روما، الأحد 22 مارس 2009 (ZENIT.org) – ننشر في ما يلي الرسالة التي بعث بها الأب الأقدس بندكتس السادس عشر إلى المشاركين في المؤتمر الدولي حول “الحياة، العائلة والتنمية: دور المرأة في تعزيز حقوق الإنسان”، الذي أجري في الفاتيكان بتاريخ 20 و 21 مارس الجاري برعاية المجلس الحبري عدالة وسلام بالتعاون مع التحالف العالمي للمرأة من أجل الحياة والعائلة، والاتحاد العالمي للمنظمات النسائية الكاثوليكية:
***
إلى أخي الجليل
الكاردينال ريناتو رافايللي مارتينو
يسعدني أن أوجه تحياتي القلبية لكم أيضاً ولجميع المشاركين في المؤتمر الدولي حول “الحياة، العائلة والتنمية: دور المرأة في تعزيز حقوق الإنسان”. هذا الحدث الذي يجري برعاية المجلس الحبري عدالة وسلام بالتعاون مع التحالف العالمي للمرأة من أجل الحياة والعائلة، والاتحاد العالمي للمنظمات النسائية الكاثوليكية وجمعيات أخرى، يشكل استجابة نموذجية لدعوة سلفي البابا يوحنا بولس الثاني إلى “حركة نسائية جديدة” مع القدرة على تغيير الثقافة وصبغها باحترام حاسم للحياة (راجع إنجيل الحياة 98- 99).
إننا نكتشف في كل يوم المزيد من الأوضاع التي تكون فيها الحياة معرضة للخطر بخاصة في مراحلها الأكثر هشاشة. وفي حين أن العدالة تطالب بشجب هذه الأوضاع واعتبارها انتهاكاً لحقوق الإنسان، لا بد لها أيضاً من إثارة استجابة إيجابية واستباقية. وهنا فإن فعل إدراك وتقدير مخطط الله للمرأة في نقل الحياة وتربية الأبناء يعتبر خطوة بناءة في هذا الاتجاه. أبعد من ذلك، ونظراً إلى دور المرأة المميز في المجتمع، لا بد من تشجيعها على اغتنام فرصة تعزيز كرامة الحياة من خلال مشاركتها في التربية وفي الحياة السياسية والمدنية. ولأن الخالق وهبها “استيعاباً فريداً للآخر”، فإن المرأة تؤدي دوراً مهماً في تعزيز حقوق الإنسان، إذ أن نسيج المجتمع الاجتماعية يضعف من دون صوتها (الرسالة إلى أساقفة الكنيسة الكاثوليكية عن تعاون الرجال والنساء في الكنيسة وفي العالم، مجمع عقيدة الإيمان، 13). إنكم إذ تفكرون في دور المرأة في تعزيز حقوق الإنسان، أدعوكم إلى الاهتمام دوماً بمهمة أشرت إليها في العديد من المناسبات أي بتصحيح أي اعتقاد خاطئ بأن المسيحية هي مجرد جملة من الوصايا والمحظورات. إن الإنجيل هو رسالة فرح تشجع الرجال والنساء على الابتهاج في المحبة الزوجية؛ وبعيداً عن كبتها يجعلها الإيمان والأخلاقيات المسيحية صحية وقوية وحرة. هذا هو المعنى الحقيقي للوصايا العشر: فهي ليست جملة من “المحظورات” بل “ترحيباً” عظيماً بالمحبة والحياة (راجع الكلمة إلى المشاركين في الاتفاقية الكنسية لأبرشية روما، 5 يونيو 2006).
أرجو أن تُترجم مناقشاتكم خلال اليومين القادمين بمبادرات ملموسة تحمي دور العائلة الأساسي في التنمية المتكاملة للإنسان والمجتمع ككل. إن عبقرية المرأة في التعبئة والتنظيم يمنحها البراعة والدفع من أجل تنمية شبكات أوسع لتبادل التجارب وصوغ أفكار جديدة. فإنجازات التحالف العالمي للمرأة من أجل الحياة والعائلة والاتحاد العالمي للمنظمات النسائية الكاثوليكية تشكل مثلاً بارزاً عن ذلك. هنا أشجع أعضاءهما على المثابرة في خدمتهم السخية للمجتمع. فلتستمر دائرة تأثيركم في التوسع على الصعد الإقليمية والوطنية والدولية من أجل تعزيز حقوق الإنسان المبنية على القاعدة المتينة للزواج والعائلة.
مجدداً أوجه أفضل التمنيات بنجاح هذا المؤتمر وأصلي من أجل استمرار رسالة المنظمات المشاركة. إني إذ أبتهل شفاعة مريم، “الرمز وأكمل تحقيق في الكنيسة” (تعليم الكنيسة الكاثوليكية، 570)، أمنحكم بركتي الرسولية من صميم القلب.
البابا بندكتس السادس عشر
نقلته من الإنكليزية إلى العربية غرة معيط – وكالة زينيت العالمية
حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2009