ويقول التاريخ السعردي إن الجاثليق فافا لكبر سنه وضعف حركته أرسل شمعون برصباعي ومار شاهدوست للنيابة عنه في مجمع نيقية سنة 325، وقال قوم إنه استناب شمعون برصباعي ومار يعقوب النصيبيني.
وقد انقضَّ سنة 341 على الجاثليق شمعون اضطهاد شابور الثاني المسمى بالاضطهاد الأربعيني، الذي أودى بحياة ألوف المسيحيين من أساقفة وكهنة ومؤمنين. وكان شمعون إذ ذاك في سنته الثانية عشرة على كرسي المدائن خلفاً لفافا، حسبما جاء في التاريخ الكنسي لابن العبري.
أما ماري بن سليمان وصليبا والتاريخ السعردي فيقولون إنها سنته الثامنة عشرة. وجرى استشهاد مار شمعون مع كثيرين آخرين في مدينة كرخ ليدان من أعمال الأهواز سنة 341 في يوم جمعة الآلام. ودفن في مدينة السوس. ونقل تذكار جميع هؤلاء الشهداء إلى جمعة المعترفين الواقعة بعد عيد القيامة. أما يوم الجمعة السادسة من سابوع القيظ فهو تذكار تكريس المذبح المشيد في مدينة كرخ ليدان لإكرامه.
وكان الملك شابور يضمر شراً لمسيحيي منطقته، ويتربص الفرص للإيقاع بهم. فأراد أن يضايق المسيحيين الساكنين في مملكته بفرض جزية مضاعفة عليهم. فكتب رسائل إلى حكام البلاد يدعوهم بالقبض على شمعون رئيسهم، ولا يخلى سبيله إلا بعد أن يتعهد بجبي ودفع جزية مضاعفة عن شعبه.
فألقي القبض على مار شمعون، وتليت على مسامعه ما جاء في رسالة الملك، وطلب منه إنجازها. لكنه رفض طلبهم، لأن سلطته الروحية لا تسمح له التصرف بما يطلبه الملك منه. وطلب منهم أن يبلغوا الملك أن شعبه لا يتسنى له دفع الجزية مضاعفة لكونه فقير. فكتب الحكام رسالة إلى شابور يخبروه فيها عن رفض مار شمعون ما أمر الملك. فاحتدم غيظاً لعدم طاعة مار شمعون لأمره.
واستطاع اليهود الوصول عند شابور الملك وافتروا على مار شمعون بأنه مرتبط في مواقفه بما يمليه عليه ملوك الروم أعداء الساسانيين. وللحال كتب شابور رسالة ثانية للحكام طلب منهم أن يبلغوا شمعون بأن عدم طاعته للأوامر الملكية سيحمل شعبه إلى الهلاك والموت. وما أن وصلت الرسالة الملكية، حتى استدعي شمعون ثانية وتليت عليه رسالة الملك. وبعد أن استمع نص الرسالة وما تحتويه من التهديد والوعيد. أجاب قائلاً: ” إن كلامي الأول والأخير واحد، وهو أني لا أفرض الجزية على الشعب الذي استودعني إياه المسيح ربي. بل أني أرضى باحتمال مختلف أنواع الموت في سبيله. وكما أن المسيح صلب عن جميع الشعوب لكي يحييها بصليبه، كذلك أنا أموت عوض الشعب الذي أعطاني إياه في هذه المملكة، لئلا يموت عن حقيقة المسيح. وسوف ابذل ذاتي في سبيل حقيقتي وإيمان تلاميذي. بل أهب دمي في سبيل رعيتي، وأقدم عنقي للسيف عوض قطيعي “.
ولما سمع الحكام قول شمعون اخبروا الملك بذلك. وحينما قرئت الرسالة على مسامعه، ثار ثائره وهاج كالأسد الضاري، وزأر بصوت شديد، وماجت في نفسه غريزة الانتقام والبطش. وأصدر أمراً بأعمال السيف في الكهنة والشمامسة وبهدم الكنائس وتدنيس المقدسات. وكتب رسالة ثالثة طلب فيها من الحكام القبض على شمعون وإرساله إليه، بعد هدم كنيسته.
ولما سمع شمعون هذه الأوامر، لم يفزع ولم يضطرب ولم ترتخِ عزيمته وهو يرى كنيسته تهدم، بل مجد الله. وقبل أن يرحل إلى منطقة الأهواز لمقابلة الملك شابور، دعا الرهبان والكهنة والشمامسة وخاطبهم مشجعاً إياهم قائلاً: ” تقوَّوا ولا تتخادلوا، فقد دعيتم لهذا الأمر وله خصصتم ذواتكم، إذ صرتم تلاميذ المسيح. فانظروا إلى ما احتمله من الهوان لأجلكم، وتفرسوا في صليبه. تأملوا الأنبياء الذين قتلوا، والرسل الذين رجموا، لتعلموا أن الله ليس بضعيف، وأن مسيحه ليس بعاجز مغلوب. إنما يريد أن يظهر قوته في الضعفاء، وأن يعلن حياته في موتهم. فإذا رفعتم عيون قلوبكم إليه، فهو سيشملنا بنظره، ويقوي ضعفنا وينصرنا في الجهاد. وأعلموا أن الضيق سيعبر، وتليه أزمنة الراحة. وأن الكنيسة التي استؤصلت ستشاد بمجد وتزدان بأبهة، ولا نحزن لهدم كنيستنا على الأرض، إذ أن لنا بنياناً في السماء لم تصنعه الأيادي البشرية. إنها كنيسة الأبكار التي ليست مبنية في ساليق وكوخي، بل في أورشليم السماوية. والآن أنا ماضٍ إلى باب الملك، ولا أعلم ما سيحدث بعدي. أما أنتم فكونوا على استعداد دائم، لابسين درع الإيمان، حتى إذا ما شنت عليكم الحرب، ل ا يستطيع السهم أن يخترق درعكم، بل يرتد على رماته ويتحطم. ابتعدوا عن سائر البدع الوثنية، ولا تخالطوا اليهود أعداء صلب المسيح. أحفظوا وصايا الرب، وأحبوا ذاك الذي أحبنا وبذل نفسه عنا ليحيينا بموته. حافظوا على إيمانكم القويم، واحتملوا في سبيله كل أنواع العذاب والموت. هذا ما أنصحكم به الآن، لأني عالم أنكم لن تروا وجهي من بعد، إذ إني مزمع أن أُضحَّى لأجل شعبي، وفي سبيل إيماني بالله. وليس ما يؤهلني لهذا سوى مراحم يسوع المسيح ربنا. فليكن معكم ومعنا أيضاً بصلواتكم إلى الأبد آمين “.
وحينما سمع الجمع هذه الأقوال، شرعوا كلهم يبكون بمرارة على انفصال الراعي اليقظ، ومغادرة المدبر الهمام، وانتقال الرئيس الحازم والمستقيم، وذهاب المعلم الحكيم، وابتعاد البار القديس. فانتهرهم مار شمعون ودعاهم إلى السكوت. ثم صلى ورفع يديه وباركهم قائلاً: ” ليكن صليب الرب حافظاً لشعبه، وليكن سلام الله مع عبيده، وليثبت قلوبكم بإيمان المسيح في العسر واليسر، في الحياة والموت، الآن وكل أوان وإلى أبد الدهور “.
ثم سيقا مخفوراً إلى منطقة الأهواز مع بعض الكهنة، وهم مكبلين بالقيود إلى باب الملك في كرخ ليدان، هذه المدينة التي بناها ش
ابور حديثاً، واسكن فيها أسرى كثيرين أتى بهم من الغرب. وفي اليوم الثالث من وصول شمعون إلى المدينة، استدعي للمثول أمام الملك. فقال له الملك: ” يا شمعون ما هذا العصيان الذي أبديته نحوي؟ ولماذا تصرفت كالعدو وأثرت شعبك على التمرد عليَّ؟ “.
فرد عليه شمعون بالقول: ” أيها الملك من ذا يتجاسر فيخالف أوامرك، إن كانت هذه الأوامر حسب إرادة الله؟ ولماذا دعتني جلالتك عاصياً أنا الضعيف أصغر عبيد عظمتك “.
فقال له الملك: ” لأنك لم تضطر شعبك إلى دفع الجزية التي فرضناها عليهم “.
فرد عليه شمعون بالقول: ” معاذ الله أيها الملك، أن يكون عبدك ظالماً لشعب الله المتواضع، وأن أكون عاتياً تجاههم وأرغمهم على هذا الأمر “.
وبعد مناقشة طويلة طلب الملك من شمعون السجود للشمس، حفاظاً على حياته، وحياة الألوف من أتباعه. وبعد رفض شمعون طلب الملك بشدة، خاطبه الملك قائلاً: ” لماذا تتمرد عليّ بجسارة فتدفعني إلى تشويه جسدك البهي بالسيف، وإلى تلويث قامتك الجليلة بالدم؟ فإن لم تكرمني الآن أمام عظمائي، ولم تسجد للشمس إله المشرق، فإني غداً في وقت وجيز أفسد جمالك بالسيف “.
فرد عليه شمعون بالقول: ” إني لا اسجد للشمس، فإن شئت فخذ حياتي اليوم أو غداً. وأما قولك إنك تفسد جمالي، فهناك من يبعثني ويقيمني ويوليني بهاءً لا يوصف “. فأمر الملك بزجه في السجن حتى الصباح، لعله يتّعظ ويطيعه.
وهناك التقى بالأساقفة والكهنة والشمامسة الذين كانوا أودعوا السجن قبل مجيئه إلى بلاط الملك، والذين خاضوا غمار الجهاد ببسالة وفرح حتى نالوا إكليل الظفر. ففرح به هؤلاء فرحاً عظيماً. فحياهم شمعون وقبّلهم جميعاً، وشرع يشجعهم بالثبات على الإيمان والرجاء. ليتزينوا بأكاليل الشهادة المعدة لهم في السماء، ويدخلوا وليمة الرب. ثم جثا وشرع يصلي طالباً العون الإلهي ليكون قدوة صالحة لشعبه في هذه المملكة العاتية.
وكان الأساقفة والكهنة والشمامسة متعجبين من بسالته، ومواظبته على الصلاة، وهو باسط يديه إلى السماء طوال هذه المدة، وقد تغير وجهه وصار يضارع الورد نظارة. وبعد أن ختم صلاته التفت إلى أخوته وباركهم وقال لهم: ” افرحوا بربنا يا إخوتي، وأقول أيضاً افرحوا، وتشجعوا وارفعوا رؤوسكم إذ بلغ زمان خلاصنا، وسنقتل غداً في يوم آلام الرب “.
بعد ذلك طلب شمعون من الجميع أن يقيموا الذبيحة الإلهية على أيديهم في السجن، إذ لم يستطع أحد أن يجلب لهم آنية القداس خوفاً من المضطهدين. وهكذا مزجوا الفصح بالفصح والذكرى. ثم قال لهم شمعون: ” يا أحبائي ليرافقنا سر جسد المسيح هذا حتى اليوم الذي فيه نتلقى تجليه، حينما يأتي على سحب السماء مع ملائكته القديسين، ويعيد نفوسنا إلى أجسادنا التي يبعثها من التراب، ثم يصعدنا معه إلى السماء، ويمتعّنا برؤيته الشهية، ويشركنا في مجده، ويبهجنا في ملكوت السماء مدى الأبد آمين “. ثم استأنفوا الصلاة طوال الليل السابق ليوم الجمعة العظيمة ذكرى آلام الرب، وهم يرتلون المزامير والمداريش والتسابيح واقفين على أرجلهم، دون أن يغلبهم النعاس، أو أن تتشتت أفكارهم. وبعد ذلك جثوا كلهم وأخذوا يبتهلون إلى الله ويقولون: ” هب لنا يا رب أن نتألم نحن أيضاً في يوم آلامك، وأن نذوق كأس الموت لأجل اسمك، لكي تردد الأجيال اللاحقة: أن شمعون وأخوته انضموا إلى يسوع، ومثل يسوع قتلوا يوم الجمعة الرابع عشر من نيسان “.
وفي صباح جمعة الآلام استدعوا من السجن إلى قصر الملك، وأرسل الملك من يقول لهم اسجدوا للشمس حتى تخلصوا من الموت. لكن شمعون ورفاقه رفضوا طلب الملك. فطلب الملك أن يحضر شمعون وحده ليمثل أمامه. وما أن وصل عند الملك حتى خاطبه قائلاً: ” يا شمعون المتمرد، أتريد أن تبقى في صداقتنا، أم أن أرسلك إلى الجحيم “.
فرد عليه شمعون بالقول: ” إن الموت خير لي من الحياة مع جحود الله “.
وبعد حوار طويل بين الملك وشمعون، أخذت الملك الدهشة من شجاعة شمعون، ونظر إلى العظماء والنبلاء الجالسين معه وقال لهم متنهداً: ” إني اقسم بالآلهة والشمس، بأني قد رأيت شعوباً غريبة وأراضي بعيدة، وأبناء بلادنا. ولكني لم أرى جمالاً مثل هذا، ورشاقة مثل هذه. فانظروا كيف أنه لا يشفق على نفسه في سبيل الضلال الذي هو متمسك به “.
فأجابه الحاضرين بالقول: ” أيها الملك لا تنظر إلى جمال جسده، بل أنظر إلى جمال النفوس الكثيرة التي يفسدها ويبعدها عن تعليمنا “.
حينئذ أصدر الملك أمراً بقطع رأس شمعون ورؤوس أخوته. وكان ذلك في الساعة السادسة من يوم الجمعة العظيمة. ففي الوقت الذي فيه مضى يسوع إلى آلام الصليب، خرج هؤلاء الظافرون أيضاً إلى القتل. وأمر الملك بأن يقتل الجميع قبل شمعون، لعل عزيمته ترتخي أمام منظر قتلهم.
وعند خروجهم من المدينة كان شمعون يتقدمهم مثل قائد مغوار، وهو يشجعهم بصوت عال في الطريق ويقول لهم: ” تقوَّوا بالله يا أخوتي ولا تخافوا. هوذا الرب يقول لكم: ثقوا أنا غلبت العالم. فإننا نموت في سبيل المخلص، ونقتل في سبيل المسيح. وأيضاً أنا القيامة والحياة، من آمن بي وإن مات فسيحيا. فكم بالأحرى يحيا ذاك الذي قتل من أجل اسمه القدوس المجيد “.
وما أن وصلوا إلى خارج كرخ ليدان، وكان يحيط بهم ألوف من الوثنيين ومن المسيحيين المسبيين، وهم يتعجبون بهؤلاء الناس الذين يقتلون لأجل الله، وهم مسرورون ضاحكون وغير خائفين. دنا العظماء لكي يأخذونهم إلى القتل. وإذا بواحد من وسط المعترفين يرفع صوته بين أخوته ويقول لمار شمعون: ” لقد ابتهجنا كثيراً بتعليمك يا أبانا الجاثليق، فلنتقدم الآن إلى التحقيق الفعلي “.
فدنا منه
شمعون وقبله وقال: ” تبارك فمك المقدس يا بني، فالكلام المشجع الذي خرج منه يشهد لصدق نفسك وثباتها “. ثم التفت مار شمعون مع جميع رفاقه نحو المشرق، وجثوا على وجوههم ساجدين. وصلى شمعون إلى الرب طالباً عونه وتعزيته، ليثبت هو ورفاقه على الإيمان. وليقبل ذبيحة أجسادهم كتقادم طاهرة ومقبولة.
وما أن أنهى صلاته حتى قال له الحاضرون: ” بارك يا سيد، بارك يا سيد “. فرفع شمعون يمينه وباركهم قائلاً: ” لتكن القوة القاهرة في عوننا إلى الأبد آمين “. ثم أخذ الحكام يقدمون عشرة عشرة من الشهداء للسيف، وكان القديسون يتقدمون فرحين مسبحين الله. وكان المغادرون منهم يقبلون الباقين.
أما مار شمعون فكان يشجعهم ويقول: ” دوسوا يا أبنائي شوكة الموت الذي حطمه يسوع بموته “. وبعد أن استشهد مائة منهم، رفع شمعون صوته، وقد رأى جثثهم ملقاة أكداساً أكداساً وقال: ” أين شوكتك يا موت، وأين غلبتك يا جحيم؟ الشكر لله الذي أولانا النصر بيسوع المسيح ربنا. ما أحسن وما أجمل الأخوة الذين تكللوا معاً! وما أبهى إكليل الشهادة الذي كمل في المائة! “.
وأخيراً بقي شمعون مع اثنين من الكهنة المسنين، اسم أحدهما حننيا والآخر عبد هيكلا. وحينما شرعوا يعرون حننيا من ثيابه صار جسمه يرتجف، ولكنه ظل رابط الجأش. وكان ثمة رجل من العظماء اسمه فوسي، وهو رئيس المهنيين، وكان الملك قد رفع منزلته في تلك الأيام. فهذا إذ رأى الكاهن الشيخ يرتعد قال له: ” يا حننيا لا تخف، أغمض عينيك برهة فتشاهد نور المسيح “. وهكذا استشهد حننيا.
أما فوسي فقد ألقي القبض عليه بأمر من رئيس الحكام، فشدوا وثاقه، ريثما يرفع أمره إلى الملك. وبعد حننيا جاء دور عبد هيكلا الذي نال إكليل الشهادة أيضاً. حينئذ تقدم شمعون الجبار وصلى قائلاً: ” أيها الرب يسوع، يا من صلى لأجل صالبيه، وعلمنا أن نصلي من أجل أعدائنا، وتقبّل روح اسطيفانوس خادمه الذي صلى لأجل راجميه. تقبل أرواح أخوتنا هؤلاء، وتقبل معهم روحي أيضاً مع جميع شهدائك الذين تكللوا في المغرب ومع الرسل القديسين والأنبياء والطوباويين. ولا تحسب هذه الخطيئة على مضطهدي شعبك وقاتلي أجسادنا، بل هب لهم يا رب أن يرجعوا إلى معرفتك. بارك يا رب المدن وجميع قرى أرض المشرق التي سلمتها لي، وأحفظ مؤمنيها كحدقة العين. واسترهم بحمايتك إلى أن يزول الاضطراب. وكن معهم إلى منتهى العالم بحسب وعدك. بارك يا رب هذه المدينة أيضاً التي فيها استشهدنا، وليكن صليبك حافظاً لها في الإيمان الحق، الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين “.
ثم ابتدأ شمعون يرتل العونيثا ” اَكِغ ىَظسصًيرٌغ ” ” لئن خلعتم ” التي تقال في قداس الأحد الجديد، وأيضاً في قداس يوم تذكاره وهي من تأليفه: ” لئن خلعتم كسوتكم الظاهرة، فلا تشلحوا حليتكم الباطنة أيها المنصبغون. فإنه إذا كنتم لابسين هذه الجثة الخفية لم تغلبكم المحن الكثيرة؛ أي كلام سمعتم، وتعرفون أي ذبح حي أطعمتم! احذروا من الشرير لئلا يزلقكم كآدم، ويجعلكم غرباء من الملكوت المجيدة، فإنه غرب ذاك من الفردوس، ويريد إبعادنا فيما بعد. ولهذا فأجاروا معنا إلى المسيح ليثبت أنفس جمعنا بروحه القدوس “.
وما أن أنهى مار شمعون هذه الكلمات حتى حز السيف رأسه، ونال إكليل الشهادة والظفر. وكانت الساعة التاسعة من يوم جمعة آلام الرب.
أما جثث الجاثليق مار شمعون برصباعي ورفاقه الأساقفة مار كدياب ومار سابينا أسقفي بيث لاباط، ومار يوحنا أسقف هرمزاردشير، ومار بوليدع أسقف فرات ميشان، والكهنة والشمامسة القديسين فقد اختطفها في تلك الليلة أناس من الأسرى الروم القاطنين في كرخ ليدان ودفنوها بإكرام. ملتمسين بركة من أجساد هؤلاء الشهداء القديسين.
ويحتفل بتذكار الجاثليق الشهيد مار شمعون برصباعي في الجمعة السادسة من سابوع القيظ ( الصيف ).
تذكار الجاثليق مار شمعون برصباعي الشهيد
الشماس نوري إيشوع مندو
روما، الخميس 27 أغسطس 2009 (Zenit.org). – عن موقع مارنرساي – الجاثليق شمعون برصباعي: هو من أهل السوس أو من المدائن. ولا نعرف شيئاً أكيداً عن تاريخ ولادته، إنما نلقاه في مستهل القرن الرابع تلميذاً للجاثليق فافا ثم أركذياقوناً له. وهناك رواية تقول إنه عاش أكثر من 117 سنة. أما لقب برصباعي فقد جاءه من أبويه اللذين كانا يصبغان الملابس لاستعمال الملوك، حسبما جاء في المخطوط الكلداني الأول المحفوظ في المكتبة الفاتيكانية ص 82: ” حسناً دعي شمعون ابن الصباغين، لأن أبويه كانا يصبغان الحرير بصبغ أجنبي لباساً للمملكة الأثيمة، وهو صبغ ثياب نفسه بدم شخصه لباساً للمملكة المقدسة “.