بقلم روبير شعيب
الفاتيكان، الأربعاء 5 مايو 2010 (Zenit.org). – لا يجب على الكاهن أن يكتفي بتعليم شعب الله، أي بممارسة الوظيفة النبوية، بل يجب أن يفعل موهبة التقديس التي ينالها عندما يتلقى الدرجات الكهنوتية. هذا هو كنه ما قاله بندكتس السادس عشر اليوم في تعليم الأربعاء في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، متوقفًا للحديث عن وظيفة وموهبة التقديس (munus sanctificandi) والتي تشكل واحدة من الوظائف الثلاث الأساسية التي توكلها الكنيسة إلى حاملي الدرجات الكهنوتية: التعليم، التقديس، والرعاية.
شرح البابا في مطلع تعليمه أننا أعضاء حية في جسد المسيح القائم، الحي والفاعل في التاريخ ولكل منا وظيفته، أي المهمة التي أراد الرب أن يوكلها إلينا.
القداسة: دخول في رحاب الألوهة
ثم شرح الأب الأقدس معنى كلمة “قديس” فقال: “قديس” هي “صفة خاصة بكيان الله، أي الحق، الصلاح، الحب، والجمال المطلق والنور الصافي” وعليه فتقديس شخص ما يعني بالتالي “وضعه في تواصل مع الله، مع كيانه الذي هو نور، حق وحب صافٍ”.
وشرح بندكتس السادس عشر: “في القدم، كانت هناك قناعة راسخة: ما من أحد يستطيع أن يرى الله دون أن يموت. قوة الحق والنور هي عظيمة وكبيرة جدًا! إذا لمس الإنسان هذا التيار المطلق، لا يمكنه أن يبقى حيًا. من ناحية أخرى، كانت هناك أيضًا هذه القناعة: من دون أدنى اتصال بالله، لا يمكن للإنسان أن يعيش”.
وانطلاقًا من هذه المفارقة قدم البابا دور الكاهن “التقديسي”. بينما لا يستطيع الإنسان إنطلاقًا من ذاته، انطلاقًا من قواه الذاتية يستطيع أن يضع الآخر باتصال بالله. تشكل وظيفة خلق هذا الاتصال جزءًا جوهريًا من نعمة الكهنوت.
وسائل التقديس: الكلمة والسر
ثم قدم البابا وسائل هذا التقديس، فتوقف على إعلان كلمة الله، “التي يأتي من خلالها نور الله ليلاقينا “.
ثم أوضح أن هذا اللقاء بالله والدخول في صميم حياته يتحقق “بشكل مكثف” في الأسرار.
ففي الكلمة والأسرار هو المسيح بالذات الذي يأتي ليقدّس أي “ليجذب إلى بُعد الله”.
وفي هذا الإطار، وبفعل رحمة لامتناه من الله، يضحي الكهنة، وهم بشر ضعفاء، شركاء في كهنوت المسيح، في خدمة التقديس، فيوزعون الأسرار ويضحون جسورًا للقاء بالله، ووسطاء في الوسيط الوحيد بين الله والبشر.
إعلان ملكوت الله وتحقيقه
ثم اعتبر البابا الموضوع من وجهة أخرى، فشرح أن إعلان يسوع لملكوت الله لم يكن مجرد خطاب أو إعلان كلامي. فملكوت الله يتضمن في الوقت عينه عمل ملكوت الله؛ “العلامات، العجائب التي يقوم بها يسوع تشير إلى أن الملكوت يأتي كواقع حاضر ويطابق أخيرًا شخصه بالذات، مع هبة نفسه”
وهذا الأمر ينطبق على حاملي الدرجات الكهنوتية. فالكاهن “يمثل المسيح، مرسل الآب، ويتابع رسالته، من خلال “الكلمة” و “السر”، في ملء الجسد والنفس، الرمز والكلمة”.
في الاحتفال بالافخارستيا وبليتورجية الكلمة، وبالأسرار الأخرى يتواتر عمل خلاص المسيح من خلال الكنيسة. قمة هذا التحقيق هي الافخارستيا وسر المصالحة.
ثم لخص البابا تعليمه بالقول: “يجب على كل كاهن أن يذكر أنه لا يمكن الفصل أبدًا في رسالته بين الإعلان الإرسالي والعبادة والأسرار. بل يترتب عليه أن يعزز رعويات أسرارية سليمة، لكي ينشئ شعب الله ويساعده على عيش ملء الليتورجية، عبادة الكنيسة، والأسرار كهبات مجانية من قبل الله، وكأفعال حرة وفاعلة لعمله الخلاصي”.
وختم التعليم داعيًا المؤمنين للصلاة من أجل الكهنة ليكونوا أمناء لمهمة التقديس الموكلة إليهم.