت العالمية (ZENIT.org)