روما، الجمعة 21 أغسطس 2009 (Zenit.org). –عن موقع كلدايا.نت – تزخر مدينة الرصافة الأثرية والتي تسمى باليونانية سرجيوبوليس بالمنشآت والأبنية الأثرية الضخمة حيث يوجد فيها (البازيليكا) الكبرى إلى جانب سبع كنائس بين كبيرة وصغيرة .وتضم مدينة الرصافة الأثرية التي تبعد 30 كم جنوب غربي مدينة الرقة (البازيليكا) وهي كنيسة مبنية على طراز المحاكم الرومانية بهياكلها المميزة والتي شيدتها المسيحية الأولى.
وتشتهر (البازيليكا) الكبرى الموجودة في الرقة والتي تعتبر من أهم البازيكليات القديمة في العالم بركائزها التي لها شكلا مصلبا وهى من ذات الأبهاء الثلاثة والحنية النصف دائرية ومن الإضافات الجديدة فيها الساقان الموجودتان على البهو الأوسط والبهوين الجانبيين وركائز هذه الكنيسة لها شكل مستطيل وسماكة 80 سم وبطول مترين تقريبا وللأقواس العرضانية طول يصل إلى عشرة أمتار وقد أنشئت هذه الأقواس على صف واحد من الأحجار فنتج عن ذلك قوس مزدوج بسبب طبيعة الأحجار الرملية المنشأ القابلة للتفتت والتي لا يمكن أن يشكل منها بلوكات كبيرة.
وقال محمد السرحان مدير دائرة آثار الرقة انه تم تجديد اغلب أقواس الكنيسة في العصر الأموي حيث أضاف المهندسون لها أجنحة مساعدة على الركائز الأساسية الرئيسية في كل من طرفي البهو الأوسط والبهوين الجانبيين بشكل متناظر لتخفيف الضغط من القوى الأفقية الحاصل من الأعلى وتعزيز الأقواس لتفادى الهزات الأرضية موضحا أن الزلزال الذي ضرب منطقة الرقة في القرن الثامن الميلادي والذي أصاب الكنيسة الكبرى قد أظهر مناطق الضعف الإنشائي والمعماري ما حدا بالمهندسين بوضع ثلاثة اعمد بين ركيزتين مصلبتي الشكل لتقصير مسار الأقواس وكانت هذه الأعمدة تحمل أقواسا صغيرة مغطاة بجدار من الحجر الكلسي انطلاقا من سطحها ولغاية وسط الأقواس .
وأضاف بان لـ(البازيليكا) بناء في وسط بهوها الرئيس على شكل نصف دائري وهو ما يطلق عليه اسم (البيما) وهو بناء من جهته الأمامية الشرقية مقوس على شكل نصف دائرة مخصص لأداء الطقوس والشعائر الدينية أثناء إقامة القداس المقدس في (البازيليكا) ويقسم هذا المعبد من الداخل بواسطة صفين من الأعمدة يقسمانه إلى ثلاثة أقسام والى ثلاثة معازب أو أبهاء.
من جهته, قال الباحث محمد العزو إن من أهم الكنائس الموجودة في مدينة الرصافة الأثرية هي كنيسة القديس سيرجيوس التي تعتبر من اكبر الكنائس في المشرق العربي وقد بنيت عام 559 للميلاد ومازالت الأقسام الشرقية قائمة كلها تقريبا أما من الجهتين الشمالية والغربية فالجدران الخارجية قائمة حتى ارتفاع أعلى النافذة ولهذه الكنيسة ثلاثة محاريب زينت أقواسها بالزخارف المنحوتة ، ويبلغ طولها 42 مترا وعرضها 34 مترا وطول بهوها الأوسط 22 مترا وعرض 10 أمتار.
وأوضح أن المنقبين عثروا على بلاطة المحراب الجانبي الشرقي الذي يعتقد أنها كانت على ضريح أحد القديسين ولعله القديس سرجيوس ويشاهد مجموعة من الأعمدة والتيجان المزخرفة وبعض الأعمدة وردية اللون والتي يعتقد أنها مجلوبة من مدينة بعلبك التاريخية في لبنان .
وأشار العزو إلى أن لهذه الكنيسة قبة مركزية محمولة على مربع ولهذا المربع في زواياه الأربع أقواس على شكل مثلثات فراغية نتج عنها حلقة دائرية شكلت الرقبة الأساسية للقبة المركزية وهذه القبة سمحت بإنشاء نوافذ ذات ارتفاعات متساوية ومزودة بزجاج واطر خشبية ملونة على كامل الدائرة ما أتاح المجال لإنارة الكنيسة من الداخل وكان هذا النور في حقيقة الأمر يعطى رؤية واضحة ويكسر الفواصل والحدود وينشر حالة من الفرح والألفة بين المتعبدين أثناء تأدية القداس المقدس .
وبين أن الصحن الرئيسي لهذه الكنيسة في الجهة الشرقية ينتهي بحنية مزودة بثلاث نوافذ تطل على الشرق ويصعد إلى هذه الحنية بواسطة إدراج نصف دائرية تنتهي أطرافها من الشمال والجنوب عند عتبات مدخلين لغرفتين تحيطان بهذه الحنية من اليمين ومن اليسار لهما دور وظيفي ديني ، فالحجرة التي تقع على اليسار لها درج يصعد إلى الأعلى الطابق الثاني لغرفة التعميد أما الطابق الأرضي لغرفة التعميد فقد عثر فيها على قوس كبير متصدع عليه زخارف تمثل أوراق الكرمة وزهرة الاكانتوس ولهذه الحجرة نافذة من الجهة الشرقية ويلاحظ أيضا أثار الفتحات المخصصة للأعمدة الخشبية التي كانت تحمل سقف الدور العلوي أما الحجرة التي على يمين الحنية الشرقية فهي الأخرى كانت مخصصة لأغراض دينية .
وقد تمكنت البعثة السورية الألمانية العاملة في موقع الرصافة خلال الموسم الحالي من الكشف عن الملحقات السكنية للقصور الأموية إضافة إلى الكشف عن غرفة مشادة فوق حجر كلسي جدرانها من الأجر المشوي وفى أعلى هذه الجدران مواضع لتركيب الأعمدة التي وجد بعض آثارها وهى دلالة على أن المبنى كان يتألف من طابقين كما تم الكشف عن برج يمثل زاوية مبنى ومصطبة بديعة التشكيل وفى غاية الجمال يعتقد أنها كانت تستخدم كأريكة للجلوس ومكانا لإقامة الخليفة هشام بن عبد الملك.
يذكر أن البعثات الأثرية العاملة في الموقع خلال المواسم الماضية عثرت في منطقة المذبح الحنية الشرقية على حصيرة من الفسيفساء وكذلك على صندوق يحتوى على مجموعة من الأواني الفضية والنحاسية مطعمة بالفضة والذهب وعليها كتابات سريانية تعود إلى القرون الوسطى وقد أطلق المنقبون على هذه اللقى اسم كنز الرصافة.